للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة التحريم]

٨٥٥ - (خ م د س) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ العَسلَ والحَلْوَاءَ، وكان إذا انصرف من العَصْرِ دخلَ على نسائه فيدنُو من إحداهُنَّ، فَدَخَلَ على حفصةَ بنتِ عمر، فاحْتبسَ أكثر مما كان يحتبس، فَغِرْتُ ⦗٣٩٨⦘ فسألتُ عن ذلك؟ فقيل لي: أهْدتْ لها امرأةٌ من قومها عُكَّة من عسلٍ، فَسَقَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم منهُ شَرْبَة، فقلتُ: أما واللهِ لَنَحتْالنَّ له، فقلتُ لسودةَ بنتِ زَمْعةَ: إِنهُ سَيدنو مِنكِ، إذا دنا منْكِ فَقولي له: يا رسولَ الله أكلتَ مَغَافيرَ؟ فإنه سيقُولُ لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد؟ - زاد في رواية: وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَشْتَدُّ عليه أنْ يوجد منهُ الريحُ - فأنهُ سيقولُ لك: سقَتْني حفصةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فقولي له: جَرَسَتْ نَحلُهُ العُرْفُطَ، وسأَقولُ ذلك، وقُولي أَنْتِ يا صفيَّة مثل ذلك، قالت: تقولُ سَوْدَةُ: فَوَالله الَّذِي لا إلهَ إلا هو، ما هوَ إلا أن قام على البابِ، فأردتُ أنْ أُبادِئَهُ بما أمَرَتْني فَرَقاً منكِ، فلمَّا دَنا منها قالتْ له سَوْدةُُ: يا رسولَ الله، أَكَلْتَ مَغَافيَر؟ قال: «لا» قالت: فما هذه الريحُ التي أجِدُ منك؟ قال: «سَقَتْني حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَل» فقالت: جَرَستْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، فلما دارَ إِليَّ، قلت له نحو ذلك، فلمَّا دارَ إلى صَفِيَّةَ، قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حَفْصَةَ، قالت: يا رسولَ الله، أَلا أسقيك منه؟ قال: «لا حاجَةَ لِي فِيهِ» قالت: تقولُ سودَةُ: والله لقد حَرَّمْنَاهُ، قلتُ لها: اسْكُتي.

وفي رواية قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمكُثُ عندَ زينبَ بنتِ جَحْشٍ، فيَشْرَبُ عندَها عسلاً، قالت: فَتَواطَأت أَنا وحفصةُ، أَنَّ أيَّتنا مَا دَخَلَ عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَلْتَقُلْ له: إِنِّي أِجِدُ منك ريحَ مَغَافيرَ، أَكَلْتَ مَغَافيرَ؟ فدخل على إحداهما، فقالت ذلك له، فقال: بل شَرِبْتُ عسل عند ⦗٣٩٩⦘ زينب بنت جحش (١) ، ولن أَعودَ له، فنزل {يا أَيُّها النبيُّ لِمَ تَحرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لك} [التحريم: ١] {إنْ تَتُوبا إلى اللَّه} [التحريم: ٤] لعائشة وحفصة {وإذْ أسَرَّ النبيُّ إلى بعض أَزواجهِ حديثاًً} [التحريم: ٣] لقوله: بل شربتُ عسلاً ولن أعود له، وقد حَلَفتُ، فلا تُخْبِرِي بذلك أحداً. أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود. وأخرج النسائي الرواية الثانية (٢) . ⦗٤٠٠⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(عكة) العكة: الظرف الذي يكون فيه العسل.

(مغافير) المغافير بالفاء والياء: شيء ينضجه العرفط، حلو كالناطف وله ريح كريهة.

(جرست العرفط) جرست النحل العرفط: إذا أكلته، ومنه قيل للنحل: جوارس، والعرفط: جمع عرفطة، وهو شجر من العضاه زهرته مدحرجة، والعضاه: كل شجر يعظم وله شوك كالطلح والسمر والسلم ونحو ذلك.

(فَرَقاً) الفرق: الفزع والخوف.


