(٢) الحكم لشخص بمجرد رواية البخاري ومسلم أو أحدهما عنه في الصحيح بأنه من شرط الصحيح ولا يتطرق إليه ريبة، غفلة وخطأ لأنهما قد خرجا لخلق ممن تكلم فيهم كجعفر بن سليمان الضبعي والحارث بن عبد الإيادي، وأيمن بن نابل الحبشي، وخالد بن مخلد القطواني، وسويد بن سعيد الحدثاني ⦗١١٣⦘ ويونس بن أبي إسحاق السبيعي وغيرهم، ولكنهما رحمهما الله – كما قال الزيلعي في " نصب الراية " ١/٣٤١، ٣٤٢ –: إذا أخرجا لمن تكلم فيه، فإنهم ينتقيان من حديثه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلاً، ولا يرويان ما تفرد به، سيما إذا خالفه الثقات، كما أخرج مسلم لأبي أويس حديث.. " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ... " لأنه لم يتفرد به، بل رواه غيره من الأثبات كمالك وشعبة وابن عيينة، فصار حديثه متابعة. وهذه العلة راجت على كثير ممن استدرك على " الصحيحين "، فتساهلوا في استدراكهم، ومن أكثرهم تساهلاً الحاكم أبو عبد الله في كتابه " المستدرك " فإنه يقول: هذا حديث على شرط الشيخين أو أحدهما وفيه هذه العلة، إذ لا يلزم من كون الراوي محتجاً به في الصحيح أنه إذا وجد في أي حديث كان ذلك الحديث على شرطه، لما بيناه ... وربما جاء إلى حديث فيه رجل قد أخرج له صاحب الصحيح عن شيخ معين بضبطه حديثه وخصوصيته به، ولم يخرجا حديثه عن غيره لضعفه فيه، أو لعدم ضبطه حديثه، أو لكونه غير مشهور بالرواية عنه، أو لغير ذلك، فيخرجه هو عن غير ذلك الشيخ، ثم يقول: هذا على شرط الشيخين أو البخاري أو مسلم، وهذا أيضاً تساهل؛ لأن صاحبي الصحيح لم يحتجا به إلا في شيخ معين لا في غيره فلا يكون على شرطهما، وهذا كما أخرج البخاري ومسلم حديث خالد بن مخلد القطواني عن سليمان بن بلال، ولم يخرجا حديثه عن عبد الله بن المثنى، فإن خالداً غير معروف بالرواية عن ابن المثنى، فإذا قال قائل في حديث يرويه خالد بن مخلد عن ابن المثنى: هذا على شرط البخاري ومسلم كان متساهلاً، فتأمل ذلك، واشدد عليه بكلتا يديك، فإنه غاية في النفاسة والتحقيق من هذا الإمام الجليل رحمه الله.