للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جده أبي بردة عن أبي موسى، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الكافر يأكل في سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل في مِعي واحد» هذا حديث غريب من قبل إسناده، فإنه قد رُوي هذا الحديث من غير وجه (١) ، وإنما استُغرب من حديث أبي موسى لا غير.

قال الترمذي [رحمه الله] : ما ذكرنا في كتابنا - يعني «الجامع» الذي له - حديث حسن، فإنما أردنا حُسن إسناده عندنا، كل حديث يُروى لا يكون في إسناده من يُتَّهَمُ بالكذب ولا يكون الحديث شاذًا، ويروى من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حديث حسن (٢) .

فالحديث الحسن إذًا: واسطة بين الصحيح والغريب (٣) ، والله أعلم.

هذا آخر القول في [الباب] الثالث من هذه المقدمة


(١) أخرجه مالك في " الموطأ " ٢/٩٢٤ بابا ما جاء في معي الكافر، والبخاري كتاب " الأطعمة " باب المؤمن يأكل في معي واحد، ومسلم رقم (٢٠٦٢) كتاب " الأشربة " باب المؤمن يأكل في معي واحد، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) وقد اعترض الحافظ العراقي على الترمذي بأنه حكم في " جامعه " على أحاديث بالحسن، مع أنها لم ترد إلا من وجه واحد، مثل حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه، عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: " غفرانك " والترمذي نفسه قال في شأن هذا الحديث: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولا نعرف في الباب إلا حديث عائشة.
(٣) قال ابن الصلاح في " المقدمة " ص ٣٣: الحديث الحسن قسمان، أحدهما: الحديث الذي يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ فيما يرويه ولا هو متهم بالكذب في الحديث، أي: لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث، ولا سبب آخر مفسق، ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من ⦗١٧٩⦘ تابع راويه على مثله أو بما له من شاهد، وهو ورود حديث آخر بنحوه، فيخرج بذلك عن أن يكون شاذاً أو منكراً. القسم الثاني: أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان، وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً، ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذاً أو منكراً سلامته من أن يكون معللاً، وجمهور الفقهاء وأكثر أهل العلم بالحديث على أن الاحتجاج بالحسن جائز كالاحتجاج بالصحيح ولو كان الحسن أقل درجة منه، ولقد أدرج جماعة من المحدثين الحسن في الصحيح، منهم ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، مع اعترافهم بأنه دونه رتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>