للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٩٣ - (م ت د) نَجدَةُ بن عامر الحروري: كَتَبَ إلى ابن عباس يَسأُلُه عن خَمْسِ خِصالٍ؟ فقال ابنُ عباس: لوْلا أن أَكتُمَ عِلماً ما كتَبْتُ إليه (١) - كتبَ إليه نَجْدَةُ: أما بعد، فأخْبِرْني: هل كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بالنِّساء؟ ⦗٦١٢⦘ وهل كان يضرِبُ لَهُنَّ بسَهْمٍ؟ وهل كان يقْتُلُ الصبيان؟ ومتى ينقضِي يُتْمُ اليتيم؟ وعن الخُمْسُ: لمن هو؟ فَكَتبَ إليه ابنُ عباس: كتبتَ تسألُني: هل كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يغْزُو بالنساء؟ وقد كان يغْزُو بهنَّ، فَيُداوِينَ الجَرْحَى ويُحذَيْنَ مِنَ الغنيمَةِ، وأمَّا سهمٌ؟ فَلَمْ يضرِب لَهُنَّ، وإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يَقْتُلُ الصبيانَ، فلا تَقْتُل الصبيان، وكتبتَ تسأُلني: متى ينْقَضي يُتْمُ اليَتيم؟ فلعَمْرِي، إنَّ الرجلَ لتَنْبُتُ لحْيَتُهُ، وإنه لضعِيفُ الأخذ لنفسه، ضعيفُ العطاءِ منها، وإذَا أَخَذَ لنفسه من صالح ما يأخذُ النَّاسُ فقد ذهب عنه اليُتْمُ (٢) وكتبتَ تسألني عن الخُمْسِ لمن هو؟ وإنَّا نقولُ: هُوَ لنا، فأَبى عليْنا قومُنا ذَاك (٣) . ⦗٦١٣⦘

وفي رواية: فلا تَقْتُل الصبيان، إلا أن تكون تعلمُ ما عَلِمَ الخَضِرُ من الصَّبيِّ الذي قَتَلَ (٤) .

زاد في أخرى: وتُميِّزُ المؤمنَ من الكَافِرِ، فتقتُل الكافر، وتدعَ المؤْمِن (٥) .

وفي رواية قال: كتبَ نَجْدَة بن عامر الحروري إلى ابن عباس يسأله عن العبد والمرأةِ يَحْضُرانِ المغْنَم: هل يُقْسَمُ لهما - وذكر باقي المسائل نحوه - فقال ابنُ عباس ليَزيد بن هرمز: اكتُبْ إليه، فلولا أن يقعَ في أُحْمُوقَةٍ ما كتبتُ إليه، كتبْتَ تسألني عن العبد والمرأةِ يَحْضُرانِ المغنَم، هل يُقسمُ لهما شيءٌ، وإنه ليس لهما شيءٌ إلا أن يُحذَيا، وقال في اليتيم: إنَّه لا ينقطع عنه اسم اليُتْمِ، حتى يبلغ، ويُؤنَسَ منه الرُّشْدُ، والباقي نحوه.

وفي أخرى: ولولا أن أرُدَّهُ عن نَتْنٍ يقعُ فيه، ما كتبتُ إليه، ولا ⦗٦١٤⦘ نُعْمَةَ عَيْنٍ ... الحديث. هذه رواية مسلم.

وأخرج الترمذي منه طرفاً، وهو ذِكْرُ الْغَزْوِ بالنِّساءِ، والضَّرْب لُهنَّ بِسَهْمٍ والجواب عنه.

وأخرج أبو داود منه طرفاً، وهذا لفظُهُ، قال: كتبَ نَجْدَةُ إلى ابنِ عباسٍ يسأله عن أشياءَ؟ وعن المملوك: أَلَهُ في الفَيْء شيءٌ؟ وعن النساء: هل كُنَّ يَخْرُجْنَ مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل لَهُنَّ نصيبٌ؟ فقال ابنُ عباسٍ: لولا أن يأتِيَ أحْمُوقَة ما كتبتُ إليه، أمَّا المملوكُ: فكانَ يُحْذَى، وأَمَّا النساءُ: فقد كُنَّ يُدَاوِينَ الجرَحى، ويَسْقِين الماءَ.

