للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الكتاب الثالث: في الأمانة]

١٠٢ - (خ م ت) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: حدَّثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين (١) ، قد رأيتُ أحدَهما، وأنا أنْتَظِرُ الآخر، حَدَّثنا ⦗٣٢٠⦘ أنَّ الأمانة (٢) نزلت في جَذْرِ قلوب الرِّجال، ثم نزل القرآن، فَعلِمُوا من القرآن، وعلموا من السُّنَّة. ثم حدَّثنا عن رفْع الأمانة، فقال: «ينامُ الرجُلُ النومَةَ، فتُقْبَضُ الأمانةُ من قلبه، فيظَلُّ أثَرُها مِثْلُ أثَرِ الْوَكْتِ، ثمَّ ينامُ النَّومةَ، فَتُقْبَض الأمانةُ من قبله، فيظلُّ أثَرُها مثْلُ أثَرِ الْمجْلِ، كَجَمْرِ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتراه مُنْتبِرًا، وليس فيه شيءٌ - ثم أخَذَ حصى فدحْرَجَهُ على رجْلِهِ - فيُصْبِحُ النَّاسُ يتبايَعون، فلا يكاد أحدٌ يُؤدِّيَ الأمانةَ، حتَّى يُقالُ: إنَّ في بني فلانٍ رَجُلاً أمينًا، حتى يقال للرجل: ما أجْلَدَهُ، ما أظْرَفَهُ، ما أعْقَلَهُ، وما في قلبه مِثْقَالُ حبَّةٍ من خَردلٍ من إيمانٍ، ولقد أتى عليَّ زمانٌ وما أبالي أيّكُم بايعْتُ (٣) ، لئِن كان مُسلمًا ليَرُدَّنَّه عليَّ دينُهُ، وإنْ كان ⦗٣٢١⦘ نَصْرانيًا أو يَهوديًا ليَرْدَّنه عليَّ ساعيه، وأما اليوم فما كنتُ أبايع منكم إلا فلانًا وفلانًا» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي (٤) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

جَذْر: الشيء: بفتح الجيم وكسرها: أَصله.

الوَكْتُ: النُّقْطَةُ في الشيء من غير لونه.

المَجْلُ: غِلظُ الجلد من أثر العمل، وقيل: إنما هي النّفاطات في الجلد.

مُنْتَبرًا: المُنْتَبرُ: المنتفخ وليس فيه شيء، وكل شيء رفع شيئًا، فقد نَبَرَهُ، ومنه اشتق المنبر.

ساعيه: الساعي: واحد السُّعاة، وهم الولاة على القوم، يعني أنَّ المسلمين كانوا مُهْتَمِّين بالإسلام، فيحتفظون بالصدق والأمانة، والملوك ذوو عدل، فما كنت أبالي من أُعامِل: إن كان مسلمًا ردَّه إليَّ بالخروج عن الحق عَمَلُهُ بمقتضى الإسلام، وإن كان غير مُسلم أنصفني منه عامله.


(١) أي في باب الأمانة، إذ له أحاديث كثيرة، وأولهما: في نزول الأمانة، وثانيهما: في رفعها.
(٢) قال ابن التين: الأمانة: كل ما يخفى ولا يعلمه إلا الله من المكلف، وعن ابن عباس: هي الفرائض التي أمروا بها ونهوا عنها، وقال أبو بكر بن العربي: المراد بالأمانة في هذا الحديث الإيمان، وتحقيق ذلك فيما ذكر من رفعها أن الأعمال السيئة لا تزال تضعف الإيمان حتى إذا تناهى الضعف لم يبق إلا أثر الإيمان وهو التلفظ باللسان والاعتقاد الضعيف في ظاهر القلب، فشبهه بالأثر في ظاهر البدن، وكنى عن ضعف الإيمان بالنوم، وضرب مثلا لزهوق الإيمان عن القلب حالاً بزهوق الحجر عن الرجل حتى يقع على بالأرض.
(٣) قوله: " أيكم بايعت " معنى المبايعة هنا: البيع والشراء المعروفان، أي: كنت أعلم أن الأمانة في الناس، فكنت أقدم على معاملة من اتفق، غير باحث عن حاله، وثوقاً بأمانته، فإنه إن كان مسلماً فدينه يمنعه من الخيانة، ويحمله على أداء الأمانة. وإن كان كافراً فساعيه - وهو الذي يسعى له؛ أي الوالي عليه - يقوم بالأمانة في ولايته فينصفني، ويستخرج حقي منه، وكل من ولي شيئاً على قوم فهو ساعيهم، مثل سعاة الزكاة. وأما اليوم فقد ذهبت الأمانة، فلست أثق اليوم بأحد أأتمنه على بيع أو شراء، إلا فلاناً وفلاناً، يعني أفراداً من الناس قلائل.
(٤) البخاري ١٤/١١٦ - ١١٧ في الرقاق: باب رفع الأمانة و ١٦/١٤٨ - ١٤٩ في الفتن: باب إذا بقي في حثالة من الناس وأخرجه مسلم رقم (١٤٣) في الإيمان: باب رفع الأمانة والإيمان، والترمذي رقم (٢١٨٠) في الفتن: باب ما جاء في رفع الأمانة، وأخرجه ابن ماجة رقم (٤٠٥٣) في الفتن: باب ذهاب الأمانة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (٤٤٦) ، قال: حدثنا سفيان. وأحمد (٥/٣٨٣) قال: حدثنا أبو معاوية. وفيه (٥/٣٨٣) قال: حدثنا وكيع، وفي (٥/٣٨٤، ٤٠٣) قالك حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، والبخاري (٨/١٢٩) ، (٩/٦٦) قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان. وفي (٩/١١٤) قال: حدثنا علي ابن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، ومسلم (١/٨٨) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، ووكيع (ح) وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (١/٨٩) قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا أبي، ووكيع (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا عيسى بن يونس، وابن ماجة (٤٠٥٣) قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، والترمذي (٢١٧٩) قالك حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو معاوية.
سبعتهم - سفيان بن عيينة، وأبو معاوية، ووكيع، وشعبة، وسفيان الثوري، وعبد الله بن نمير، وعيسى- عن الأعمش، عن زيد بن وهب، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>