للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٠٢ - (خ م س) عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: «أُنْزِلتْ آيَةُ الْمُتعَةِ في كتَاب الله، فَفَعَلْنَاهَا مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحرِّمُهُ، ولم يَنْهَ عنها حَتَّى ماتَ، قال رَجُلٌ برأْيه ما شاء» (١) . قال البخاري، يقال: إنه عمر.

وفي رواية «نَزَلتْ آيةَ المتعة في كتاب الله - يعني: مُتْعَةَ الحجِّ، ⦗١١٧⦘ وأمرنا بها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ثم لم تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعةِ الحجِّ، ولم يَنْهَ عنها حتى مات (٢) » .

وفي أخرى قال: «جَمَع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الحجِّ والعمرة، وتَمَتَّعَ نبيُّ الله -صلى الله عليه وسلم-، وتَمَتَّعْنَا مَعَه، وإن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قد أَعْمَرَ طَائِفَة من أَهله في الْعشْرِ، فلم تَنْزِلْ آيةٌ تَنْسَخُ ذلك، ولم يَنْهَ عنه حتَّى مَضَى لوجهه» . ⦗١١٨⦘

وفيها: «وقد كان يُسلَّمُ عَلَيَّ، حتى اكتَوَيتُ، فَتُرِكْت، ثم تَرَكْتُ الْكَي فَعَادَ» . هذه رواياتُ البخاري ومسلم.

وفي رواية النسائي قال: «جَمَعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بين حجَّةٍ وعُمرةٍ، ثم تُوُفِّي قبل أنْ يَنهى عنها، وقبل أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ بتَحْرِيمِه» .

وفي أَخرى «جَمَعَ بين حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ، ثم لم ينزلْ فيهما كِتَابٌ، ولم يَنْهَ عنهما النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال قائلٌ فيهما برأيه ما شاء (٣) » .

وفي أخرى «أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد تَمَتَّعَ وتَمَتَّعْنا معه، قال فيها قائِلٌ برأيِهِ» (٤) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يُسَلّمُ عليّ حتى اكْتَوَيتُ) : أراد بقوله «يُسلم عليّ» يعني: الملائكة كانوا يسلمون عليه. فلما اكتوى تركوا السلام عليه. يعني: أن الكيّ مكروه، لأنه يقدح في التوكل والتسليم إلى الله تعالى، والصبر على ما يبتلى به العبد، وطلب الشفاء من عند الله تعالى، وليس ذلك قادحاً في جواز الكي، وإنما هو قادح في التوكل، وهي درجة ⦗١١٩⦘ عالية وراء مباشرة الأسباب.


(١) قال الحافظ في " الفتح " ٣ / ٣٤٤: وفي رواية أبي العلاء، ارتأى كل امرئ بعد ما شاء أن يرتئي، قائل ذلك هو عمران بن حصين، ووهم من زعم أنه مطرف الراوي عنه، لثبوت ذلك في رواية أبي رجاء عن عمران. وحكى الحميدي أنه وقع البخاري في رواية أبي رجاء عن عمران قال البخاري: يقال: إنه عمر، أي الرجل الذي عناه عمران بن حصين، ولم أر هذا في شيء من الطرق التي اتصلت لنا من البخاري، لكن نقله الإسماعيلي عن البخاري كذلك، فهو عمدة الحميدي في ذلك، وبهذا جزم القرطبي والنووي وغيرهما، وكأن البخاري أشار بذلك إلى رواية الجريري عن مطرف فقال في آخره: ارتأى رجل برأيه ما شاء، يعني عمر، كذا في الأصل، أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم عن وكيع عن الثوري عنه. وقال ابن التين: يحتمل أن يريد عمر أو عثمان، وأغرب الكرماني فقال: ظاهر سياق كتاب البخاري أن المراد به عثمان، وكأنه لقرب ⦗١١٧⦘ عهده بقصة عثمان مع علي جزم بذلك، وذلك غير لازم، فقد سبقت قصة عمر مع أبي موسى في ذلك، ووقعت لمعاوية أيضاً مع سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم قصة في ذلك، والأولى أن يفسر بعمر، فإنه أول من نهى عنها، وكأن من بعده كان تابعاً له في ذلك، وفي مسلم أيضاً أن ابن الزبير كان ينهى عنها، وابن عباس يأمر بها، فسألوا جابراً فأشار إلى أن أول من نهى عنها عمر، ثم في حديث عمران هذا ما يعكر على عياض وغيره في جزمهم أن المتعة التي نهى عنها عمر وعثمان هي فسخ الحج إلى العمرة، لا العمرة التي يحج بعدها، فإن في بعض طرقه عند مسلم التصريح بكونها متعة الحج، وفي رواية له أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمر بعض أهله في العشر. وفي رواية له: جمع بين حج وعمرة، ومراده التمتع المذكور وهو الجمع بينهما في عام واحد.
قال: وفي الحديث من الفوائد: جواز نسخ القرآن ولا خلاف فيه، وجواز نسخه بالسنة وفيه اختلاف شهير، ووجه الدلالة منه قوله: ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مفهومه أنه لو نهى عنها لامتنعت، ويستلزم رفع الحكم. ومقتضاه جواز النسخ، وقد يؤخذ منه أن الإجماع لا ينسخ به لكونه حصر وجوه المنع في نزول آية أو نهي من النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه وقوع الاجتهاد في الأحكام بين الصحابة، وإنكار بعض المجتهدين على بعض بالنص.

(٢) وفي كتاب الحميدي بعد قوله " حتى مات ": " وهي رواية مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عمران بمعناها لهما ". وفيه: " تمتعنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ". ولمسلم " مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " ومنهم من قال في رواية مسلم " جمع رسول الله - الخ " وحديث مطرف - هذا - من أفراد مسلم فليحرر.
(٣) هاتان الروايتان أيضاً عند مسلم بمعناهما رقم (١١٢٦) .
(٤) أخرجه البخاري ٨ / ١٣٩ في تفسيره سورة البقرة، باب {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} ، وفي الحج، باب التمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسلم رقم (١٢٢٦) في الحج باب جواز التمتع، والنسائي ٥ / ١٤٩ و ١٥٥ في الحج، باب القران.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٤/٤٣٦) قال: ثنا يحيى. والبخاري (٦/٣٣) قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، ومسلم (٤/٤٨) و (٤٩) قال: ثنا حامد بن عمر البكراوي، ومحمد بن أبي بكر المقدَّمي، قال: ثنا بشر بن المفضل. (ح) وحدثنيه محمد بن حاتم، قال: ثنا يحيى بن سعيد. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (٨/١٠٨٧٢) عن محمد بن عبد الأعلى، عن بشر بن المفضل.
كلاهما (يحيى، وبشر) عن عمران بن مسلم القصير، قال: ثنا أبو رجاء، فذكره.
والرواية الأخرى، عن مطرف، عنه:
أخرجها أحمد (٤/٤٢٧، ٤٢٨، ٤٢٩، ٤٣٤) . والدارمي (١٨٢٠) . والبخاري (٧٦٢) . ومسلم (٤/٤٧، ٤٨) . وابن ماجة (٢٩٧٨) . والنسائي (٥/١٤٩، ١٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>