وأما تقييد الحد بالخطاب المتقدم، فلأن ابتداء إيجاب العبادات في الشرع مزيل حكم العقل من براءة الذمة، ولا يسمى نسخًا، لأنه لم يزل حكم خطاب.
وأما تقييده بارتفاع الحكم، ولم يخصص بارتفاع الأمر والنهي، فلِيَعُمَّ جميع أنواع الحكم: من الندب، والكراهية، والإباحة، فإن جميع ذلك قد ينسخ.
وأما قولنا:«لولاه لكان الحكم ثابتًا» فلأن حقيقة النسخ: الرفع، فلو لم يكن هذا ثابتًا، لم يكن هذا رافعًا، فإنه إذا ورد أمر بعبادة مؤقتة، وأمر بعبادة أخرى بعد انقضاء ذلك الوقت، لا يكون الثاني نسخًا، بل الرافع: ما لا يرتفع الحكم لولاه.
وأما قولنا:«مع تراخيه عنه» فلأنه لو اتصل به كان بيانًا لمعنى الكلام، وإنما يكون رافعًا إذا ورد بعد استقرار الحكم، بحيث إنه يدوم لولاه، هذا حده، وهو أعم حد وجدته للعلماء وأخصره.
ولم ينكر النسخ من المسلمين إلا آحاد لا اعتداد بهم، فإن الأمة مجتمعة على جوازه ووقوعه.
وأما أركانه: فأربعة: ناسخ: وهو الله تعالى، ومنسوخ: وهو الحكم المرفوع. ومنسوخ عنه: وهو المكلف، ونسخ: وهو قوله الدال على رفع الحكم الثابت.
وقد يسمى الدليل ناسخًا مجازًا، فيقال: هذه الآية ناسخة لتلك.
وقد يسمى الحكم ناسخًا، فيقال: صوم رمضان ناسخ لصوم عاشوراء،