للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غزوة ذي قَرَد

قال البخاري: وهي الغزوة التي أغاروا [فيها] على لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل خيبر بثلاث (١) .

٦١٢٤ - (خ م د) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: «خرجتُ قبل أن يُؤذَّنَ بالأُولى، وكانت لِقَاحُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- تَرْعى بذي قَرَد، فلقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف، فقال: أُخِذَتْ لقاحُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فقلتُ: مَن أخَذَها؟ قال: غَطَفانُ، قال: فصرختُ ثلاثَ صَرَخَات: يا صباحاه، قال: فأسمعتُ ما بين لابَتي المدينة، ثم اندفعتُ على وجهي، حتى أدركتُهمْ وقد أخذوا يسقون (٢) من الماء، فجعلت أرميهم بَنَبْلي - وكنتُ رامياً - وأقول:

أنا ابنُ الأكوعِ ... اليومُ يومُ الرُّضَّعِ

وأرتجز، حتى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ منهم، واسْتَلَبْتُ منهم ثلاثين بُرْدَة، ⦗٣٣٣⦘ قال: وجاء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- والناسُ، فقلت: يا نبيَّ الله، إني قد حَمَيْتُ القومَ الماءَ وهم عِطَاش، فابعثْ إليهم الساعةَ، فقال: يا ابنَ الأكوع: مَلكتَ فأسْجِحْ، قال: ثم رجعنا، ويُرْدِفُني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على ناقته، حتى دخلنا المدينة» .

وفي رواية: أنَّ سلمةَ بن الأكوع قال: «خرجتُ من المدينة أريدُ الغابةَ، حتى إذا كنتُ بِثَنيَّة الغابةِ، لقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف، فقلتُ: وَيْحَكَ، ما بكَ؟ قال: أُخِذَت لِقاحُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، فقلتُ: مَن أخَذَها؟ قال: غطفانُ وفَزَارةُ، قال: فصرختُ ثلاثَ صَرَخَات ... ثم ذكر نحوه» وفي آخره: «ملكتَ فأسْجِح، إن القوم يَغْزُونَ» .

قال الحميديُّ في كتابه: الصواب: «يُقْرَونَ» (٣) بالقاف والراء. أخرجه البخاري ومسلم.

وأخرج أبو داود عن سلمة بن الأكوع هذا الحديث نحو ما أخرجه مسلم في حديث الحديبية، وهذا لفظه، قال سلمةُ: «أغارَ عبد الرحمن بنُ عُيينة على إبلِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فقتل راعيها، وخرج يَطْرُدها هو وأُناس ⦗٣٣٤⦘ معه في خَيل (٤) ، فعجلتُ وجهي قِبَلَ المدينةِ، ثم ناديْتُ ثلاثَ مرات: يا صباحاه، ثم اتَّبَعْتُ القومَ، فجعلتُ أرْمي وأعقِرُهم، فإذا رجع إليَّ فارس جلستُ في أصل شجرة، حتى ما خلق الله شيئاً من ظهر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- إلا خَلّفْتُه وراءَ ظهري، وحتى ألْقَوْا أكثرَ من ثلاثين رُمحاً وثلاثين بُردة، يستخِفُّون منها، ثم أتاهم عُيَيْنَةُ مَدداً، فقال: لِيَقُمْ إليه نَفَر منكم، فقام منهم أربعة فَصَعِدوا الجبلَ، فلما أسمعتُهم، قلتُ: أتعرفوني؟ قالوا: ومَن أنتَ؟ قلتُ: أنا ابنُ الأكوع، والذي كَرَّمَ وجهَ محمدّ - صلى الله عليه وسلم- لا يطلبني رجل منكم فيُدركني، ولا أطلبُه فيفوتني، فما برحتُ حتى نظرتُ إلى فوارس رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- يتخلَّلون الشجرَ، أوَّلُهم: الأخرَمُ الأسديُّ، فيلحق بعبد الرحمن بن عيينةَ، ويعطف عليه عبد الرحمن، فاختلفا طَعْنَتَيْن، فَعَقَرَ الأخرمُ عبد الرحمن (٥) ، وطعنه عبد الرحمن فقتلَهُ، فتحوَّلَ عبد الرحمن على فرس الأخرم، فيلحق أبو قتادةَ بعبد الرحمن، فاختلفا طعنتين، فَعقَر بأبي قتادةَ، وقتله أبو قتادةَ، فتحوَّلَ أبو قتادةَ على فرس الأخرم، ثم جئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- وهو على الماء (٦) الذي جَلَّيتُهم (٧) عنه: ذُو قَرَد، قال: ونبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم- في خمسمائة، فأعطاني ⦗٣٣٥⦘ سهم الفارس والرَّاجل» (٨) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(لِقَاح) اللِّقاحُ من النوق: الحوامل، واحدها: لَقُوحُ ولاقح، وقيل: اللِّقَاحُ: ذوات الألبان، الواحدة: لَقُوح ولَقِحَة، بكسر اللام وفتحها، واللَّواقح: الحوامل.

