للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٥٩ - (خ) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكْشِفُ ربُّنا عن ساقِهِ (١) ، فيسجُدُ له كُلُّ مؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ، ويَبْقى من كان يسجُدُ في الدُّنيا رِياء وسُمْعَة، فيذهبُ ليسجدَ، فيعودُ ظَهرُهُ طَبَقاً واحداً» .

وأخرجه البخاري هكذا، وهو طرف من حديث طويل، وقد أخرجه هو ومسلم بطوله، وهو مذكور في كتاب القيامة من حرف القاف (٢) . ⦗٤١٣⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يكشف عن ساقه) الساق في اللغة: الأمر الشديد، و (كشف الساق) مثل في شدة الأمر. وأصله في الروع، كما يقال للأقطع الشحيح: يده مغلولة، ولا يد ثم ولا غل، وإنما هو مثل في البخل، وكذلك هذا: لا ساق هناك ولا كشف (*) .

(طبقاً) الطبق: خرز الظهر، واحدتها: طبقة، يقال: صار فقارهم فقارة واحدة، فلا يقدرون على السجود، وقيل: الطبق: عظم رقيق يفصل بين الفقارين، أي: صار الظهر عظماً واحداً

(رياء وسمعة) فعلت الشيء رياء وسمعة: إذا فعلته ليراك الناس ويسمعوك.


(١) قال الحافظ في " الفتح " ٨ / ٥٠٨: " قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: (يوم يكشف عن ساق) قال: من شدة أمر، وعند الحاكم ٢ / ٤٩٩، ٥٠٠ وصححه ووافقه الذهبي من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: هو يوم كرب وشدة، قال الخطابي: فيكون المعنى: يكشف عن قدرته التي تنكشف عن الشدة والكرب. ووقع في هذا الموضع " يكشف ربنا عن ساقه " وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم، فأخرجها الإسماعيلي كذلك، ثم قال في قوله: " عن ساق " نكرة، ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ: " يكشف عن ساق " قال الإسماعيلي: هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين، تعالى الله عن ذلك، ليس كمثله شيء ". وقال النووي في " شرح مسلم ": وفسر ابن عباس وجمهور أهل اللغة وغريب الحديث: الساق هنا: بالشدة. أي: يكشف عن شدة وأمر مهول.
وقال العيني في " شرح البخاري " ٩ / ٢٣٤ في باب يوم يكشف عن ساق، أي: هذا باب في قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} قيل: تكشف القيامة عن ساقها، وقيل: عن أمر شديد فظيع، وهو إقبال الآخرة وذهاب الدنيا، وهذا من باب الاستعارة، تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى اجتهاد ومعاناة ومقاساة للشدة: شمر عن ساقه، فاستعير الساق في موضع الشدة وإن لم يكن كشف الساق حقيقة، كما يقال: أسفر وجه الصبح، واستقام له صدر الرأي. والعرب تقول لسنة الحرب: كشفت عن ساقها.
(٢) ٨ / ٥٠٨ في تفسير سورة ن والقلم، باب {يوم يكشف عن ساق} ، وفي تفسير سورة النساء، باب {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} ، وفي التوحيد، باب {وجوه يومئذ ناضرة} ، ورواية مسلم المطولة أخرجها في صحيحه رقم (١٨٣) في الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، وكذلك أحمد في " المسند " ٣ / ١٦ و ١٧.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في شرح الغريب ذكر ابن الأثير رحمه الله معنى "يكشف ربنا عن ساقه" وأنه مثل في شدة الأمر ... إلخ ولم بيبن أن فيه إثبات صفة الساق لله عز وجل على صفة تليق بجلاله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وكذلك في الهامش ذكر الشيخ عبد القادر من فسرها بالشدة والكرب ونحوه ولم يذكر أن فيه إثبات لصفة الساق.
قال الشيخ البراك وقوله في هذا الحديث: "يكشف ربنا عن ساقه" نص في إثبات الساق لله تعالى، والقول فيه كالقول في سائر صفاته تعالى، والآية وإن لم تكن نصا في إثبات صفة الساق لأنها جاءت بلفظ التنكير فالحديث مفسر لها. وإن صح أن يُختلف في دلالة الآية، فلا يصح أن يختلف في دلالة الحديث. وتأويل الساق في الحديث بالقدرة هو من سبيل أهل التأويل من النفاة لتلك الصفات، وهم بهذا التأويل يجمعون بين التعطيل والتحريف. وأهل السنة يمرون هذه الصفات على ظاهرها مؤمنين بما دلت عليه، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته سبحانه بصفات خلقه. (التعليق ٥٢)
قال الشيخ البراك: تفسير الكشف عن الساق بزوال الخوف والهول فيه نظر؛ فإن المشهور في معنى يكشف عن ساق أنه كناية عن شدة الأمر والهول كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويبدو أن الذي فسره بزوال الشدة توهمه من لفظ الكشف. والذي جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما محتمل في الآية، ولكن جاء في السنة ما يبين أن المراد كشف الله تعالى عن ساقه بلفظ الإضافة، فيدل على إثبات الساق لله سبحانه، وهو أولى ما تفسر به الآية؛ فإن سياق الحديث موافق لسياق الآية لفظًا ومعنى. (التعليق ٨٨) وينظر (التعليق ١٣٦) [تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري - نقله على الشبكة العنكبوتية عبد الرحمن بن صالح السديس] وينظر التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري - لعلي الشبل وهو إكمال لما بدأه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على الفتح بإشارته ومتابعته ومراجعته وقراءته - ص ٨٦ -٨٧


[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: ١-أخرجه أحمد (٣/١٦) قال: ثنا ربعي بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق.
٢-وأخرجه أحمد (٣/٩٤) و (ابن ماجة) (٦٠) قال: حدثنا محمد بن يحيى، (الترمذي) (٢٥٩٨) قال: حدثنا سلمة بن شبيب. و (النسائي) (٨/١١٢) قال: أخبرنا محمد بن رافع. أربعتهم -أحمد، وابن يحيى، وسلمة، وابن رافع - قالوا: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر.
٣- وأخرجه البخاري (٦/٥٦) قال: حدثني محمد بن عبد العزيز. و (مسلم ١/١١٤ قال: حدثني سويد ابن سعيد. كلاهما محمد، وسويد عن أبي عمر حفص بن ميسرة.
٤- وأخرجه البخاري (٦/١٩٨) قال: حدثنا آدم. وفي (٩/١٥٨) قال: حدثنا يحيى بن بكير. و (مسلم) (١/١١٧) قال: قرأت على عيسى بن حماد. ثلاثتهم - آدم، وابن بكير، وعيسى - عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال.
٥-وأخرجه مسلم (١/١١٧) قال: حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا جعفر بن عون، قال: حدثنا هشام بن سعد.
خمستهم - عبد الرحمان، ومعمر، وحفص، وسعيد، وهشام -عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>