للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفرع الثالث: في آداب الإمام]

[تخفيف الصلاة]

٣٨٣٢ - (خ م د س) جابر - رضي الله عنه -: قال: «كان معاذُ بن جَبَل يصلِّي مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم يأتي فيؤمُّ قومَه، فصلَّى ليلة مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- العِشاءَ، ثم أتى قومَه فأمَّهم، فافتتح بـ {سورة البقرة} ، فانحرف رجل فسلَّم، ثم صلَّى وحدَه وانصرف، فقالوا له: أنافقتَ يا فلان؟ قال: لا والله، ولآتينَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- فلأُخْبِرَنَّهُ، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسولَ الله إنَّا أصحابُ نواضحَ نعمل بالنَّهار، وإن معاذاً صلى معك العشاءَ، ثم أتى فافتتح بـ {سورة البقرة} ، فأقبلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- على معاذ، فاقل: يا معاذُ، أفتَّان أنت؟ اقرأْ بكذا، واقرأ بكذا، قال سفيان: فقلت لعمرو [بن دينار] : إن أبا الزُّبَيْر حدثَّنا عن جابر أَنّه قال: اقرأ {والشمس وضحاها} {والضحى} ، {والليل إذا يغشى} و {سبح اسم ربك الأعلى} فقال عمرو نحو هذا» . أخرجه البخاري ومسلم، وللبخاري قال: «أقبل رجل بناضحين وقد جنحَ الليلُ، ⦗٥٨٧⦘ فوافق معاذاً يصلِّي ... » وذكر نحوه، وقال في آخره: «فلولا صلَّيتَ بـ {سبح اسم ربك الأعلى} ، {والشمس وضحاها} {والليل إذا يغشى} فإنه يصلِّى وراءك الكبير والضعيف وذوُ الحاجة» ، أحسب في الحديث قال البخاري: وقال عمرو [بن دينار] وعبد الله بن مِقْسم وأبو الزبير عن جابر «قرأ معاذ في العشاء بـ {البقرة} » وأخرجه مسلم نحو ما تقدَّم بطوله، وفيه ذكْر السُّورِ التي تقدَّمت، ومنهم من رواه عن عمرو [بن دينار] عن جابر مختصراً «أن معاذاً كان يصلِّي مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- عِشاءَ الآخرة، ثم يَرْجِعُ إلى قومه فيصلِّي بهم تلك الصلاةَ» . وقد تقدّم ذلك.

وفي رواية أبي داود قال: «كان معاذ يصلَّي مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، ثم يرْجعُ فيؤمُّنا - وقال مرة: ثم يرجع فيصلِّي بقومه، فأخَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، ليلةً الصلاةَ - وقال مرة: العِشاءَ - فصلى معاذ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ثم جاءَ يؤمُّ قوَمه، فقرأ {البقرة} ، فاعتزل رجل من القوم فصلَّى، فقيل له: نافقتَ يا فلان؟ فقال: ما نافقتُ. فأَتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فقال: إن معاذاً يصلِّي [مَعَكَ] ، ثم يرجع فيؤمُّنا [يا رسولَ الله، وإنما نحن أصحاب نوَاضِح، ونعمل بأيدينا، وإنه جاء يؤمُّنا] فقرأ بـ {سورة البقرة} ، فقال: يا معاذ، أفتَّان أنتَ؟ أفتان أنت؟ اقرأ بكذا، اقرأ بكذا - قال أبو الزبير: {سبح اسم ربك الأعلى} ، ⦗٥٨٨⦘ {والليل إذا يغشى} - فذكرنا لعمرو [بن دينار] فقال: أُراه قد ذكرَهُ» .

وفي رواية، قال: فقال: «يا معاذ لا تكن فتَّاناً، فإنه يصلي وراءَك الكبيرُ والضعيفُ وذُو الحاجة والمسافر» .

وفي أخرى لأبي داود، قال: وذكر قصة معاذ - قال: «وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- للفتى: كيف تصنعُ يا ابن أخي إذا صليتَ؟ قال أقرأُ بـ (فاتحة الكتاب) ، وأسألُ الله الجنة، وأعوذُ به من النار، وإني لا أدري ما دَنْدَنتُك ودندَنةُ معاذ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: أنا ومعاذ حول هاتين، أو نحو ذلك» وأخرج النسائي الرواية الأولى، وله في أخرى قال: جاء رجل من الأنصار، وقد أُقيمت الصلاةُ، فدخلَ المسجدَ فصلَّى خلف معاذ، فطوَّل بهم، فانصرف الرجلُ فصلَّى في ناحية المسجد، ثم انطلق، فلما قضى معاذ الصلاة، قيل له: إن فلاناً فعل كذا وكذا، فقال معاذ: لئن أصبحتُ لأذكرنَّ ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فأتى معاذ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له، فأرسل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إليه، فقال: ما حملك على الذي صنعتَ؟ قال: يا رسولَ الله، عمِلْتُ على ناضح من النهار فجئتُ وقد أُقيمت الصلاة، فدخلتُ معه الصلاةَ، فقرأ سورة كذا وكذا، فطوَّل، فانصرفتُ، [فصلَّيتُ] في ناحية المسجد، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: أفتَّان يا معاذ، أفتَّان يا معاذُ؟» وله في أخرى مختصراً، قال: «قام معاذ فصلى العشاءَ، الآخرة فطوَّل، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: أفتَّان يا معاذ؟ ⦗٥٨٩⦘ أفتَّان يا معاذ؟ أين كنتَ عن {سَبِّح اسمَ ربِّك الأعلى} ، {والضحى} ، {وإذا السماء انفطرت} » وفي أخرى قال: «صلى معاذ بن جبل لأصحابه العشاءَ الآخرةَ فطوَّل عليهم، فانصرف رجل منا، فأُخبرَ معاذ عنه، فقال: إِنَّه منافق، فلما بلغَ ذلك الرجلَ دخل على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بما قال معاذ، فقال له النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «أتريد أن تكونَ فتَّاناً يا معاذ؟ إذا أممتَ الناسَ، فاقرأ بـ {الشمس وضحاها} و {سبح اسم ربك الأعلى} و {الليل إذا يغشى} ، و {اقرأ باسم ربك} » (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(نواضح) : النواضح: جمع ناضح، وهو البعير يُستقى عليه.

(جَنَحَ الليل) : أي أقبل ظلامه.

(دَنْدَنَتُك) : الدندنة هي أن يتكلم الإنسان بالكلام، فتُسمع نغمته، ولا يُفهم ما يقول.


(١) رواه البخاري ٢ / ١٦٢ - ١٦٤ في صلاة الجماعة، باب إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى، وباب من شكا إمامه إذا طول، وباب إذا صلى ثم أم قوماً، وفي الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً أو جاهلاً، ومسلم رقم (٤٦٥) في الصلاة، باب القراءة في العشاء، وأبو داود رقم (٧٩٠) و (٧٩١) و (٧٩٣) في الصلاة، باب في تخفيف الصلاة، والنسائي ٢ / ٩٧ و ٩٨ في الإمامة، باب خروج الرجل من صلاة الإمام وفراغه من صلاته في ناحية المسجد، وباب اختلاف نية الإمام والمأموم، وفي الافتتاح، باب القراءة في المغرب بـ {سبح اسم ربك الأعلى} ، وباب القراءة في العشاء الآخرة بـ {سبح اسم ربك الأعلى} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>