للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٧٩ - (خ م ت د س) عائشة -رضي الله عنها- قالت: «إنَّ قُرَيشاً أَهَمَّهُمْ شَأنُ المرأَةِ المَخزوميَّةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكلّمُ فيها رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالوا: ومَنْ يَجترئُ عليه إلا أُسامَةُ بن زَيدٍ، حِبُّ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فَكلَّمَهُ أُسَامَةُ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أتَشفَعُ في حدٍّ مِنْ حُدودِ الله؟ ثم قام فَاخْتطَبَ، ثم قال: إنَّما أَهلك الذين قبلكم: أنَّهمْ كانوا إذا سَرقَ فيهم الشَّريفُ تَرَكُوه، وإذا سَرَقَ فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ. وَأيْمُ الله لَوْ أنَّ فاطمةَ بنْتَ محمدٍ سَرَقَت لقطعتُ يَدَهَا» .

وفي أخرى نحوه بمعناه، وفيه: «أنَّ بني إسرائيل كان إذا سَرَقَ فيهم الشريفُ تَرَكوهُ» .

وفي أخرى: «أَنَّ قُريشاً أهَمَّهمْ شَأْنُ المرأَة التي سَرَقَتْ في غَزْوَةِ الفتح» ، وفيه: «أنَّ أُسَامَةَ كَلَّمَهُ، فَتلَّونَ وجهُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أتشفَعُ في حَدٍّ من حُدودِ الله؟ فقال أُسَامَةُ: استَغفِرْ لي يا رسولُ الله، فلما كان بالعَشيِّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَأثْنى على الله بما هو أهْلُهُ، ثم قال: أمَّا بعدُ، فإنما هَلَكَ الَّذين من قَبلكُمْ ... ثم ذكر الحديث، وقال في آخره: ثم أمَرَ بتلك المرأةِ التي سَرقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُها، قالت عائشةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُها بعدُ وتَزوَّجَتْ، وكانَتْ تَأْتي بعد ذلك فَأرفَعُ حاجَتَها إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-» . هذه روايات البخاري ومسلم. ⦗٥٦٢⦘

ولمسلم أيضاً: قالت: «كانَتِ امْرَأةٌ مَخْزُوميَّةٌ تَستعيرُ المتاعَ وتَجْحدُهُ، فَأَمَرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقطع يدِها (١) ، فأَتى أهْلُها أُسَامَةَ فَكلَّمُوهُ، فَكَلَّمَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فيها» . قال: ثُمَّ ذكر الحديث بنحو ما تقدَّمَ.

وأخرج الترمذي الرواية الأولى.

وأخرج أبو داود الرواية الأولى والثالثةَ والرابعةَ.

وله في أخرى: قالت: «اسْتَعارَتْ امْرَأَة - يعني: حُليّاً - على أَلسنةِ أُنَاسٍ يُعْرَفُونَ ولا تُعْرَفُ هِيَ، فَبَاعَتْهُ، فَأُخِذَتْ، فأُتيَ بها إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَأمَرَ بِقَطْع يَدِها، وهي التي شَفَعَ فيها أُسَامَةُ بْنُ زيدٍ، وقال فيها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ما قال» .

وأخرج النسائي الرواية الأولى.

وله في أخرى بنحو من هذه الروايات، وقال: إن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم ⦗٥٦٣⦘ قال لأُسامةَ: «إنَّ بني إسْرائِيلَ هَلَكُوا بِمثلِ هذا، كانُوا إذا سَرَقَ فيهم الشريفُ تَركْوهُ.. الحديث» .

وفي أخرى له بنحو ذلك، وفيه قول عائشةَ عن توبتها، ورفعِها حَاجَتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وله في أخرى نحو رواية أبي داود الأولى، وفيها: «فَبَاعته وأخَذَتْ ثمَنَهُ، فَأُتِيَ بها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَسعَى أهلُها إلى أُسَامَةَ بن زَيْدٍ، فَكلَّمَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فيها، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يُكلِّمُهُ، فقال أُسَامةُ: اسْتغْفِر لي يا رسول الله» .

وذكر الحديث والخُطبةَ وما قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- كما سبق، وقال في آخرها: «ثُمَّ قَطعَ تلكَ المرأَةَ» (٢) .


