للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الخوارج]

٧٥٤٩ - (م د) زيد بن وهب [الجهني]- رضي الله عنه -: أنه كان في الجَيْشِ الذينَ كانُوا مع عليّ، الذينَ سارُوا إلى الخَوارج - فقال عليٌّ: «أيُّها الناسُ: إني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: يَخرجُ قوم من أُمَّتي، يقرؤون القُرْآنَ، ليس قِراءَتُكُم إلى قِراءَتِهم بشيء، ولا صلاتُكُم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامُكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآنَ يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تُجاوِزُ صلاتُهم تراقيَهمُ، يَمْرُقُون من الإسلام كما يمرُق السَّهم من الرَّمِيَّة، لو يعلم الجيشُ الذين يصيبونهم ما قُضِيَ لهم على لسان نبيهم - صلى الله عليه وسلم- لَنَكَلُوا عن العمل، وآية ذلك: أن فيهم رجُلاً له عَضَد، ليس له ذراع، على عَضُدِهِ مثلُ حَلمَة الثَّدْي، عليه شَعَرات بيض، فتذهبون إلى ⦗٧٧⦘ معاويةَ وأهلِ الشام، وتتركون هؤلاء يَخْلُفونكم في ذراريكم وأموالكم؟ والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القومَ، فإنَّهم قد سفكُوا الدَّمَ الحرامَ، وأغاروا في سَرْحِ الناسِ، فَسيروا. قال سلمةُ بن كُهيل: فَنَزَّلَني زيد بن وهب منِزلاً (١) ، حتى قال: مَرَرْنا على قنطرة، فلما التقينا - وعلى الخوارج يومئذ: عبد الله بن وهب الراسبي - فقال لهم: ألقُوا الرِّماحَ، وسُلُّوا سيوفكم من جُفُونها، فإني أخاف أن يناشدوكم، كما ناشدوكم يوم حروراء، فرجعوا فوَّحشوا برِماحِهم وسَلُّوا السُّيُوفَ، وشَجَرُهُم الناسُ برماحهم، قال: وقُتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس يؤمئذ إلا رجلان، فقال عليٌّ: التمسوا فيهم المخدَج، فالتمسوه، فلم يجدوه، فقام عليٌّ بنفسه، حتى أتى ناساً، قد قُتل بعضهم على بعض، قال: أخِّرُوهم، فوجدوه مما يلي الأرضَ، فكَّبر ثم قال: صدق الله، وبلَّغ رسولُهُ، قال: فقام إليه عَبيدةُ السَّلْمانيُّ، فقال: يا أمير المؤمنين، آلله الذي لا إله إلا هو، لَسمعتَ هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، حتى استَحْلَفه ثلاثاً وهو يحلف له» أخرجه مسلم وأبو داود. ⦗٧٨⦘

وفي أخرى لأبي داود عن أبي الوَضِيء قال: قال عليٌّ: «اطلبوا المخدَج ... » فذكر الحديث واستَخْرَجوه من تحت قتلَى في الطين، قال أبو الوضيء: فكأني أنظر إليه، حَبَشِي عليه قُريطِق له، إحدى يديه مثل ثَدي المرأة، عليها شُعَيْرات مثل الشُّعَيْراتِ التي تكون على ذَنبِ اليَرْبوع. قال أبو مريم: إنْ كان ذلك المخدج لمعَنا يومئذ في المسجد، نُجالسه بالليل والنهار، وكان فقيراً، ورأيته مع المساكين يشهد طعام عليٍّ مع الناس، وقد كَسَوُته بُرنُساً لي، قال أبو مريم: وكان المخدَج يسمَّى نافِعاً، ذا الثُدَيَّة،، وكان في يده مثل ثدي المرأة، على رأسه حَلَمة مثل حلمةِ الثدي، عليه شُعيرات مثلُ سُبالة السِّنَّوْر (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(تراقيهم) التراقي: جمع تُرْقُوة، وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.

(الرمِيَّة) : ما يرمى من صيد أو نحوه، قال الخطابي: وقد أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج على ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين، ورأوا مناكحتهم وأكل ذبائحهم، وأجازوا شهادتهم، وسُئِل عنهم علي بن أبي طالب، فقيل: «أكفارٌ هم؟ قال: مِنَ الكفر فرُّوا، فقيل: فمنافقون هم؟ قال: ⦗٧٩⦘ إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً، وهؤلاء يذكرون الله بكرة وأصيلاً، قيل: من هم؟ قال: قوم أصابتهم فتنة فعموا وصمّوا» قال الخطابي: فمعنى قوله - صلى الله عليه وسلم-: «يمرقون من الدين» أراد بالدِّين: أنهم يخرجون من طاعة الإمام المفترض الطاعة، وينسلخون منها، والله أعلم.

(نكلت) عن العمل أنكل: إذا فترتَ عنه وجبُنتَ عن فعله.

(وآية ذلك) الآية: العلامة التي يستدل بها.

(جفون السيوف) : أغمادها.

(وَحَّشْتُ بِسِلاحي) وبثوبي: إذا رميتَ به وألقيته من يدك.

(التشاجر بالرماح) : التطاعن بها، وشجره برمحه: إذا طعنه.

(المخدَج) الناقص، والخِداج: النقص.

(قُريطق) تصغير قَرْطَق، وهو شبيه بالقباء، فارسي معرب.

(ذو الثُّدَيَّة) تصغير الثنْدُوَة، بتقدير حذف الزائد الذي هو النون، لأنها من تركيب الثدي، وانقلاب الياء فيها واواً لضمة ما قبلها.

(السَّبَالَةُ) : الشارب، والجمع السِّبال، والهاء في «سبالة» لتأنيث اللفظة.


(١) قال النووي في " شرح مسلم ": هكذا في معظم النسخ، وفي نادر منها: " منزلاً منزلاً "، وكذا ذكره الحميدي في الجمع بين " الصحيحين "، وهو وجه الكلام، أي: ذكر لي مراحلهم بالجيش منزلاً منزلاً حتى بلغ القنطرة التي كان القتال عندها.
(٢) رواه مسلم رقم (١٠٦٦) في الزكاة، باب التحريض على قتل الخوارج، وأبو داود رقم (٤٧٦٨) و (٤٧٦٩) و (٤٧٧٠) في السنة، باب في قتال الخوارج.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (٣/١١٤) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام. أبو داود (٤٧٦٨) قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا عبد الرزاق. وعبد الله بن أحمد ١/٩١ (٧٠٦) قال: حدثنا أحمد بن جميل أبو يوسف، قال: أخبرنا يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية.
كلاهما - عبد الزراق، ويحيى بن عبد الملك - عن عبد الملك بن أبي سليمان، قال: حدثنا سلمة بن كهيل، قال: حدثني زيد بن وهب الجهني. فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>