للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والتواتر يفيد العلم، وذلك ظاهر، لا خلاف فيه، إلا في قول ضعيف قليل وله أربعة شروط:

الشرط الأول: أن يُخْبِر عن علم لا عن ظن، فإن أهل بلد عظيم لو أخبروا عن طائر أنهم ظنوا أنه حمام، أو عن شخص أنهم ظنوا أنه زيد، لم يحصل لنا العلم بكونه حمامًا أو زيدًا.

الشرط الثاني: أن يكون علمهم ضروريًا مستندًا إلى محسوس إذا لو أخبرونا عن حدوث العالم أو عن صدق الأنبياء لم يحصل لنا العلم.

الشرط الثالث: أن يستوي طرفاه وواسطته في هذه الصفات وفي كمال العدد، فإذا نقل الخلف عن السلف، وتوالت الأعصار، ولم تكن الشروط قائمة في كل عصر، لم يحصل العلم بصدقهم، لأن خبر أهل كل عصر مستقل بنفسه، فلابد فيه من الشروط، ولأجل ذلك لم يحصل لنا العلم بصدق اليهود - مع كثرتهم - في نقلهم عن موسى عليه السلام تكذيب كل ناسخ لشريعته، ولا بصدق الشيعة بنقل النص على إمامة علي - كرم الله وجهه-، والبكرية على إمامة أبي بكر - رضي الله عنه -.

ولأن هذا وضعه الآحاد أولاً، وأفشوه، ثم كثر الناقلون في عصره وبعده في الأعصار، فلذلك لم يحصل التصديق، بخلاف وجود موسى عليه السلام وتحديه بالنبوة، ووجود أبي بكر وعلي - رضي الله عنهما - وانتصابهما للإمامة، فإن ذلك لما تساوى فيه الأطراف والوساطة، حصل لنا العلم الضروري الذي لا نقدر على تشكيك أنفسنا فيه، ونقدر على التشكيك فيما نقلوه عن موسى

<<  <  ج: ص:  >  >>