للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٧٤ - (خ س) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- مَاتَ وأبو بكرٍ بِالسُّنْحِ (١) . [قال إسماعيل] (٢) : - تعني بالعَالِيةِ - فقام عمرُ يقول: والله مَا مَات رسولُ الله، قالت: وقال عمر: [والله] مَا كانَ يَقَعُ في نَفسي إلا ذاك (٣) ، وَلَيَبعثَنَّهُ اللهُ فَلَيُقَطِّعَنَّ أيديَ رِجَالٍ وَأرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أبو بكرٍ، فَكَشَفَ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فَقَبَّلَهُ، وقال: بِأبِي أنْتَ ⦗٨٦⦘ طِبتَ حَياً وَمَيِّتاً، والذي نَفسي بيده، لا يُذِيقَنَّكَ اللهُ الموتَتَيْنِ أبداً (٤) ، ثم خرج أبو بكرٍ، فقال: أيُّها الحالِفُ، على رِسْلِكَ (٥) ، فَلَمَّا تَكلَّمَ أبو بكرٍ جَلَسَ عُمرُ، فَحمدَ اللهَ أبو بكر، وأثنى عليه، وقال: ألا، مَنْ كانَ يَعبُدُ مُحمَّداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فَإنَّ اللهَ حَيٌّ لا يموتُ، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهم مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] ، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رسولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أَفَإن مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ على أعقابِكم وَمَنْ يَنْقَلِبْ على عَقِبَيْهِ فَلنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيئاً وسَيَجزي اللهُ الشاكِرينَ} [آل عمران: ١٤٤] قال: فنَشَجَ النَّاسُ [يَبكُونَ] قَال: واجتَمَعَتِ الأنْصارُ إلى سعد بن عُبادةَ فِي سَقيفَةِ بَني سَاعِدَةَ، فقالوا: مِنَّا أمِيرٌ، ومِنكم أمِيرٌ، فَذَهبَ إليهم أبو بكر، وعمرُ بنُ الخطاب، وأبو عُبَيْدَةَ بنُ الجَراح، فذهب عمرُ يتكلم، فَأسْكَتَهُ أَبو بكرٍ، وكان يقول: واللهِ مَا أردتُ بذلك إلا أنِّي قد هَيَّأْتُ كلاماً أعجَبني، خَشيتُ أنْ لا يَبلُغهُ أبو بكر؟ ثُمَّ تَكَلَّمَ ⦗٨٧⦘ أبو بكر، فَتَكلَّمَ أبلَغَ الناسِ (٦) ، فقال في كلامه: نَحْنُ الأُمَرَاءُ، وَأنْتُم الْوُزَرَاءُ، فقال حُبَابُ بن المُنْذِرِ: لا واللهِ، لا نَفعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ، ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا، ولَكنَّا الأُمرَاءُ وأنتم الوُزراءُ - زاد رزين -: لَنْ يُعْرَفَ هذا الأمرُ إلا لِحَيٍّ من قُرَيشٍ - هُمْ أَوْسَطُ العربِ داراً، وَأعزُّهُم أحساباً (٧) - فبَايِعُوا عُمرَ، أو أبا عُبيدَةَ بنَ الْجَرَّاحِ، فقال عمرُ: بل نُبَايِعُكَ أنتَ، فَأنْتَ سَيِّدُنا، وخَيْرُنَا، وأحَبُّنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فَأخذَ عمرُ بيدِهِ فَبايَعَهُ، وبايَعَهُ الناسُ، فقال قائلٌ: قَتلْتُمْ سعدَ بن عُبَادَةَ، فقال عمر: قَتَلَهُ الله» (٨) .

[قالت عائشة (٩) : شَخَصَ بَصَرُ النبي - صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: «في الرفيق ⦗٨٨⦘ الأعلى - ثلاثاً- ... وقَصَّ الحديث» ] (١٠) قالت: فما كان من خطبتهما من خُطبة إلا نَفَعَ الله بها، لقد خَوَّفَ عمرُ الناسَ، وإنَّ فيهم لَتُقى (١١) فَرَدَّهم الله بذلك، ثم لقد بَصَّرَ أبو بكر الناسَ في الله، وعَرَّفَهُمْ الحقَّ الذي عليهم، وخَرجوا به يَتلُون: {وَمَا مُحمدٌ إلا رسولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ ... } إلى: {الشاكرِينَ} . أخرجه البخاري (١٢) .

وأخرج النسائي منه إلى قوله: «المَوتَتَيْنِ أبداً» . وقال: «أمَّا الموتةُ التي كَتَبَها اللهُ عليك فقدْ مُتَّها» .

وله في أخرى: «إنَّ أبَا بكْرٍ قَبَّلَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- وهو مَيِّتٌ» . ولَم يَزِد (١٣) . ⦗٨٩⦘

والذي قرأْتُه في كتاب البخاري من طريق أبي الوقت: «وَأعْرَبُهُمْ أَحسَاباً» . وفي كتاب الحميدي: «وَأَعَزُّهُمْ أَحْسَاباً» (١٤) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فنشج) : النشيج: تردد صوت الباكي في صدره من غير انتحاب.

