للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦١٨ - (خ م) محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنهما- «أنَّ رَجُلاً من أَهَل العراقِ قال له: سَلَ لي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبير عن رجلٍ يُهِلُّ بالحجِّ فإذا طافَ بالبيت: أيَحِلُّ، أم لا؟ فإن قال لك: لا يَحِل، فقل له: إنَّ رجلاً يقولُ ذلك، قال: فسألته؟ فقال: لا يَحِلُّ مِنْ أهَلَّ بالحجِّ إلا بالحجِّ، فَقلتُ: إنَّ رجلاً كان يقول ذلك، قال: بئسَما قال: فَتَصدَّاني الرَّجُلُ (١) . فسألَني؟ فحدَّثتُه، قال: فقل له: إنَّ رجلاً كان يُخْبِرُ: أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قد فعلَ ذلك، وما شَأْنُ أسماء والزبير فَعَلا ذلك؟ فذكرتُ له ذلك، فقال: مَنْ هذا؟ فقلتُ: لا أدري، فقال: فما بَالُهُ لا يأتيني بنفسه يسألُني، أظُنُّهُ: عِرَاقيّاً؟ قلتُ: لا أدري: قال: فإنه قد كَذَب، قد حَجَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم ⦗٣١٢⦘ فأخبَرْتني عائشَةُ: أَنَّ أَولَ شيء بَدَأ به حين قَدِمَ مكة: أنَّه تَوَضَّأ، ثم طافَ بالبيت. ثم حجَّ أبو بَكُرٍ، فكان أولَ شيء، بدأ به: الطوافُ، ثم لم تكن عمرةٌ (٢) ، ثم معاويةُ وعبد الله بْنُ عمر، ثم حَجَجْتُ مع ابن الزُّبَيرِ بن العَوَّامِ، فكان أولَ شيء بدأ به: الطواف بالبيت، ثم لم تكن عمرة، ثم رأيتُ المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك، ثم لم تكن عمرة، ثم آخرُ مَنْ رأيتُ فعل ذلك: ابنُ عمر، ثم لم يَنْقُضْها بعمرةٍ، وهذا ابنُ عمر عندهم، أفَلا يسألونه؟ ولا أحدٌ ممن مَضى، ما كانوا يبدؤون بشيء حين يضعون أقْدَامَهُم (٣) أول من الطواف بالبيت، ثم لا يَحِلُّون، قد رأيت أمي وخالتي حين تَقْدَمان لا تبدآن بشيء أولَ من الطواف بالبيت، يطوفان به، ثم لا تَحِلان، وقد أخبَرَتني أُمي: أنها أقبلَت هي وأُختُها، والزُّبير، وفلان، وفلان، بعمرةٍ ⦗٣١٣⦘ قَطٌّ، فلَمَّا مَسَحوا الركْنَ حَلُّوا (٤) وقد كذب فيما ذَكَر من ذلك» . أخرجه البخاري ومسلم.

وفي رواية: نحوهُ مُخْتصراً، وفيه: ذِكْرُ عمر وعثمان، مثل أبي بكرٍ ولم يذكر في أولها: حديث العراقي (٥) .


(١) قال النووي في " شرح مسلم ": " فتصداني الرجل " أي: تعرض لي، هو في جميع النسخ " تصداني " بالنون، والأشهر في اللغة: تصدى لي.
(٢) في نسخ مسلم المطبوعة: ثم لم يكن غيره. قال النووي في " شرح مسلم ": هكذا هو في جميع النسخ (غيره) بالغين المعجمة والياء. قال القاضي عياض: كذا هو في جميع النسخ. قال: وهو تصحيف، وجوابه: " ثم لم تكن عمرة " بضم العين المهملة وبالميم. وكأن السائل لعروة إنما سأله عن فسخ الحج إلى العمرة على مذهب من رآه، واحتج بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك في حجة الوداع، فأعلمه عروة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك بنفسه، ولا من جاء بعده. هذا كلام القاضي.

(٣) قال النووي في " شرح مسلم ": فيه: أن المحرم بالحج إذا قدم إلى مكة ينبغي له أن يبدأ بطواف القدوم، ولا يفعل شيئاً قبله، ولا يصلي تحية المسجد، وهذا كله متفق عليه عندنا. وقوله: " يضعون أقدامهم " يعني: يصلون مكة. وقوله: " ثم لا يحلون " فيه: التصريح بأنه لا يجوز التحلل بمجرد طواف القدوم كما سبق.
(٤) قال النووي في " شرح مسلم ": قوله: " فلما مسحوا الركن حلوا " هذا متأول عن ظاهره، لأن الركن: هو الحجر الأسود، ومسحه يكون في أول الطواف، ولا يحصل التحلل بمجرد مسحه بإجماع المسلمين. فلما مسحوا الركن، وأتموا طوافهم، وسعيهم، وحلقوا، أو قصروا: حلوا. ولا بد من تقدير هذا المحذوف، وإنما حذفته للعلم به. وقد أجمعوا على أنه لا يتحلل قبل إتمام الطواف.
ومذهبنا ومذهب الجمهور: أنه ليس بواجب، ولا حجة لهذا القائل في هذا الحديث؛ لأن ظاهره غير مراد بالإجماع، فيتعين تأويله كما ذكرنا، ليكون موافقاً لباقي الأحاديث.
ثم قال: والمراد بالماسحين: من سوى عائشة، وإلا فعائشة لم تمسح الركن قبل الوقوف بعرفات في حجة الوداع؛ بل كانت قارنة، ومنعها الحيض من الطواف قبل يوم النحر، وهكذا قول أسماء بعد هذا: " اعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير وفلان وفلان، فلما مسحنا البيت أحللنا، ثم أهللنا بالحج " المراد به أيضاً: من سوى عائشة، وهكذا تأوله القاضي عياض، والمراد: الإخبار عن حجتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم: حجة الوداع، على الصفة التي ذكرت في أول الحديث، وكان المذكورون سوى عائشة محرمين بالعمرة، وهي عمرة الفسخ، التي فسخوا الحج إليها، وإنما لم تستثن عائشة لشهرة قصتها.
قال القاضي عياض: وقيل: يحتمل أن أسماء أشارت إلى عمرة عائشة التي فعلتها بعد الحج، مع أخيها عبد الرحمن من التنعيم.
(٥) أخرجه البخاري ٣ / ٣٩٧ في الحج، باب الطواف على وضوء، وباب طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته، ومسلم رقم (١٢٣٥) في الحج، باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى من البقاء على الإحرام وترك التحلل.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (٢/١٨٦) قال: حدثنا أصبغ. وفي (٢/١٩٢) قال: حدثنا أحمد بن عيسى. ومسلم (٤/٥٤) قال: حدثني هارون بن سعيد الأيلي، وابن خزيمة (٢٦٩٩) قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب.
أربعتهم - أصبغ، وأحمد بن عيسى، وهارون، وأحمد بن عبد الرحمن - عن ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>