للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٧٦ - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنتُ أقرئ رجالاً مِنَ المهاجرين، منهم عبدُ الرحمن بنُ عوف (١) ، فبينما أنا في منزله بِمنى، وهو عند عمرَ بن الخطاب في آخر حَجَّةٍ حَجَّها، إذ رَجَعَ إليَّ عبدُ الرحمن، فقال: لو رأيتَ رَجُلاً أَتى أمِيرَ المؤمنينَ اليومَ، فقال: هل لك يا أميرَ ⦗٩١⦘ المؤمنين في فلان يَقول: لو قَد ماتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فلاناً، فواللهِ ما كانَتْ بَيْعَة أبي بكرٍ إلا فَلتَة [فَتَمَّتْ] فغضبَ عمرُ، ثم قال: إني إن شاءَ اللهُ لقائمٌ العَشِيَّةَ في الناس، فَمُحَذِّرُهُمُ هؤلاءِ الذين يُريدون أَن يُغضِبُوهم أمرهم (٢) ، قال عبد الرحمن: فقلت: يا أَمير المؤمنين لا تَفعل، فإن المَوسِم يَجْمَعُ رِعَاعَ الناسِ وغَوغاءهُم، وإِنَّهُم هم الذين يَغْلبونَ على قُرْبِكَ حين تقُوم في الناس، فأنا أخشى أن تقوم، فتقولَ مقالة يطير بها أُولئك عند كلِّ مُطيرٍ (٣) ، وأنْ لا يعُوها، وأن لا يَضَعُوها على مَوَاضِعِها، فَأمْهِل حتى تَقْدَمَ المدينةَ، فإنها دارُ الهجرة والسُّنَّةِ، فَتَخلُصَ بأهل الفقه، وأشرافِ الناسِ، فتقول ما قلتَ متمكِّناً، فَيعي أهلُ العلم مقالَتَكَ، ويَضَعوها على مواضعها، قال: فقال عمرُ: أما والله إن شاء الله لأقُومنَّ بذلك أَوَّلَ مَقامٍ أقومُهُ بالمدينةِ، قال ابن عباس: فَقَدِمْنا المدينةَ في عَقِب ذي الحِجَّةِ، فلما كان ⦗٩٢⦘ يَومُ الجمعة عَجَّلنا بالرَّواح حينَ زاغَتِ الشمسُ - زاد رزين: فَخَرْجتُ في صَكَّةِ عُمِّيٍّ - حتى أَجدَ سعيدَ بن زَيدِ بن عمرو بن نُفيل جالساً إلى رُكْنِ المنبر، فجلستُ حَذوهُ (٤) ، تَمسُّ رُكبَتي رُكبَتَهُ، فلم أَنشبْ أنْ خَرَجَ عُمرُ بن الخطاب، فَلَمَّا رأَيْتُهُ مُقْبلاً، قلتُ لِسعيدِ بنِ زيد بن عَمرو بن نُفيل: ليَقولَنَّ العشيةَ على المنبر مَقالة لم يَقُلْها مُنذُ استُخْلِفَ، فَأَنْكرَ عَليَّ. وقال: ما عَسى أن يقولَ ما لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ؟ .

