للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٨٣ - (خ م د س) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: قال: أَعْطَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رَهْطاً، وأنا جالسٌ، فَتَرَكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلاً، هو أعْجَبُهُمْ إليَّ (١) فَقُمْت فقلتُ: مالَكَ عن فلانٍ؟ والله إنِّي لأُراهُ مُؤمناً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوْ مُسْلِماً» - ذَكَر ذلك سعدٌ ثلاثاً، وأجابه بمِثْلِ ذلك - ثم قال: «أنِّي لأعْطِي الرجل وغيرهُ أحَبُّ إليَّ منه خَشْيَةَ أنْ يُكَبَّ في النَّارِ على وجْهِهِ» .

وفي رواية، قال الزهري: فَنُرَى أنَّ الإسلامَ: الكلمةُ، والأيمانَ: العملُ. أخرجه البخاري، ومسلم.

وفي رواية لمسلم قال: أعْطى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رَهْطاً، وأنا جالِسٌ فيهم، فَتَرَكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلاً لم يُعطِه، وهو أعْجَبُهُمْ إليَّ، فَقٍمْتُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَسَارَرْتُهُ، فقلتُ: مالَكَ عن فُلانٍ؟ واللهِ إني لأُرَاهُ مُؤمناً، قال: «أوْ مُسْلِماً (٢) ؟» فَسَكَتُّ قليلاً، ثم غَلَبني ما أعلمُ منهُ، فقلتُ: ⦗٦٨٥⦘ يا رسولَ الله مالكَ عن فلانٍ؟ فواللهِ، إنِّي لأراهُ مُؤمناً، قال: «أوْ مُسلِماً» ، فَسَكَتُّ قَليلاً، ثم غَلَبَني ما أَعْلَمُ فيه، فقلتُ: يا رسولَ الله، مالك عن فُلان؟ فوالله: إنِّي لأُرَاهُ مؤمناً، قال: «أو مُسْلماً، إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ العَطَاءَ وغيرهُ ⦗٦٨٦⦘ أحبُّ إليَّ منه، خَشْيَةَ أنْ يُكَبَّ في النَّار على وجْهِهِ» . وفي رواية تكرارُ القول مرَّتيْنِ.

وفي أخرى: فضربَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بيده بين عُنُقي وكتفي، ثم قال: أقِتالاً أي سعدُ؟ إني لأُعطي الرَّجُل.

وفي رواية أبي داود، قال: قَسم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَسْماً، فقلتُ: أَعْطِ فلاناً، فإنهُ مؤمنٌ، قال: أوْ مسلم. قلتُ: أعطِ فُلاناً، إنه مؤمنٌ، قال: أوْ مسلمٌ، إني لأُعطي الرَّجُلَ العطاءَ وغيرُه أحبُّ إليَّ منه، مخافةَ أن يُكَبَّ على وجهِهِ.

وله في أخرى، وللنسائي قال: أعطى النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجالاً، ولم يعطِ رجلاً منهم شيئاً، فقال سعد: يا رسول الله - أعطيتَ فلاناً وفلاناً ولم تعط فلاناً شيئاً، وهو مؤمن؟ فقال النبيُّ: «أوْ مسلم» حتى أعادها سعدٌ ثلاثاً، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «أوْ مسلم» . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لأعطي رجالاً، وأدعُ مَنْ هو أحبُّ إليَّ منهم؛ لا أعطيه شيئاً مخافةَ أنْ يُكَبُّوا في النار على وجوههم» (٣) . ⦗٦٨٧⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الرهط) الجماعة دون العشرة من الرجال، لا يكون فيهم امرأة، وليس له واحد من لفظه.


(١) هو جعيل بن سراقة الغفاري، وقيل: الضمري، ويقال: الثعلبي، من أهل الصفة، أسلم قديماً وشهد أحداً، وأصيبت عينه يوم قريظة. أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ووكله إلى إيمانه.

