للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة النساء]

٥٥٥ - (خ م د س) عائشة رضي الله عنها قالت: إنَّ رجلاً كانَتْ له يتيمةٌ فنكحها، وكان له عذْقُ نَخْلٍ، فكانت شريكَتَهُ فيه وفي مالِه، فكانُ يمسِكُهَا عليه، ولم يَكُنْ له من نفسه شيءٌ، فنزلَتْ: {وإنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسطُوا في اليتَامَى ... } الآية [النساء: ٣] . ⦗٧٧⦘

وفي رواية: أنَّ عُرْوَةَ سأَلَها عن قوله تعالى: {وإِن خِفْتُم ألَّا تُقْسِطُوا في اليتامى فانكحوا - إلى قوله - أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قالت: يا بنَ أُخْتِي، هذه اليتيمَةُ تكون في حجْر وَلِيِّها، فيرغَب في جمالها ومالها ويريد أن ينتَقِص صداقَها، فنُهوا عن نكاحهن، إلا أن يُقْسِطوا لهن في إكمال الصَّداقِ، وأُمرُوا بنكاح مَن سِواهُنَّ، قالت عائشة: فاسْتفتى النَّاسُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: {ويستَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ - إلى - وترغبون أنْ تنكحوهن} فبيَّن الله لهم أنَّ اليتيمة إذا كانت ذاتَ جمالٍ ومالٍ رَغِبُوا في نكاحِها، ولم يُلْحِقوها بِسُنَّتها في إكمال الصَّداق، وإذا كانت مرغوباً عنها في قلَّةِ المال والجمال، تركوها، والتمسوا غيرها من النساء، قالت: فكما يتركونها حين يرغبونَ عنها، ليس لهم أن ينكحوها إذا رَغِبُوا فيها إلا أن يُقسِطُوا لها، ويُعْطُوها حقَّها الأَوْفى من الصداقِ.

وفي رواية نحوه، وفيه قالت: يا ابن أُخْتِي، هي اليتيمة تكون في حُجْر ولِيهَا، تشاركه في ماله، فيُعْجِبُهُ مالُهَا وجمالُها، ويريد أن يتزوَّجها بغير أن يُقسِطَ في صداقها، فيعْطِيها مثلَ ما يُعْطِيها غَيْرُهُ، فَنُهُوا عن نكاحهن، إلا أن يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغوا بهن أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ من الصداق.

وفيه: قالت عائشة، والذي ذكر اللهُ أنَّهُ {يُتْلَى عليكم في الكتاب....} الآية الأولى، التي قال فيها: {وإن خِفْتم ألَّا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ⦗٧٨⦘ ما طابَ لكم} قالت: وقول الله عز وجل في الآية الآخرة (١) {وترغبون أن تنكحوهن} : رغبة أَحدهم عن يتيمته التي في حجْره حين تكون قليلةَ المال، فنُهُوا أنْ ينْكِحوا ما رَغِبُوا في مالها وجمالها من يتامى النساء، إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن.

زاد في روايةٍ آخرة: من أَجل رغبتهم عنهن، إذا كُنَّ قليلات المال والجمال.

وفي أُخرى عنها في قوله: {ويستفتونك في النساء قل الله يُفْتِيكُمْ فيهن..} إلى آخر الآية. قال: هي اليتيمة تكون في حجْر الرجلِ، قد شَرِكَتْهُ في ماله، فيرغب عنها أَن يتزوجها، ويكره أن يُزوِّجها غيرَه، فيدخل عليه في ماله، فيَحْبِسُها، فنهاهم الله عن ذلك. هذه روايات البخاري ومسلم، وأخرج أبو داود، والنسائي أتمها.

وزاد أبو داود: قال يونس، وقال ربيعة في قول الله: {وإن خِفتم أن لا تُقْسِطُوا في اليتامى} قال: يقول: اتركُوهُنَّ إن خِفْتم، فقد أحْلَلْتُ لكم أرْبعاً (٢) . ⦗٧٩⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(عذق) بفتح العين: النخلة مع حملها، وهو المراد هاهنا، وبكسرها: القنو بما فيه من الرطب.

(تُقسطوا) قَسَط الرجل: إذا جار، وأَقْسط: إذا عدل، والمراد ها هنا: العدل.

(حَجْر وليها) الحجر: حجر الإنسان، وهو معروف، والحَجر: المنع من التصرف، والولي هاهنا: هو القائم بأمر اليتيم.

والمعروف هاهنا: هو القصد في النفقة، وترك الإسراف، أي فليقتصد.


(١) وهي قوله تعالى {قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن} .
(٢) البخاري ٢ / ٢٩٥ في الوصايا، باب قول الله تعالى {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى} ، وباب قوله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} وفي النكاح، باب الترغيب في النكاح، وباب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية، وباب لا يتزوج أكثر من أربع، وباب لا نكاح إلا بولي، وباب إذا ⦗٧٩⦘ كان الولي هو الخاطب، وباب تزويج اليتيمة، وفي الحيل، باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة وأن لا يكمل صداقها، وأخرجه مسلم رقم (٣٠١٨) في التفسير، وأبو داود رقم (٢٠٦٨) في النكاح، باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء، وإسناده صحيح، والنسائي ٦ / ١١٥ و ١١٦ في النكاح، باب القسط في الأصدقة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (٦/٥٣) قال حدثنا إبراهيم بن موسى قال أخبرنا هشام عن ابن جريج قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه فذكره، وأخرجه البخاري (٣/١٨٢و٥٣١٦) و «مسلم» (٨/٢٣٩) وفي (٨/٢٤٠) و «أبو داود» (٢٠٦٨) و «النسائي» (٦/١١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>