فَجَلَسَ عُمرُ على المنبر، فَلما سَكَتَ المؤذِّنُ (٥) قَامَ، فَأثْنى على اللهِ بما هو أهلُه، ثم قال: أما بعدُ: فإني قَائلٌ لكم مقالة، قَد قُدِّرَ لي أن أقُولَها، لا أدري لَعَلَّها بَيْنَ يَدَيْ أجَلي (٦) فَمَن عَقَلَها ووعَاهَا فَليُحَدِّثْ بِها حيث انْتَهتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمنْ خَشيَ أن لا يَعقِلَها فلا أُحِلُّ لأحَدٍ أنْ يَكْذِبَ عليَّ: إنَّ الله عزَّ وَجَلَّ بَعَثَ محمداً - صلى الله عليه وسلم- بالحقِّ، وَأنْزَلَ عليه الكتابَ، فكان ممَّا أَنزلَ الله عليه: آيةُ الرَّجم، فقرأناها، وعقلناها، ووعَيْنَاهَا، ورَجَمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، ورجمنا بعده، فأخْشى إن طَالَ بالنَّاسِ زمانٌ أنْ يقولَ قائلٌ: واللهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرجم في كتاب الله، ⦗٩٣⦘ فَيَضِلُّوا بتركِ فريضةٍ أَنْزَلَها الله (٧) فَالرَّجْمُ في كتاب اللهِ حَقٌّ على مَنْ زَنى إذا أُحْصِنَ من الرجالِ والنساءِ، إذَا قَامَتِ البيِّنَةُ، أو كان الحَبَلُ، أو الاعترافُ، ثم إنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كتابِ الله: أَن لا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُم، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُم أَنْ تَرْغَبُوا عن آبائكم - أوْ إِنَّ كُفْراً بِكم (٨) أنْ تَرْغبوا عن آبائكم- أَلا وإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تُطْرُوني (٩) كما أُطْرِيَ عيسى بنُ مريم، وقولوا: عبدُ الله ورسولُه (١٠) » .

ثم إنه بلغني أنَّ قائلاً منكم يقول: والله لو مات عمرُ بَايعتُ فُلاناً، فلا يَغتَرَّ امْرؤٌ أَنْ يقول: إنما كانت بَيعةُ أبي بَكرٍ فَلتَة، وَتَمَّتْ، أَلا وإنها قد كانت كذلك، ولكنَّ الله وَقَى شرَّها، وليس فيكم مَنْ تُقْطعُ إليه الأَعْنَاقُ مثلُ أبي بكر، [من بايع رجلاً عن غير مَشُورةٍ من المسلمين فلا يُبايَعُ هو ولا الذي بايعه تَغرَّة أن يقتلا] ، وإنَّهُ قد كان من خبرنا - حين تُوفِّي نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم- (١١) - أَنَّ الأنصار خالفونا واجْتَمَعوا ⦗٩٤⦘ بِأسرِهِمْ في سَقيفةِ بني سَاعِدَةَ، وَخَالَفَ عَنَّا عليٌّ والزُّبَيرُ ومن معهما.

واجتَمَعَ المهاجرونَ إلى أبي بكر، فَقُلْتُ لأبي بكر: [يا أبا بكر] ، انْطَلِق بِنَا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصارِ، فانطَلَقْنَا نُرِيدُهُم، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُم لَقِينا منهم رَجُلانِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا مَا تَمالأ عليه القوم، فقالا: أيْنَ تُرِيدُونَ يَا معشرَ المهاجرين؟ فقلنا: نُريدُ إخْوانَنَا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عَلَيْكم، لا تَقرَبُوهم (١٢) ، اقضُوا أمْرَكم، فقلت: والله لَنَأْتِيَنَّهم، فانطلقنا حتى أتيناهم في سَقيفة بني ساعدة، فإذا رجلٌ مُزمَّلٌ بين ظَهرانيْهمْ، فقلتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: هذا سَعدُ بنُ عُبَادَةَ، فقلتُ: مَا لَهُ؟ قالوا: يُوعَكُ، فَلَمَا جَلَسْنا قليلاً تَشَهَّدَ خَطيبُهُمْ، فَأثْنى على الله بما هو أهلُه، ثم قال: أمَّا بعدُ، فَنحنُ أنْصارُ الله، وكتيبَةُ الإسلام، وَأنْتُمْ مَعَاشِرَ المهاجِرينَ رَهْطٌ مِنَّا، وقد دَفَّتْ دافَّةٌ من قومكم، فإذا هُمْ يريدون أنْ يَخْتَزِلونا من أصلنا، وأنْ يَحضُنُونَا من الأمر، فَلَما سكتَ أرَدتُ أن أتكلَّمَ، وكنتُ زَوَّرتُ مَقَالَة أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَها بين يديْ أبي بكرٍ، وكنتُ أُدَاري منه بعض الحَدِّ.

