للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث: في النهي عن بيع الملامسة والمنابذة

٣٤٣ - (خ م د س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن لِبْسَتَيْن، وعن بَيْعَتَيْنِ، ونهى عن الملامسة والمنابذة في البيع - صلى الله عليه وسلم - والملامسةُ: لمسُ الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار، ولا يَقلِبُهُ إلا بذلك. والمنابذة: أن يَنْبِذَ الرجلُ إلى الرجل ثَوْبَهُ، ويَنْبِذَ الآخر بثوبِهِ، ويكون ذلك بيْعَهُمَا عن غير نَظَر ولا تَراضٍ، واللِّبْسَتَان: اشتمال الصماء، والصَّمَاءُ: أن يَجْعَل ثوبه على أحد عاتِقَيْه، فَيَبْدُوَ أحدُ شِقَّيه، ليس عليه ثوب، واللِّبسة الأخرى: احْتِبَاؤُهُ بثوبه وهو جالس، ليس على فرجه منه شيء. هذه رواية البخاري ومسلم، إلا أن اللفظ للبخاري، وهو أتَمُّ.

وفي رواية أبي داود قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين وعن لِبستين، أما البيعتان، فالملامسة والمنابذة، وأما اللبستان، فاشتمال الصماء، وأن يحتَبِيَ الرجل في ⦗٥٢٤⦘ ثوبٍ واحدٍ، كاشِفَا عن فَرْجِهِ، وليس على فرجه منه شيء، واشتمال الصماء: أنْ يشتمل في ثوب واحد، يَضَعُ طَرَفَي الثوب على عاتقه الأيسر، ويُبْرِزُ شِقَّهُ الأيمن. قال: والمنابذة ... وذكر مثل البخاري ومسلم.

وفي رواية النسائي قال: نهى عن الملامسة، وهو لمس الثوب لا ينظر إليه، وعن المنابذة، وهو طرح الرجل ثوبه إلى الرجل بالبيع قبل أن يقلبه، أو ينظر إليه.

وله في أخرى مختصرًا قال: نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع.

وله في أخرى قال: عن لبستين وعن بيعتين، أما البيعتان: فالملامسة والمنابذة، والمنابذة: أن يقول: إذا نَبَذتُ هذا الثوب فقد وجب البيع، والملامسةُ: أن يَمَسَّهُ بِيَدِهِ ولا يَنشُرُهُ ولا يُقَلِّبُه، إذا مَسَّ وجَبَ البيعُ (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

الملامسة، والمنابذة: قد مرَّ تفسيرهما في الحديث، ونزيده هاهنا بيانًا، قال: هو أن يقول: إذا لمست ثوبي، أو لمستُ ثوبك، فقد وجب البيع، وقيل: ⦗٥٢٥⦘ هو أن يلمس المبيع من وراء ثوب، ولا ينظر إليه، ثم يقع البيع عليه، وهذا هو بيع الغرر والمجهول.

وأما المنابذة: فهي أن يقول أحد المتبايعين للآخر: إذا نبذت إليَّ الثوب أو نبذته إليك فقد وجب البيع، وقيل: هو أن يقول: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع.

وقال الفقهاء نحو ذلك في الملامسة والمنابذة، وهذا لفظهم:

قالوا في الملامسة: أن يقول: مهما لمست ثوبي فهو مبيع منك، وهو باطل؛ لأنه تعليق، أو عدول عن الصيغة الشرعية، وقيل معناه: أن يجعل اللمس بالليل في ظلمة قاطعًا للخيار، ويرجع ذلك إلى تعليق اللزوم، وهو غير نافذ، قالوا: والمنابذة في معنى الملامسة، وقيل: معناه: أن يتنابذا السلع، وتكون معاطاة، فلا ينعقد بها البيع عند الشافعي - رحمه الله -.

اشتمال الصماء: قد ذكر معناه في متن الحديث، إلا أن الفقهاء يقولون: هو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على إحدى منكبيه، والمراد به على هذا: كراهة التكشف، وإبداء العورة.

وأهل الغريب يقولون: هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلَّل جسده لا يرفع منه جانبًا، فتكون فيه فرجة يخرج منها يده، والمراد منه على هذا: كراهية أن يغطي جسده، مخافة أن يضطر إلى حالة تَسُدُّ مُتَنَفَّسَهُ فيتأذى. ⦗٥٢٦⦘

الاحتباء: أن يجمع بين ركبتيه، وظهره بمنديل أو حبل، ويكون قاعدًا شبه المستند إلى شيء، وقد يكون الاحتباء باليدين.


(١) البخاري ١٠/٢٣٥ في اللباس، باب اشتمال الصماء، وباب الاحتباء بثوب واحد، وفي الصلاة، باب ما يستر من العورة، وفي الصوم، باب صوم يوم الفطر، وفي البيوع، باب بيع الملامسة، وباب بيع المنابذة، وفي الاستئذان، باب الجلوس كيفما تيسر، وأخرجه مسلم رقم (١٥١٢) في البيوع، باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة، وأبو داود رقم (٣٣٧٧) و (٣٣٧٨) في البيوع، باب بيع الغرر، والنسائي ٧/٢٦٠، ٢٦١ في البيوع، باب بيع المنابذة وتفسير ذلك، وأخرجه ابن ماجة في التجارات رقم (٢١٧٠) ، باب ما جاء في النهي عن المنابذة والملامسة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١- أخرجه الحميدي (٧٣٠) وأحمد (٣/٦) ، والدارمي (٢٥٦٥) قال: أخبرنا عمرو بن عون. والبخاري (٨/٧٨) قال: حدثنا علي بن عبد الله. وأبو داود (٣٣٧٧) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، وأحمد بن عمرو بن السرح. وابن ماجة (٢١٧٠) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وسهل بن أبي سهل، وفي (٣٥٥٩) قال: حدثنا أبو بكر. والنسائي (٧/٢٦٠، ٨/٢١٠) قال: أخبرنا الحسين بن حُريث المروزي، تسعتهم- الحميدي، وأحمد بن حنبل، وعمرو بن عون، وعلي بن عبد الله، وقتيبة، وأحمد بن عمرو، وأبو بكر بن أبي شيبة، وسهل، والحسين- قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة.
٢- وأخرجه أحمد (٣/٦، ٩٥) قال: حدثنا عبد الرزاق. وفي (٣/٦٦) قال: حدثنا عبد الأعلى. والبخاري (٣/٩٢) قال: حدثنا عياش بن الوليد، قال: حدثنا عبد الأعلى. وأبو داود (٣٣٧٨) قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا عبد الرزاق. والنسائي (٧/٢٦١) قال: أخبرنا محمد بن رافع، قال: حدثنا عبد الرزاق، كلاهما- عبد الرزاق، وعبد الأعلى- قالا: حدثنا معمر.
كلاهما - سفيان، ومعمر - عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، فذكره.
قلت: وحديث مسلم، تقدم تخريجه من رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبي سعيد - رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>