(فأسْجِح) أحسنِ العفوَ، وسَهِّلِ الأمرَ، فقد قَدرتَ ومَلكتَ الأمر.


(١) قال الحافظ في " الفتح ": كذا جزم به، ومستنده في ذلك حديث إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه فإنه قال في آخر الحديث الطويل الذي أخرجه مسلم من طريقه: قال: فرجعنا، أي من الغزوة إلى المدينة فوالله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر.
(٢) في نسخ البخاري المطبوعة: يستقون.
(٣) قال الحافظ في " الفتح ": وقوله: يقرون، بضم أوله والتخفيف، من القرى، والراء مفتوحة ومضمومة، وقيل: معنى الضم: يجمعون الماء واللبن، وقيل: يغزون، بغين معجمة وزاي، وهو تصحيف.
(٤) في المطبوع: في جبل، وهو تصحيف.
(٥) في المطبوع: فعقر الأخرم فرس عبد الرحمن، وهو خطأ.
(٦) في المطبوع: وهو الماء، وهو خطأ.
(٧) أي: نفيتهم وأبعدتهم عنه، وفي بعض النسخ: حلأتهم، بالحاء المهملة واللام المهموزة، وفي ⦗٣٣٥⦘ نسخة الخطابي: حليتهم، قال الخطابي: معناه: طردتهم عنه، وأصله الهمزة ويقال: حَلأت الرجل عن الماء: إذا منعته الورود.
(٨) رواه البخاري ٧ / ٣٥٣ - ٣٥٥ في المغازي، باب غزوة ذات قرد، وفي الجهاد، باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه حتى يسمع الناس، ومسلم رقم (١٨٠٦) في الجهاد، باب غزوة ذي قرد وغيرها، وأبو داود رقم (٢٧٥٢) في الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٤/٤٨) مختصرا. قال: حدثنا عبد الصمد. وفي (٤/٥١، ٥٢) قال: حدثنا هاشم بن القاسم. ومسلم (٥/١٨٩) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا أبو عامر العقدي. (ح) وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا أبو علي الحنفي، عبيد الله بن عبد المجيد. وفي (٥/١٩٥) قال: حدثنا أحمد بن يوسف الأزدي السلمي، قال: حدثنا النضر بن محمد. وأبو داود (٢٧٥٢) مختصرا، قال: حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا هاشم بن القاسم.
خمستهم - عبد الصمد، وهاشم، وأبو عامر العَقَدي، وأبو علي الحنفي، والنضر - عن عكرمة بن عمار، قال: حدثني إياس بن سلمة، فذكره.
(*) قال إبراهيم - ابن محمد بن سفيان - راوي صحيح مسلم -: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عكرمة بن عمار، بهذا الحديث بطوله. صحيح مسلم (٥/١٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>