فقال: أعطني حديث ابن جُريج ومعمر، حتى أسمعه منك، فأعطيته، فكتبه عني، ثم جعل يحدث به عن مَعْمَر وابن جريج أنفسهما.
الطبقة الثامنة
قوم سمعوا كتبًا مصنفة عن شيوخ أدركوهم، ولم ينسخوا أسماعهم عنهم عند السماع، وتهاونوا بها، إلى أن طعنوا في السن، وسئلوا عن الحديث فحملهم الجهل والشره على أن حدثوا بتلك الكتب من كتب مشتراة، ليس لهم فيها سماع ولا بلاغ، وهم يتوهمون أنهم في روايتها صادقون.
وهذا النوع مما كثر في الناس، وتعاطاه قوم من أكابر العلماء، اللهم إلا أن تكون النسخة مقروءة على شيخه، أو مقابلة بأصل شيخه، أو أصلٍ مقابل بأصل شيخه، ونحو ذلك من الاحتياط والضبط، فإن ذلك جائز له أن يرويه، لا سيما في هذا الزمان، فإن التعويل على النقل من الكتب والقراءة لما فيها، لا على الحفظ، فإن الحفظ كان وظيفة أولئك الموفَّقين السعداء.
وقد تقدم في الباب الأول من هذه المقدمة شرح ذلك مستقصًى.
الطبقة التاسعة
قوم ليس الحديث من صناعتهم، ولا يرجعون إلى نوع من الأنواع التي يحتاج المحدث إلى معرفتها، ولا يحفظون حديثهم، فيجيئهم طالب العلم، فيقرأ عليهم ما ليس من حديثهم، فيجيبون ويقرُّون بذلك وهم لا يدرون.
قال يحيى بن سعيد: كنا عند شيخ من أهل مكة أنا وحفص بن غياث، فإذا