للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩١٠ - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أذِنَ اللهُ لشيءٍ ما أَذِنَ لِنَبيٍّ أنْ يتَغنَّى (١) بالقُرآن» . ⦗٤٥٧⦘

وفي رواية: لنَبيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بالقرآن يجْهرُ به.

هذه رواية البخاري ومسلم، وأبي داود، والنسائي.

ولمسلم أيضاً: لنَبيٍّ يتَغَنَّى بالقُرآنِ يَجْهَر به.

وللبخاري أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا مَنْ لم يتَغَنَّ بالقُرآنِ» زاد غيره (٢) «يَجْهَرُ به» . كذا في كتاب البخاري (٣) . ⦗٤٥٨⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(ما أذن لنبي يتغني بالقرآن) وقوله: «ما أذن الله لنبي، ما أذن لنبي يتغني بالقرآن» يعني: ما استمع، يقال: أذن إلى الشيء وللشيء، يأذن أذناً، أي استمع له، والتغني: تحزين القراءة، وترقيقها، ومنه قوله: «زينوا القرآن بأصواتكم»

وقيل: المراد به: رفع الصوت بها، وقد جاء في بعض الروايات كذلك، أي يجهر بها.

وجاء في بعضها عن سفيان «يتغنى» أي: يستغني.