وفي أخرَى له قال: كَتَبَ نجدة الحرُورِيُّ إلى ابن عباسٍ يسألُه عن النساء: هل كُنَّ يَشْهدْنَ الحربَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان يَضرِبُ لهنَّ بسَهْم؟ قال يزيدُ: فأَنا كتَبْتُ كتاب ابن عباس إلى نجدة: قد كنَّ يَحْضُرنَ الحربَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأمَّا أنْ يضْرِبَ لَهُنَّ بسهمٍ؟ فَلا، وقد كان يَرْضَخُ لهنَّ (٦) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يُحذَين) أحذيته أحذيه إحذاءاً: إذا أعطيته، والحذية والحُذيَّا: العطية. ⦗٦١٥⦘

(أحموقة) أفعولة من الحمق، أي خصلة ذات حمق.

(يؤنس) آنست من فلان كذا: إذا علمته منه، وعرفته فيه، والرشد: السداد والعقل وحسن التصرف.


(١) قال النووي: يعني: إلى نجدة الحروري، معناه: أن ابن عباس يكره نجدة لبدعته، وهي كونه من الخوارج الذين مرقوا من الدين مروق السهم من الرمية، ولكن لما سأله عن العلم، لم يمكنه كتمه، فاضطر إلى جوابه، وقال: " لولا أن أكتم علماً ما كتبت إليه " أي: لولا أني إذا تركت الكتابة أصير كاتماً للعلم، مستحقاً لوعيد كاتمه لما كتبت إليه.
(٢) قال النووي: معنى هذا: متى ينقضي حكم اليتيم ويستقل بالتصرف في ماله؟ وأما نفس اليتم فينقضي بالبلوغ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يتم بعد الحلم ".
وفي هذا دليل للشافعي ومالك وجماهير العلماء: أن حكم اليتيم لا ينقطع بمجرد البلوغ، ولا بعلو السن، بل لا بد أن يظهر منه الرشد في دينه وماله، وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمساً وعشرين سنة زال عنه حكم الصبيان، وصار رشيداً يتصرف في ماله، ويجب تسليمه إليه وإن كان غير رشيد.
وأما الكبير إذا طرأ تبذيره فمذهب مالك وجماهير العلماء وأبي يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق: وجوب الحجر عليه، وقال أبو حنيفة: لا يحجر عليه، وقال ابن القصار وغيره: الصحيح الأول، وكأنه إجماع.
(٣) معناه: خمس خمس الغنيمة الذي جعله الله لذوي القربى، وقد اختلف العلماء فيه، فقال الشافعي مثل قول ابن عباس، وهو: أن خمس الخمس من الفيء والغنيمة يكون لذوي القربى، وهم عند الشافعي والأكثرين: بنو هاشم وبنو المطلب.
وقوله: " فأبى علينا قومنا ذاك " أي: رأوا لا يتعين صرفه إلينا، بل يصرفونه في المصالح، وأراد بقوله " ولاة الأمر " من بني أمية. ⦗٦١٣⦘ وقد صرح في سنن أبي داود في رواية أنس له بأن سؤال نجدة لابن عباس عن هذه المسائل كان في فتنة ابن الزبير، وكانت فتنة ابن الزبير بعد بضع وستين سنة من الهجرة.
وقد قال الشافعي: يجوز أن ابن عباس أراد بقوله: " فأبى علينا قومنا " من بعد الصحابة، وهم يزيد بن معاوية وأهله، والله أعلم.
(٤) معناه: أن الصبيان لا يحل قتلهم، ولا يحل لك أن تتعلق بقصة الخضر وقتله الصبي، فإن الخضر ما قتله إلا بأمر الله تعالى على اليقين، كما قال في آخر القصة: {وما فعلته عن أمري} فإن كنت أنت تعلم من صبي ذلك، فاقتله، ومعلوم أنه لا علم له بذلك، فلا يجوز لك القتل. قاله النووي.
(٥) أي: تدع من يكون إذا عاش إلى البلوغ مؤمناً، ومن يكون إذا عاش كافراً فاقتله، كما علم الخضر أن ذلك الصبي لو بلغ لكان كافراً، وأعلمه الله تعالى ذلك، ومعلوم أنك أنت لا تعلم ذلك، فلا تقتل صبياً. قاله النووي.
