للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ليلة إحدى وعشرين]

٦٨٤٢ - (خ م ط د س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «اعتكفنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- العَشْرَ الأوسَط، فلما كان صبيحة عشرين، نقلنا متاعَنا، فأتانا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فقال: من كان اعتكف فلْيرجِعْ إلى مُعْتَكَفِه فإني رأيتُ هذه الليلة، ورأيتُني أسجدُ في ماء وطين، فلما رجع إلى مُعتَكَفه هاجتِ السَّماءُ، فوالذي بعثه بالحق، لقد هاجت السَّماء من آخر ذلك اليوم، وكان المسجد على عَريش، فلقد رأيتُ على أنْفِه وأرْنَبَتِه أثَرَ الماءِ والطين» .

وفي رواية نحوه، إلا أنه قال: «حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين - وهي الليلة التي خرج في صبيحتها من اعتكافه - قال: من كان اعتكف معي فليعتكف العَشْرَ الأواخِرَ» وفي أخرى نحوه، إلا أنه قال: «كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- يُجاوِرُ في رمضان العَشْر التي في وسط الشهر، فإذا كان حين يُمْسي من عشرين ليلة تمضي، ويستقبل إحدى وعشرين، رجع إلى مسكنه، ورجع ⦗٢٤٧⦘ من كان يُجاورُ معه، وأنه أقام في شهر جاور فيه الليلة التي كان يرجع فيها، فخطب الناسَ، وأمرهم بما شاء الله، ثم قال: كنت أجَاورُ هذه العشر، ثم بدا لي أن أجاوِرَ هذه العشر الأواخر، فمن كان اعتكف معي فليلبثْ في مُعْتَكَفِهِ ... ثم ذكره» وفيه: «فوكَفَ المسجد في مصلَّى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ليلة إحدى وعشرين ... الحديث» .

وفي رواية قال أبو سلمة: «انْطَلَقْتُ إلى أبي سعيد، فقلت: ألا تخرج بنا إلى النخل فنتحدَّث؟ فخرج، فقلت: حدِّثْني ما سمعتَ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في ليلة القدر، قال: اعتكف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- العَشْرَ الأول من رمضان، واعتكفنا معه، فأتاه جبريلُ عليه السلام، فقال: إن الذي تطلب أمامَكَ، فاعتكفَ العَشْرَ الأوسَطَ، واعتكفنا معه، فأتاه جبريلُ عليه السلام فقال: إن الذي تطلب أمَامَك، ثم قام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- خطيباً صبيحةَ عشرين من رمضان، فقال: من كان اعتكف مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فليرجع، فإني رأيت ليلة القدر، وإني أُنْسِيتُها، وإنها في العَشْرِ الأواخِرِ في وتر، إني رأيتُ كأني أسجد في طين وماء، وكان سَقْفُ المسجد جريدَ النَّخْل، وما نرى في السماء شيئاً، فجاءتْ قَزَعة فمُطِرْنا، فصلى بنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- حتى رأيتُ أثر الطين والماء على جبهة النبي - صلى الله عليه وسلم- وأرْنَبَتِه، تَصْدِيقَ رؤياه» .

