للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفصل الثاني: في الإفاضة من عرفة، ومزدلفة]

١٥٣٧ - (خ ط د س) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- قال: «كتَبَ عبدُ الملك إلى الحجاج: أنْ لا تُخَالِفَ ابن عمر في الحج، فجاء ابنُ عمر- وأنا معه يوم عرفة - حين زالت الشمسُ، فصاح عند سُرَادِقِ الحجاج (١) فخرج وعليه ملْحَفَةٌ معَصفَرَةٌ، فقال: مَالَكَ يا أبا عبد الرحمن؟ قال: الرَّواح إن كنتَ تُريدُ السُّنَّة (٢) ، قال: هذه الساعةَ؟ قال ⦗٢٤٦⦘ نعم، قال: فَأَنْظِرْني حتى أُفيضَ على رأسي ماء، ثم أَخْرُجَ، فَنَزَلَ حتى خَرَجَ الحُجَّاجُ، فَسارَ بَيني وبَيْنَ أبي، فقلتُ: إنْ كنتَ تُرِيد السُّنة فاقصُرِ الْخُطْبَةَ، وعَجِّل الوقوفَ، فجعل ينظُرُ إلى عبد الله، فلما رأى عبدُ الله ذلك، قال: صدَقَ» .

وفي رواية «أنَّ الحَجَّاج - عامَ نَزَلَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ - سأل عبدَ الله: كيف تَصْنَعُ في الموقِفِ يوم عرفة؟ قال سالم: إن كنت تريد السُّنَّةَ، فَهَجِّرْ بالصلاةِ يوم عرفَةَ، فقال عبدُ الله: صدق إنهم كانوا يَجْمَعُون بين الظُّهرِ والعَصْرِ في السُّنَّة، فقلتُ لسالمٍ: أفَعَلَ ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال سالم: وهل تَتَّبعُون في ذلك إلا سُنَّتَهُ؟» . أخرجه البخاري.

وأخرج الموطأ والنسائي الرواية الأولى.

وأخرج أبو داود قال: «لمَّا قَتَل الحَجَّاجُ ابنَ الزُّبيرِ، أرْسَلَ إلى ابن عمر أيَّةَ ساعةٍ كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَروحُ في هذا اليوم؟ قال: إذا كان ذاك رُحْنا، قال: فلما أراد ابنُ عمر أن يَروحَ، قال: قالوا: لم تَزغِ الشمسُ، قال: أزَاغتْ؟ قالوا: لم تَزغ، أَوْ زَاغتْ، فَلَمَّا قالوا: قد زاغتْ، ارتحل» (٣) . ⦗٢٤٧⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(أنظروني) : الأنظار: التأخير.

(زاغت) الشمس: إذا مالت عن وسط السماء، وهو وقت الزوال.


(١) أي: خيمته.
(٢) قال الحافظ في " الفتح " وفي رواية ابن وهب: إن كنت تريد أن تصيب السنة.
(٣) أخرجه البخاري ٣ / ٤٠٨ و ٤٠٩ في الحج، باب التهجير بالرواح يوم عرفة، وباب قصر الخطبة ⦗٢٤٧⦘ بعرفة. والموطأ ١ / ٣٩٩ في الحج، باب الصلاة في البيت وقصر الصلاة وتعجيل الخطبة بعرفة، وأبو داود رقم (١٩١٤) في المناسك، باب الرواح إلى عرفة، والنسائي ٥ / ٢٥٢ في الحج، باب الرواح يوم عرفة، وباب قصر الخطبة بعرفة، وأخرجه أيضاً ابن ماجة رقم (٣٠٠٩) في المناسك، باب المنزل بعرفة. قال الحافظ في " الفتح " ٣ / ٤٠٩: قال ابن بطال: وفي هذا الحديث الغسل للوقوف بعرفة، لقول الحجاج لعبد الله: أنظرني، فانتظره، وأهل العلم يستحبونه. اهـ. ويحتمل أن يكون ابن عمر إنما انتظره لحمله على أن اغتساله عن ضرورة. نعم روى مالك في " الموطأ " عن نافع أن ابن عمر كان يغتسل لوقوفه عشية عرفة، قال: وفيه أن إقامة الحج إلى الخلفاء، وأن الأمير يعمل في الدين بقول أهل العلم، ويصير إلى رأيهم، وفيه مداخلة العلماء بالسلاطين وأنه لا نقيصة عليهم في ذلك. وفيه فتوى التلميذ بحضرة معلمه عند السلطان وغيره، وفيه الفهم بالإشارة، وفيه طلب العلو في العلم لتشوف الحجاج إلى سماع ما أخبره به سالم عن أبيه ابن عمر، ولم ينكر ذلك ابن عمر. وفيه تعليم الفاجر السنن لمنفعة الناس، وفيه احتمال المفسدة الخفيفة لتحصيل المصلحة الكبيرة، يؤخذ ذلك من مضي ابن عمر إلى الحجاج وتعليمه، وفيه الحرص على نشر العلم لانتفاع الناس به، وفيه صحة الصلاة خلف الفاسق، وأن التوجه إلى المسجد الذي بعرفة حين تزول الشمس للجمع بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر سنة، ولا يضر التأخر بقدر ما يشتغل به المرء من متعلقات الصلاة كالغسل ونحوه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مالك «الموطأ» (٢٥٩) . والبخاري (٢/١٩٨) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. وفي (٢/١٩٩) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة. والنسائي (٥/٢٥٢) قال: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرني أشهب. وفي (٥/٢٥٤) قال: أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، قال: حدثنا ابن وهب. وابن خزيمة (٢٨١٠) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب. وفي (٢٨١٤) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا أشهب.
أربعتهم - عبد الله بن يوسف، وعبد الله بن مسلمة، وأشهب، وعبد الله بن وهب - قالوا: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>