(٦) مسلم رقم (١٨١٢) في الجهاد، باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم، والترمذي رقم (١٥٥٦) في السير، باب من يعطى الفيء، وأبو داود رقم (٢٧٢٧) و (٢٧٢٨) في الجهاد، باب في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: لفظ الباب أخرجه أحمد (١/٢٢٤) (١٩٦٧) قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الحجاج، عن عطاء، فذكره.
وبنحوه:
١- أخرجه الحميدي (٥٣٢) . وأحمد (١/٣٤٩) (٣٢٦٤) . ومسلم (٥/١٩٧) قال: حدثنا ابن أبي عمر. وفي (٧/١٩٨) قال: حدثناه عبد الرحمن بن بشر العبدي. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (٦٥٥٧) عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ.
خمستهم - الحميدي، وأحمد، وابن أبي عمر، وابن بشر، والمقرئ - عن سفيان، قال: حدثنا إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري.
٢ - وأخرجه أحمد (١/٢٤٨) (٢٢٣٥) قال: حدثنا عفان. وفي (١/٢٩٤) (٢٦٨٥) قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء. وفي (١/٣٣٤) (٣٢٠٠) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. والدارمي (٢٤٧٤) قال: أخبرنا أبو النعمان. ومسلم (٥/١٩٨) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا وهب بن جرير ابن حازم (ح) وحدثني محمد بن حاتم، قال: حدثنا بهز. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (٦٥٥٧) عن عمرو بن علي، عن ابن مهدي.
ستتهم - عفان، وعبد الوهاب، وابن مهدي، وأبو النعمان، ووهب، وبهز - عن جرير بن حازم، قال: أخبرنا قيس بن سعد.
٣ - وأخرجه أحمد (١/٣٠٨) (٢٨١٢) قال: حدثنا محمد بن ميمون الزعفراني. ومسلم (٥/١٩٧) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، قال: حدثنا سليمان، يعني ابن بلال. وفي (٥/١٩٧) قا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن حاتم بن إسماعيل. والترمذي (١٥٥٦) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل. ثلاثتهم (ابن ميمون، وابن بلال، وحاتم) عن جعفر بن محمد، عن أبيه.
٤ - وأخرجه أحمد (١/٣٢٠) (٢٩٤٣) قال: حدثنا عثمان بن عمر. وأبو داود (٢٩٨٢) قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عنبسة. والنسائي (٧/١٢٨) قال: أخبرنا هارون بن عبد الله الحمال، قال: حدثنا عثمان بن عمر. كلاهما (عثمان، وعنبسة) عن يونس بن يزيد، عن الزهري.
٥ - وأخرجه أحمد (١/٣٥٢) (٣٢٩٩) قال: حدثنا يزيد. وأبو داود (٢٧٢٨) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، قال: حدثنا أحمد بن خالد - يعني الوهبي -. والنسائي (٧/١٢٩) قال: أخبرنا عمرو ابن علي، قال: حدثنا يزيد وهو ابن هارون. كلاهما (يزيد، وأحمد بن خالد) عن محمد بن إسحاق عن محمد بن علي، والزهري.
٦ - وأخرجه مسلم (٥/١٩٩) قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة. وأبو داود (٢٧٢٧) قال: حدثنا محبوب بن موسى أبو صالح، قال: حدثني أبو إسحاق الفزاري. كلاهما - أبو أسامة، وأبو إسحاق -عن زائدة، عن الأعمش، عن المختار بن صيفي.
خمستهم -سعيد، وقيس، ومحمد بن علي بن الحسين، والزهري، والمختار -عن يزيد بن هرمز، فذكره
* جاءت الروايات مختصرة ومطولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>