(٢) قال الحافظ في " الفتح " ١ / ٧٤ قوله: " إني لأراه " وقع في روايتنا من طريق أبي ذر وغيره بضم الهمزة هنا - يعني في كتاب الإيمان من صحيح البخاري - وفي الزكاة، وكذا هو في رواية الإسماعيلي وغيره. ⦗٦٨٥⦘
وقال الشيخ محيي الدين النووي: بل هو بفتحها: أي أعلمه، ولا يجوز ضمها فيصير بمعنى: أظنه، لأنه قال بعد ذلك: " غلبني ما أعلم منه. انتهى " ولا دلالة فيما ذكر على تعين الفتح، لجواز إطلاق العلم على الظن الغالب، ومنه قوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات} .
سلمنا، لكن لا يلزم من إطلاق العلم أن لا تكون مقدماته ظنية، فيكون نظرياً لا يقينياً، وهو الممكن هنا، وبهذا جزم صاحب " المفهم " في شرح مسلم فقال: الرواية بضم الهمزة.
وقوله: " أو مسلماً؟ " هو بإسكان الواو لا بفتحها، فقيل: هي للتنويع، وقال بعضهم: هي للتشريك، وأنه أمره أن يقولهما معاً؛ لأنه أحوط.
ويرد هذا رواية ابن الأعرابي في معجمه في هذا الحديث فقال: " لا تقل: مؤمن، بل: مسلم " فوضح أنها للإضراب، وليس معناه الإنكار، بل المعنى: أن إطلاق " المسلم " على من لم يختبر حاله الخبرة الباطنة أولى من إطلاق " المؤمن "؛ لأن الإسلام معلوم بحكم الظاهر، قاله الشيخ محيي الدين ملخصاً.
وتعقبه الكرماني بأنه يلزم منه أن لا يكون الحديث دالاً على ما عقد له الباب، ولا يكون لرد الرسول صلى الله عليه وسلم على سعد فائدة. وهو تعقب مردود.
وقد بينا وجه المطابقة بين الحديث والترجمة قبل، ومحصل القصة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوسع العطاء لمن أظهر الإسلام تألفاً، فلما أعطى الرهط - وهم من المؤلفة - وترك جعيلاً - وهو من المهاجرين - مع أن الجميع سألوه، خاطبه سعد في أمره، لأنه كان يرى أن جعيلاً أحق منهم لما اختبره منه دونهم، ولهذا راجع فيه أكثر من مرة، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمرين: أحدهما: إعلامه بالحكمة في إعطاء أولئك، وحرمان جعيل مع كونه أحب إليه ممن أعطى؛ لأنه لو ترك إعطاء المؤلف لم يؤمن ارتداده، فيكون من أهل النار، وثانيهما: إرشاده إلى التوقف عن الثناء بالأمر الباطن دون الثناء بالأمر الظاهر، فوضح بهذا فائدة رد الرسول صلى الله عليه وسلم على سعد، وأنه لا يستلزم محض الإنكار عليه، بل كان أحد الجوابين على طريق المشورة بالأولى، والآخر على طريق الاعتذار.
(٣) البخاري ٣ / ٢٧٠ في الزكاة، باب قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافاً} ، وفي الإيمان، باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل، ومسلم رقم (١٥٠) في الإيمان، باب تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه، وأبو داود رقم (٤٦٨٣) و (٤٦٨٤) و (٤٦٨٥) في السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، والنسائي ٨ / ١٠٣ و ١٠٤ في الإيمان، باب تأويل قوله عز وجل: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١ - أخرجه الحميدي (٦٨) قال: حدثنا سفيان. وفي (٦٩) عن عبد الرزاق. وأحمد (١/١٧٦) (١٥٢٢) وعبد بن حميد (١٤٠) قالا: حدثنا عبد الرزاق. ومسلم (٣/١٠٤) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، وعبد بن حميد، قالا: أخبرنا عبد الرزاق، وأبو داود (٤٦٨٣) قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا محمد بن ثور. وفي (٤٦٨٥) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الرزاق (ح) وحدثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان. والنسائي (٨/١٠٣) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى. قال: حدثنا محمد، وهو ابن ثور. وفي (٨/١٠٤) قال: أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا هشام بن عبد الملك، قال: حدثنا سلام بن أبي مطيع. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (٣٨٩١) عن موسى بن سعيد، عن مسدد بن مُسَرْهَد، عن المعتمر بن سليمان. خمستهم (سفيان، وعبد الرزاق، ومحمد بن ثور، وسلام، والمعتمر) عن معمر.
٢ - وأخرجه أحمد (١/١٨٢) (١٥٧٩) قال: حدثنا يزيد، قال: أنبأنا ابن أبي ذئب.
٣ - وأخرجه البخاري (١/١٣) قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب.
٤ - وأخرجه البخاري (٢/١٥٣) قال: حدثنا محمد بن غرير الزهري. ومسلم (١/٩٢ و ٣/١٠٤) قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني، وعبد بن حميد. ثلاثتهم (محمد بن غرير، والحسن، وعبد بن حميد) قالوا: حدثنا يعقوب (وهو ابن إبراهيم بن سعد) قال: حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان.
٥ - وأخرجه مسلم (١/٩١ و ٣/١٠٤) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان.
٦ - وأخرجه مسلم (١/٩١ و ٣/١٠٤) قال: حدثني زهير بن حرب، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب.
ستتهم (معمر، وابن أبي ذئب، وشعيب، وصالح، وسفيان، وابن أخي ابن شهاب) عن الزهري، قال: أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص، فذكره.
* جاءت الروايات مطولة ومختصرة.
* قال المزي: قال أبو مسعود: كذا رواه ابن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن الزهري «يعني بدون ذكر معمر بين ابن عيينة والزهري» . ورواه الحميدي، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وسعيد بن عبد الرحمن، عن ابن عيينة، عن معمر، عن الزهري، زادوا فيه «معمرا» «تحفة الأشراف» (٣٨٩١) . قال ابن حجر: وجدته في «مسند» ابن أبي عمر بإثبات «معمر» فيه. وكذا أخرجه أبو نعيم في «المستخرج» من طريقه بإثباته «النكت الظراف» (٣٨٩١) .
* وقال المزي: قال أبو القاسم «يعني ابن عساكر» في حديث المعتمر، عن معمر: سقط منه «عبد الرزاق» . «تحفة الأشراف» (٣٨٩١) . قال ابن حجر: كذا وقع لنا في الجزء الثاني من حديث أبي الطاهر المخلص (محمد بن عبد الرحمن الذهبي) حدثنا البغوي، حدثنا صالح بن حاتم، حدثنا معتمر، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر. «النكت الظراف» (٣٨٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>