(١) وهذه الرواية من طريق عبيد بن عمير عن عائشة، في " الصحيحين " أيضاً من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وفيه أن شرب العسل كان عند حفصة بنت عمر، قال الحافظ: وأخرج ابن مردويه من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن شرب العسل كان عند سودة، وأن عائشة وحفصة هما اللتان تواطأتا على وفق ما في رواية عبيد بن عمير، وإن اختلفا في صاحبة العسل، وطريق الجمع بين هذا الاختلاف الحمل على التعدد، فلا يمتنع تعدد السبب للأمر الواحد، فإن جنح إلى الترجيح، فرواية عبيد بن عمير أثبت لموافقة ابن عباس لها، على أن المتظاهرتين حفصة وعائشة على ما تقدم في التفسير، وفي الطلاق من جزم عمر بذلك، فلو كانت حفصة صاحبة العسل لم تقرن في التظاهر بعائشة، لكن يمكن تعدد القصة في شرب العسل وتحريمه، واختصاص النزول بالقصة التي فيها أن عائشة وحفصة هما المتظاهرتان، ويمكن أن تكون القصة التي وقع فيها شرب العسل عند حفصة كانت سابقة، ويؤيد هذا الحمل أنه لم يقع في طريق هشام بن عروة التي فيها: أن شرب العسل كان عند حفصة تعرض للآية، ولا يذكر سبب النزول، والراجح أيضاً أن صاحبة العسل زينب لا سودة، لأن طريق عبيد بن عمير أثبت من طريق ابن أبي مليكة بكثير، ولا جائز أن تتحد بطريق هشام بن عروة، لأن فيها أن سودة كانت ممن وافق عائشة على قولها: أجد ريح مغافير، ويرجحه أيضاً ما ثبت عن عائشة أن نساء النبي كن حزبين، أنا وسودة وحفصة وصفية في حزب، وزينب بنت جحش وأم سلمة والباقيات في حزب، فهذا يرجح أن زينب هي صاحبة العسل، ولهذا غارت منها لكونها من غير حزبها والله أعلم.
(٢) البخاري ٩ / ٣٣١ و ٣٣٢ و ٣٣٣ في الطلاق، باب قوله تعالى: {لم تحرم ما أحل الله لك} ، وفي النكاح، باب دخول الرجل على نسائه في اليوم، وفي الأطعمة، باب الحلواء والعسل، وفي الأشربة، باب البازق ومن نهى عن كل مسكر، وباب شراب الحلواء والعسل، وفي الطب، باب الدواء بالعسل ⦗٤٠٠⦘ وفي الحيل، باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر، ومسلم رقم (١٤٧٤) في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، وأبو داود رقم (٣٧١٥) في الأشربة، باب شراب العسل، والنسائي ٦ / ١٥١ و ١٥٢ في الطلاق، باب قول الله عز وجل: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١-أخرجه أحمد (٦/٥٩) . و (عبد بن حميد) ١٤٨٩. و (البخارى) (٧/١٠٠) قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. وفي (٧/١٤٠) قال: حدثنا عبد الله بن أبي شيبة. وفي (٧/١٤٣، ١٥٩) قال: حدثنا علي بن عبد الله. وفي (٩/٣٣) قال: حدثنا عبيد بن إسماعيل. و (مسلم) (٤/١٨٥) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء وهارون بن عبد الله. و (أبو داود) (٣٧١٥) قال: حدثنا الحسن بن علي. و (ابن ماجة) (٣٣٢٣) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. وعلي بن محمد وعبد الرحمان بن إبراهيم. و (الترمذي) (١٨٣١) . وفي الشمائل (١٦٣) قال: حدثنا سلمة بن شبيب ومحمود بن غيلان وأحمد بن إبراهيم الدورقي. و (النسائى) في الكبرى (تحفة الأشراف) ١٢/١٦٧٩٦ عن إسحاق بن إبراهيم (ح) وعن عبيد الله بن سعيد. جميعهم - أحمد بن حنبل، وعبد بن حميد، وإسحاق، وأبوبكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وعلي بن عبد الله، وعبيد بن إسماعيل، وأبوكريب، وهارون، الحسن، وعلي بن محمد، وعبد الرحمان ابن إبراهيم، وسلمة، ومحمود، وأحمد بن إبراهيم، وعبيد الله بن سعيد - عن أبي أسامة.
٢- وأخرجه الدارمي (٢٠٨١) قال: حدثنا فروة بن أبي المغراء. و (البخارى) (٧/، ٤٤ ٥٧) قال حدثنا فروة بن أبي المغراء. و (مسلم) ٤/١٨٥ قال: حدثنيه سويد بن سعيد. كلاهما -فروة، سويد - قالا: حدثنا علي بن مسهر.
٣-وأخرجه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) ١٢/١٦٧٩٣ عن محمد بن عبيد الكوفي، عن حفص بن غياث.
ثلاثتهم - حماد بن أسامة أبو أسامة، وعلي بن مسهر، وحفص بن غياث- عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.
(*) الروايات مطولة ومختصرة..
(*) جاء في صحيح مسلم عقب هذا الحديث: قال: أبو إسحاق إبراهيم (راوي الصحيح عن مسلم) : حدثنا الحسن بن بشر بن القاسم قال حدثنا أبو أسامة، بهذا سواء.
والرواية الثانية أخرجها أحمد (٦/١٣١) قال: حدثنا عفان. وفي (٦/٢٦١) قال: حدثنا يونس. كلاهما -عفان، ويونس - قالا: حدثنا حماد بعني ابن سلمة، عن ثابت عن شميسة، فذكرته.
(*) قال عفان عقب روايته. حدثنيه حماد، عن شميسة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سمعته بعد يحدثه عن شميسة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال بعد في حج أو عمرة قال: ولا أظنه إلا قال: في حجة الوداع.
* أخرجه أحمد (٦/٣٣٨) قال: حدثنا عفان. و (أبو داود) (٤٦٠٢) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. كلاهما - عفان، وموسى بن إسماعيل - قالا: حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن ثابت البناني، عن سمية فذكرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>