(١) قال النووي في " شرح مسلم ": قال العلماء: المراد: أنها قطعت بالسرقة، وإنما ذكرت العارية تعريفاً لها ووصفاً لها، لا لأنها سبب القطع، وقد ذكر مسلم هذا الحديث في سائر الطرق المصرحة بأنها سرقت وقطعت بسبب السرقة، فيتعين حمل هذه الرواية على ذلك، جمعاً بين الروايات، فإنها قضية واحدة، مع أن جماعة من الأئمة قالوا: هذه الرواية شاذة، فإنها مخالفة لجماهير الرواة، والشاذة لا يعمل بها، قال العلماء: وإنما لم تذكر السرقة في هذه الرواية؛ لأن المقصود منها عند الراوي ذكر منع الشفاعة في الحدود، لا الإخبار عن السرقة. قال جماهير العلماء وفقهاء الأمصار: لا قطع على من جحد العارية، وتأولوا هذا الحديث بنحو ما ذكرته، وقال أحمد وإسحاق: يجب القطع في ذلك.
(٢) أخرجه البخاري ١٢ / ٧٦ في الحدود، باب إقامة الحدود على الشريف والوضيع، وباب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان، وباب توبة السارق، وفي الشهادات، باب شهادة القاذف والسارق والزاني، وفي الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب ذكر أسامة بن زيد، وفي المغازي، باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح، ومسلم رقم (١٦٨٨) في الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره، والترمذي رقم (١٤٣٠) في الحدود، باب ما جاء في كراهية أن يشفع في الحدود، وأبو داود رقم (٤٣٧٣) و (٤٣٧٤) في الحدود، باب في الحد يشفع فيه،
والنسائي ٨ / ٧٤ و ٧٥ في السارق، باب ما يكون حرزاً وما لا يكون.
قال الحافظ في " الفتح " ١٢ / ٨٥ ما ملخصه: وفي هذا الحديث من الفوائد: منع الشفاعة في الحدود، وفيه دخول النساء مع الرجال في حديث السرقة. وفيه قبول توبة السارق، ومنقبة لأسامة. وفيه ⦗٥٦٤⦘ ما يدل على أن فاطمة عليها السلام عند أبيها صلى الله عليه وسلم في أعظم المنازل، وفيه ترك المحاباة في إقامة الحد على من وجب عليه ولو كان ولداً أو قريباً أو كبير القدر، والتشديد في ذلك والإنكار على من رخص فيه أو تعرض للشفاعة فيمن وجب عليه، وفيه جواز ضرب المثل بالكبير القدر للمبالغة في الزجر عن الفعل، ومراتب ذلك مختلفة، وفيه جواز التوجع لمن أقيم عليه الحد بعد إقامته عليه، وفيه الاعتبار بأحوال من مضى من الأمم ولاسيما من خالف أمر الشرع.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٦/٤١) قال: حدثنا سفيان، عن أيوب بن موسى. وفي (٦/١٦٢) قال: حدثنا عبد الرزاق: قال: حدثنا معمر. والدارمي (٢٣٠٧) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله. قال: حدثنا الليث. والبخاري (٤/٢١٣) و (٥/٢٩) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا ليث. وفي (٥/٢٩) قال: حدثنا علي. قال: حدثنا سفيان. قال: ذهبت أسأل الزهري عن حديث المخزومية فصاح بي. قلت لسفيان: فلم تحتمله عن أحد؟ قال: وجدته في كتاب كان كتبه أيوب بن موسى. وفي (٨/١٩٩) قال: حدثنا أبو الوليد. قال: حدثنا الليث. (ح) وحدثنا سعيد بن سليمان. قال: حدثنا الليث. وفي (٨/٢٠١) قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله. قال: حدثني ابن وهب، عن يونس. ومسلم (٥/١١٤) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا ليث. (ح) وحدثنا محمد بن رمح، قال: أخبرنا الليث. (ح) وحدثني أبو الطاهر، وحرملة بن يحيى. قالا: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس بن يزيد. وفي (٥/١١٥) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: أخبرنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وأبو داود (٤٣٧٣) قال: حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني. قال: حدثني الليث (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي. قال: حدثنا الليث. وفي (٤٣٧٤ و ٤٣٩٧) قال: حدثنا عباس بن عبد العظيم ومحمد بن يحيى. قالا: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (٤٣٩٦) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس. قال: حدثنا أبو صالح، عن الليث. قال: حدثني يونس. وابن ماجة (٢٥٤٧) قال: حدثنا محمد بن رمح المصري. قال: أنبأنا الليث بن سعد. والترمذي (١٤٣٠) قال: حدثنا قتيبة. قال: حدثنا الليث. والنسائي (٨/٧٢) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. قال: أنبأنا سفيان. قال: كانت مخزومية تستعير متاعا وتجحده، فرفعت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكلم فيها. فقال: لو كانت فاطمة لقطعت يدها.. قيل لسفيان: مَن ذكره؟ قال: أيوب بن موسى. (ح) وأخبرنا محمد بن منصور. قال: حدثنا سفيان، عن أيوب بن موسى. (ح) وأخبرنا رزق الله بن موسى. قال: حدثنا سفيان، عن أيوب بن موسى. وفي (٨/٧٣) قال: أخبرنا عمران بن بكار. قال: حدثنا بشر بن شعيب. قال: أخبرني أبي. (ح) وأخبرنا قتيبة. قال: حدثنا الليث. وفي (٨/٧٤) قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق. قال: حدثنا أبو الجواب. قال: حدثنا عمار بن رزيق، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن إسماعيل بن أمية. (ح) وأخبرني محمد بن جبلة. قال: حدثنا محمد بن موسى بن عين. قال: حدثنا أبي. عن إسحاق بن راشد. (ح) وقال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب. قال: أخبرني يونس.
سبعتهم- أيوب بن موسى، ومعمر، والليث بن سعد، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وإسماعيل بن أمية، وإسحاق بن راشد - عن الزهري، عن عروة بن الزبير، فذكره.
وأخرجه النسائي (٨/٧٢) قال: أخبرنا علي بن سعيد بن مسروق. قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري عن عروة، فذكره. ليس فيه «أيوب بن موسى» .
وأخرجه البخاري (٣/٢٢٣) قال: حدثنا إسماعيل. قال: حدثني ابن وهب. وفي (٥/١٩٢) قال: حدثنا محمد بن مقاتل. قال: أخبرنا عبد الله. والنسائي (٨/٧٥) قال: أخبرنا سويد، قال: أنبأنا عبد الله.
كلاهما - ابن وهب، وعبد الله بن المبارك - عن يونس، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن امرأة سرقت في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه، فذكره. وقال في آخره: قالت عائشة: فكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>