للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال مأمون المصري الحافظ: خرجنا مع أبي عبد الرحمن إلى طرسوس سنة الفداء، فاجتمع جماعة من مشايخ الإسلام، واجتمع من الحفاظ عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن إبراهيم مُرَبَّع، وأبو الآذان، وكِيلجه (١) وغيرهم. فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ؟ فاجتمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي، وكتبوا كلهم بانتخابه.

وقال الحاكم النيسابوري: أما كلام أبي عبد الرحمن على فقه الحديث فأكثر من أن يذكر. ومن نظر في كتابه «السنن» له تحير في حسن كلامه.

وقال: سمعت علي بن عمر الحافظ غير مرة يقول: أبو عبد الرحمن مُقدَّم على كل من يذكر بهذا العلم في زمانه.

وكان شافعي المذهب، له مناسك، ألَّفها على مذهب الشافعي، وكان ورعًا متحريًا، ألا تراه يقول في كتابه «الحارث بن مسكين قراءة عليه، وأنا أسمع» ولا يقول فيه: «حدثنا» ولا «أخبرنا» كما يقول عن باقي مشايخه.

وذلك: أن الحارث كان يتولى القضاء بمصر، وكان بينه وبين أبي عبد الرحمن خشونة، لم يمكنه حضور مجلسه، فكان يستتر في موضع، ويسمع حيث لا يراه، فلذلك تورع وتحرى، فلم يقل: «حدثنا وأخبرنا» .

وقيل: إن الحارث كان خائضًا في أمور تتعلق بالسلطان، فقدم أبو عبد الرحمن فدخل إليه في زي أنكره، قالوا: كان عليه قباء طويل، وقلنسوة


(١) هو محمد بن صالح بن عبد الرحمن البغدادي. أبو بكر الأنماطي، الملقب كيلجة (وفي الأصل والمطبوع كيلحة بالحاء وهو تصحيف) قال الحافظ في " التقريب ": ثقة حافظ، توفي سنة ٢٧١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>