(سقيفة) : السقيفة الصُّفَّة في البيت، وبنو ساعدة: بطن من الأنصار.


(١) هو منازل بني الحارث من الخزرج بالعوالي بينه وبين المسجد النبوي ميل.
(٢) هو شيخ المصنف، وهو ابن أبي أويس.
(٣) يعني عدم موته صلى الله عليه وسلم حينئذ.
(٤) قال الحافظ في " الفتح ": وعنه أجوبة، فقيل: هو على حقيقته، وأشار بذلك إلى الرد على من زعم أنه سيحيا فيقطع أيدي رجال، لأنه لو صح ذلك للزم أن يموت موتة أخرى، فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين، كما جمعهما على غيره، كالذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف، وكالذي مر على قرية، وهذا أوضح الأجوبة وأسلمها.
(٥) أي: على هينتك، ولا تستعجل، قال الحافظ في " الفتح ": وأما وقوع الحلف من عمر على ما ذكره، فبناه على ظنه الذي أداه إليه اجتهاده، وفيه بيان رجحان علم أبي بكر على عمر فمن دونه، وكذلك رجحانه عليهم لثباته في مثل ذلك الأمر العظيم.
(٦) قال الحافظ في " الفتح ": قوله: " ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس " بنصب " أبلغ " على الحال، ويجوز الرفع على الفاعلية، أي: تكلم رجل هذه صفته، وقال السهيلي: النصب أوجه، ليكون تأكيداً لمدحه وصرف الوهم عن أن يكون أحد موصوفاً بذلك غيره، قال الحافظ: وفي رواية ابن عباس قال: قال عمر: والله ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت.
(٧) في البخاري المطبوع: وأعربهم أحساباً.
(٨) البخاري ٧ / ٢٢ و ٢٣ في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذاً خليلاً، وفي الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه، وفي المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته.
(٩) هذا حديث آخر علقه البخاري فقال: وقال عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال عبد الرحمن ابن القاسم: أخبرني أبي القاسم أن عائشة قالت ... الخ.
(١٠) ما بين المعقفين زيادة من البخاري المطبوع.
(١١) في البخاري المطبوع: وإن فيهم لنفاقاً، قال الحافظ في " الفتح ": أي: إن في بعضهم منافقين، وهم الذين عرض بهم عمر في قوله المتقدم، قال: ووقع في رواية الحميدي في " الجمع بين الصحيحين ": " وإن فيهم لتقى " فقيل: إنه من إصلاحه، وإنه ظن أن قوله: " وإن فيهم لنفاقاً " تصحيف، فصيره " لتقى " كأنه استعظم أن يكون في المذكورين نفاق، وقال عياض: لا أدري هو إصلاح منه أو رواية، وعلى الأول فلا استعظام، فقد ظهر في أهل الردة ذلك، ولاسيما عند الحادث العظيم الذي أذهل عقول الأكابر، فكيف بضعفاء الإيمان، فالصواب ما في النسخ، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق البخاري وقال فيه: إن فيهم لنفاقاً.
(١٢) معلقاً ٧ / ٢٦ في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب فضل أبي بكر رضي الله عنه، قال الحافظ في " الفتح ": وهذه الطريق لم يوردها البخاري إلا معلقة، ولم يسقها بتمامها، وقد وصلها الطبراني في " مسند الشاميين ".
(١٣) النسائي ٤ / ١١ في الجنائز، باب تقبيل الميت، وإسناده صحيح.
(١٤) كما في رواية البخاري التي ذكرها المؤلف.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: اللفظ الأول:
أخرجه البخاري (٥/٧) قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن عروة بن الزبير، فذكره.
- ورواية النسائي (٤/١١) قال: أخبرنا أحمد بن عمرو، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، فذكره.
أخرجه أحمد (٦/٥٥) . والبخاري (٦/١٧) قال: حدثني عبد الله بن أبي شيبة. وفي (٦/١٧ و ٧/١٦٤) قال: حدثنا علي بن عبد الله. وابن ماجة (١٤٥٧) قال: حدثنا أحمد بن سنان والعباس بن عبد العظيم وسهل بن أبي سهل. والترمذي في الشمائل (٣٩٠) قال: حدثنا محمد بن بشار وعباس العنبري وسوار بن عبد الله وغير واحد. والنسائي (٤/١١) قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن المثنى.
عشرتهم (أحمد بن حنبل، وعبد الله بن أبي شيبة، وعلي بن عبد الله، وأحمد بن سنان، وعباس بن عبد العظيم العنبري، وسهل بن أبي سهل، ومحمد بن بشار، وسوار بن عبد الله، ويعقوب بن إبراهيم، ومحمد بن المثنى) عن يحيى بن سعيد. قال: حدثنا سفيان. قال: حدثني موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>