لما وفق الله سبحانه وتعالى للشروع في هذا الكتاب، وسهل طريقه، فكنت فيه طالباً أقرب المسالك وأهداها إلى الصواب، أول ما بدأت به أنني حذفت الأسانيد، كما فعله الجماعة المقدَّم ذكرهم - رحمة الله عليهم - ولنا في الاقتداء بهم أسوة حسنة، لأن الغرض من ذكر الأسانيد كان أولاً لإثبات الحديث وتصحيحه، وهذه كانت وظيفة الأولين رحمة الله عليهم (١) -، وقد كفونا تلك المؤنة، فلا حاجة بنا إلى ذكر ما قد
(١) بل هي وظيفة كل عالم في كل عصر إذا تمكن في هذا العلم وقويت معرفته، فله أن يحكم بالصحة أو بالضعف على الحديث بعد الفحص عن إسناده وعلله، قال النووي رحمه الله في رده على ابن الصلاح: والأظهر عندي جواز التصحيح لمن تمكن وقويت معرفته، قال العراقي: وهذا هو الذي عليه عمل أهل الحديث، فقد صحح غير واحد من المعاصرين لابن الصلاح ومن بعده أحاديث لم يجر لمن تقدمهم فيها تصحيح كأبي الحسن بن القطان، والضياء المقدسي، وزكي الدين عبد العظيم المنذري ومن بعدهم. انظر المقدمة ص ١٢، ١٣.