(١) قال الحافظ في " الفتح ": كذا لهم، وأخرجه أبو نعيم من وجه آخر عن يحيى بن بكير شيخ البخاري فيه بدون " أن "، وزعم بن الجوزي أن الصواب حذف " أن " وأن إثباتها وهم من ⦗٤٥٦⦘ بعض الرواة، لأنهم كانوا يروون بالمعنى، فربما ظن بعضهم المساواة، فوقع في الخطأ، لأن الحديث لو كان بلفظ " أن " لكان من الإذن - بكسر الهمزة وسكون الذال - بمعنى الإباحة والإطلاق، وليس ذلك مراداً هنا، وإنما هو من الأذن - بفتحتين - وهو الاستماع. وقوله " أذن " أي: استمع والحاصل: أن لفظ " أذن " بفتحة ثم كسرة في الماضي، وكذا في المضارع مشترك بين الإطلاق والاستماع. تقول: أذنت آذن – بالمد - فإن أردت الإطلاق فالمصدر بكسرة ثم سكون، وإن أردت الاستماع فالمصدر بفتحتين.
وقال القرطبي: أصل الأذن – بفتحتين - أن المستمع يميل بإذنه إلى جهة من يسمعه، وهذا المعنى في حق الله لا يراد به ظاهره، وإنما هو على سبيل التوسع على ما جرى به عرف المخاطب، والمراجعة في حق الله تعالى إكرام القارئ وإجزال ثوابه، لأن ذلك ثمرة الإصغاء. ووقع عند مسلم من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة في هذا الحديث " أذن لشيء كأذنه " بفتحتين، ومثله عند أبي داود من طريق محمد بن أبي حفصة عن عمرو بن دينار عن أبي سلمة، وعند أحمد وابن ماجة والحاكم - وصححه - من حديث فضالة بن عبيد " أشد أذناً إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته " وما أنكره ابن الجوزي ليس بمنكر، بل هو موجه، وقد وقع عند مسلم في رواية أخرى كذلك، ووجهها عياض بأن المراد: الحث على ذلك والأمر به.
وقد ذكر البخاري عقيب حديث أبي هريرة " قال سفيان: تفسيره: يستغني به ".
قال الحافظ: كذا فسره سفيان، ويمكن أن يستأنس له بما أخرجه أبو داود وابن الضريس وصححه أبو عوانة، عن ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك " لقيني سعد بن أبي وقاص وأنا في السوق فقال: تجار كسبة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن "، وقد ارتضى أبو عبيد تفسير " يتغن " بـ " يستغني " وقال: إنه جائز في كلام العرب، وأنشد للأعشى:
وكنتُ أمرءاً زمناً بالعِرَاقِ ... خَفِيفَ المُنَاخِ طَويلَ التغنّي
أي: كثير الاستغناء، وقال المغيرة بن حبناء:
كِلانا غَنيٌّ عن أخيه حَياتَه ... ونحْنُ إذا مِتْنا أشَدُّ تَغَانِيا
قال: فعلى هذا يكون المعنى: من لم يستغن بالقرآن عن الإكثار من الدنيا فليس منا، أي على طريقتنا، واحتج أبو عبيد أيضاً بقول ابن مسعود " من قرأ سورة آل عمران فهو غني " ونحو ذلك. ⦗٤٥٧⦘ وقال ابن الجوزي: اختلفوا في معنى قوله " يتغنى " على أربعة أقوال أحدها: تحسين الصوت. والثاني: الاستغناء. والثالث: التحزن، قاله الشافعي. والرابع: التشاغل به. تقول العرب: تغنى بالمكان: أقام به.
قال ابن الأعرابي: كانت العرب إذا ركبت الإبل تتغنى، وإذا جلست في أفنيتها وفي أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون هجيراهم القرآن مكان التغني. وفيه قول آخر حكاه ابن الأنباري في " الزاهر " قال: المراد به: التلذذ والاستحلاء له، كما يستلذ أهل الطرب بالغناء، فأطلق عليه " تغنياً " من حيث أنه يفعل عنده ما يفعل عند الغناء، وهو كقول النابغة:
بكاءَ حمَامَةٍ تَدْعُو هَديلا ... مفَجَّعةٍ على فَنَنٍ تُغَنِّي
أطلق على صوتها غناء، لأنه يطرب كما يطرب الغناء، وإن لم يكن غناء حقيقة.
(٢) أي: غير الزهري الراوي عن أبي سلمة، وهذا الغير المبهم، هو محمد بن إبراهيم التيمي، كما جاء مصرحاً به في رواية البخاري في التوحيد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الماهر بالقرآن مع الكرام البررة ".
(٣) البخاري ٩ / ٦٠، ٦١ في فضائل القرآن، باب من لم يتغن بالقرآن، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} ، وباب قول الله تعالى {وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور} ، وقد أبعد الألباني النجعة في كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ص ١٠٦ فعزاه إلى أبي داود، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم " الماهر بالقرآن مع الكرام البررة "، ومسلم رقم (٧٩٢) في صلاة المسافرين، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، وأبو داود رقم (١٤٧٣) في الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، والنسائي ٢ / ١٨٠ في الصلاة، باب تزيين القرآن بالصوت.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (٩٤٩) قال حدثنا سفيان قال سمعت الزهري. و «أحمد» (٢/٢٧١) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حد ثنا معمر، عن الزهري وفي (٢/٢٨٥) قال: حدثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق. قالا: أخبرنا ابن جريج. قال عبد الرزاق في حديثه: أخبرني ابن شهاب. وفي ٢/٤٥٠ قال: حدثنا يزيد. وقال: أخبرنا محمد بن عمرو. و «الدارمي» ١٤٩٦ ٣٥٠٠، قال: أخبرنا يزيد بن هارون. قال: أخبرنا محمد بن عمرو. وفي (١٤٩٩) قال: أخبرنا محمد بن أحمد. قال: حدثنا سفيان، عن الزهري. وفي (٣٤٩٣) قال: حدثنا عبد الله بن صالح. قال: حدثني الليث. قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب.
و «البخارى» (٦/٢٣٥، ٩/١٧٣) قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب. وفي (٦/٢٣٦) قال: حدثنا علي بن عبد الله. قال: حدثنا سفيان، عن الزهري. وفي (٩/١٩٣) ، في (خلق أفعال العباد) صفحة ٣٢ قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة، قال: حدثني ابن أبي حازم عن يزيد، عن محمد بن إبراهيم. وفي (خلق أفعال العباد) صفحة ٣٢ قال: حدثني يحيى بن يوسف. قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري. و «مسلم» (٢/٢١٩٢) قال: حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب. قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري. (ح) وحدثني حرملة بن يحيى. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس.
(ح) وحدثني يونس بن عبد الأعلى. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني عمرو كلاهما عن ابن شهاب. (ح) وحدثني بشر بن الحكم. قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد. قال حدثنا يزيد، وهو بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم. (ح) وحدثني ابن أخي ابن وهب. قال حدثنا عمي عبد الله بن وهب. قال: أخبرني عمر بن مالك وحيوة بن شريح، عن ابن الهاد بهذا الإسناد مثله سواء. (ح) وحدثنا الحكم بن موسى. قال: حدثنا هقل، عن الأوزاعي، عن يحى بن أبي كثير. (ح) وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وابن حجر. قالوا: حدثنا إسماعيل، وهو بن جعفر، عن محمد بن عمرو. و «أبو داود» (١٤٧٣) قال: حدثنا سليمان بن داود المهري. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: حدثني عمر بن مالك وحيوة، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث.
و «النسائي» (٢/١٨٠) ، في الكبرى (٩٩٩) ، وفي فضائل القرآن (٧٧) قال: أخبرنا محمد المكي. قال: حدثنا ابن أبي حازم، عن يزيد بن عبد الله، عن محمد بن إبراهيم. وفي (٢/١٨٠) وفي الكبرى (١٠٠٠) ، وفي فضائل القرآن (٧٣) قال: أخبرنا قتيبة قال: حدثنا سفيان، عن الزهري. وفي (فضائل القرآن) ٧٨ قال: أخبرنا محمد بن رافع، قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر، عن الزهري.
أربعتهم - ابن شهاب الزهري، وأ حمد بن عمرو، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويحيي بن أبي كثير - عن أبي سملة بن عبد الرحمن، فذكره.
* أخرجه الدارمي (٣٤٩٤) قال: حدثنا عبد الله بن صالح. قال: حدثنا الليث. قال: حدثني يونس. عن ابن شهاب. قال: أخبرني أبو سلمة، أن أبا هريرة قال: «ماأذن الله لشيء كما أذن لنبي يتغنى بالقرآن» . موقوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>