المتقن المشهور، وله رواة من الطبقة الرابعة، ثم يكون شيخ البخاري أو مسلم حافظًا متقنًا مشهورًا بالعدالة في روايته، فهذه الدرجة العليا من الصحيح.
والأحاديث المروية بهذه الشريطة لا يبلغ عددها عشرة آلاف حديث.
وكان مسلم أراد تخريج الصحيح على ثلاثة أقسام في الرواة، فلما فرغ من القسم الأول أدركته المنية، وهو في حد الكهولة.
وكيف يجوز أن يقول: إن أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تبلغ عشرة آلاف حديث وقد روى عنه من الصحابة أربعة آلاف رجل وامرأة، صحبوه نيفًا وعشرين سنة بمكة والمدينة، حفظوا عنه أقواله وأفعاله، ونومه ويقظته، وحركاته وسكناته، وكل حالاته، من جده وهزله، وقد كان الحافظ من الحفاظ يحفظ خمسمائة ألف حديث وستمائة ألف، وسبعمائة ألف؟! .
وهذا الشرط الذي ذكرناه، قد ذكره الحاكم أبو عبد الله النيسابوري (١) .
(١) ذكره بنصه في " المدخل " ونصه في " علوم الحديث ": وصف الحديث الصحيح أن يرويه الصحابي المشهور بالرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وله راويتان ثقتان، ثم يرويه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور بالرواية وله رواة ثقات. وهذا النص يفيد تعميم هذا الشرط في الحديث الصحيح بينما نص كلامه في " المدخل " يخصه بشرط الشيخين، وقد رده الحازمي في " شروط الأئمة الخمسة " ص ٢٢، ٢٧ بأنهما قد أخرجا في كتابيهما أحاديث جماعة من الصحابة ليس لهم إلا راو واحد، وأحاديث لا تعرف إلا من جهة واحدة، ثم ذكر من كل نوع أحاديث تدل على نقيض ما ادعاه، فراجعها، وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي في كتابه " شروط الأئمة الستة ": إن الشيخين لم يشترطا هذا الشرط، ولا نقل عن واحد منهما أنه قال ذلك، والحاكم قدر هذا التقدير وشرط لهما هذا الشرط على ما ظن، ولعمري إنه لشرط حسن لو كان موجوداً في كتابيهما، إلا أنا وجدنا هذه القاعدة منقضة في الكتابين جميعاً.