قال الحميدي: كان البخاري يحتج بهذا الحديث، فيقول: لا تمسح الجبهة ⦗٢٤٨⦘ في الصلاة، بل تمسح بعد الصلاة، لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- رُئِيَ الماءُ والطين في أرنَبته وجَبْهَتِهِ بعد ما صلَّى، وأعاد البخاري طرفاً منه في الصلاة من رواية أبي سلمة عن أبي سعيد قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- سجد في الماء والطين، حتى رأيتُ أثرَ الطين في جَبْهته. وعند مسلم: «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العَشْرَ الأوسطَ في قُبَّة تُرْكيَّة على سُدَّتها حَصير، فأخذ الحَصير بيده، فنحَّاها في ناحية القُبَّة، ثم أطْلَع رأسه، فكلَّم الناس، فَدَنَوْا منه، فقال: إني اعتكفت العشرَ الأول ألتمس هذه الليلة، ثم إني اعتكفتُ العَشْرَ الأوْسَطَ، ثم أُتيتُ، فقيل [لي] : إنها في العشر الأواخِرِ، فمن أحبَّ منكم أن يعتكف فليعتكف، فاعتكفَ الناسُ معه، وقال: إني أُريتُها ليلة وِتر، وأنِّي أسجد في صبيحتها في طين وماء، فأصبح من ليلة إحدى وعشرين، وقد قام إلى الصبح، فمطَرَت السَّماءُ، فَوَكَفَ المسجد، فأبصرتُ الطينَ والماءَ، فخرج حين فرغ من صلاة الصُّبح وجبينُه ورَوْثَةُ أنْفِه فيهما الطِّينُ والماءُ، وإذا هي ليلة إحدى وعشرينَ من العشر الأواخر» وله في أخرى قال: «اعتكف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- العَشْرَ الأوْسَطَ من رمضان، يلتمس ليلةَ القدر قبل أن تُبان له. قال: فلما انْقَضَيْنَ أمر بالبناء فَقُوِّضَ، ثم أُبيْنَت له أنها في العشر الأواخر، فأمر بالبناء فأعيدَ، ثم خرج على الناس، فقال: يا أيها الناس، إنها كانت أُبينت لي ليلةُ القدر، وإني خرجت لأخبركم بها، فجاء ⦗٢٤٩⦘ رجلان يَحْتَقَّان، معهما الشَّيطانُ، فنُسِّيتها، فالتمسوها في العَشْر الأواخِرِ [من رمضانَ] ، التمسوها في التَاسِعَةِ والسّابِعَةِ والخَامِسةِ، قال: قلت: يا أبا سعيد، إنكم بالعدد أعلم منا، قال: أجَلْ، نحن أحق بذلك منكم، قال: قلت: ما التَّاسِعةُ والسَّابِعةُ والخامِسَةُ؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون، فالتي تليها: ثِنْتانِ وعشرون، فهي التاسعة، فإذا مضى ثلاث وعشرون، فالتي تليها السَّابِعة، فإذا مضى خمس وعشرون، فالتي تليها: الخامسةُ» وقال في رواية مكان «يحتقان» : «يَخْتَصِمان» وأخرج «الموطأ» وأبو داود والنسائي قال: «كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاماً، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين - وهي الليلة يخرج فيها من صبيحتها من اعتكافه - قال: من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر وقد أُرِيتُ هذه الليلة، ثم أُنسيتها، وقد رأيتُني أسجد من صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر» وقال أبو سعيد: «فأمطَرتِ السماءُ تِلْكَ الليلة، وكان المسجدُ على عَرِيش، فوكَفَ المسجدُ، قال أبو سعيد: فأبْصَرَتْ عينايَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- انصرف وعلى جبهته وأنفه أثَرُ الماءِ والطِّينِ من إحدى وعشرين» .

وأخرج أبو داود أيضاً نحو رواية مسلم الآخرة، وأول حديثه قال: ⦗٢٥٠⦘ «التمسوها في العَشْرِ الأواخِر» (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(هاجت السماء) أي: تغيمت وبدت فيها أمارات المطر.

(العريش) : السقف المعمول من سعف ونحوه على أساطين من خشب أو غيرها.

(أرنبة الأنف) : طرفه.

(المجاورة) هاهنا: الاعتكاف.

(القزعة) : القطعة من الغيم.

(رَوثة الأنف) : طرف أرنبته.

(تقويض البناء) : هدمه، وأراد به هاهنا: قلع الخباء الذي كان قد ضرب له ليعتكف فيه. ⦗٢٥١⦘

(حاقَّ) فلان فلاناً: إذا خاصمه ونازعه، وادَّعى كل واحد منهما الحق لنفسه.


(١) رواه البخاري ٤ / ٢٢٢ - ٢٢٥ في صلاة التراويح، باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر، وباب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، وفي الجماعة، باب هل يصلي الإمام لمن حضر وهل يخطب يوم الجمعة في المطر، وفي صفة الصلاة، باب السجود على الأنف والسجود على الطين، وباب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى، وفي الاعتكاف، باب الاعتكاف في العشر الأواخر والاعتكاف في المساجد كلها، وباب الاعتكاف وخروج النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين، وباب من خرج من اعتكافه عند الصبح، ومسلم رقم (١١٦٧) في الصيام، باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها، والموطأ ١ / ٣١٩ في الاعتكاف، باب ما جاء في ليلة القدر، وأبو داود رقم (١٣٨٢) و (١٢٨٣) في الصلاة، باب ما جاء في ليلة القدر، والنسائي ٣ / ٧٩ و ٨٠ في السهو، باب ترك مسح الجبهة بعد التسليم.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>