فلما أردتُ أن أتكلَّم قال أبو بكر: على رِسْلِك، فكرِهْتُ أن أُغْضِبَهُ، فتكلم أبو بكر، فكانَ هو أَحْلَمَ مِني، وأوقَرَ، والله ما تَرَكَ من كلمةٍ أعجَبَتْني في تَزْويرِي ⦗٩٥⦘ إلا قال في بَدِيهتِهِ مِثْلهَا، أو أفضلَ منها، حتى سكتَ، فقال: ما ذكرتُم فيكم من خَيْرٍ، فَأنتم لَهُ أَهلٌ، وَلَنْ تَعرِفَ العربُ هذا الأمرَ إلا لهذا الحيِّ من قُريشٍ، هم أوْسَطُ العربِ نَسَباً، ودَاراً، وقد رَضِيتُ لكم أحَدَ هَذين الرجلين، فبَايِعُوا أيَّهُما شِئْتُم؟ فَأخَذَ بِيدِي، ويدِ أبي عُبَيدَةَ بن الجراح، وهو جالسٌ بيننا، فلم أكرَهْ مِمَّا قال غيرَها، كان والله أن أُقَدَّم فَتُضْرَبَ عُنُقي - لا يُقَرِّبُني ذلك من إثْمٍ - أَحَبَّ إِليَّ من أن أَتَأمَّرَ على قَومٍ فيهم أبو بكر، اللهم إلا أنْ تُسَوِّلَ لي نفسي عند الموتِ شيئاً لا أجِدُهُ الآن.

فقال قائل مِن الأنصارِ: أنا جُذَيلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ، مِنَّا أميرٌ، ومنكم أميرٌ، يا معشرَ قريش، فكثُرَ اللَّغطُ، وارتفعتِ الأصواتُ، حتى فَرِقْتُ من الاختلاف، فقلتُ: ابْسُط يَدَكَ يا أبا بكر، فبسطَ يَدَهُ، فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعهُ المهَاجِرُونَ، ثم بايَعَتْهُ الأنصَارُ، وَنَزَوْنَا على سعدِ بنِ عُبَادَةَ، فقال قائلٌ منهم: قَتَلْتُمْ سعدَ بنَ عبادة، فقلتُ: قَتلَ الله سعدَ بن عبادةَ، قال عمرُ: وإنا واللهِ، مَا وَجَدنَا فِيما حَضَرَنَا مِنْ أمْرِنَا أقوى من مُبَايَعَةِ أبي بكر، خَشينَا إنْ فَارقنا القومَ، ولم تَكُنْ بَيْعَةٌ، أن يُبايِعوا رجلاً منهم بعدَنا، فإما تَابَعْناهم (١٣) على ما لا نرضى، وإما أن نُخَالِفَهُم فيكونَ ⦗٩٦⦘ فسادٌ، فمن بايعَ رجلاً على غير مَشورَةٍ من المسلمين فلا يُتَابَع هُو، ولا الذي بَايَعهُ، تَغِرَّة أن يُقتَلا. هذه رواية البخاري.

وهو عند مسلم مختصر حديث الرجم، ولقلة ما أخرج منه لم نُثبِتْ له علامة.

وقد ذكر [منه] البخاري مفرداً في موضع آخر: «لا تُطرُوني كما أَطْرَتِ النَّصَارَى عيسى بنَ مريمَ» (١٤) . ⦗٩٧⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(رعاع الناس) : عامتهم وسفلتهم.

(غوغاؤهم) : غوغاء الناس الذين يكثرون الجلبة (١٥) والضجة من غير تثبت.

(صكة عُمِّي) : كناية عن شدة الحر وقت الهاجرة، يقال: جاء صكة عُمِّي، أي في وقت الهاجرة، وغاية القيظ، وذلك أن الإنسان إذا خرج وقت الهاجرة لا يكاد يملأ عينيه من نور الشمس، أرادوا: أنه يصير أعمى، وعمَيّ تصغير أعمى مرخماً، وقيل: هو اسم رجل من العمالقة أغار على قوم ظهراً، فاستأصلهم، [فنسب الوقت إليه] .

(لم أنشب) : أي: لم ألبث، وأصله من نشبتُ في الشيء: إذا علقت فيه.

(تطروني) : الإطراء: المبالغة في المدح والإسراف فيه بما ليس في الممدوح. ⦗٩٨⦘

(تقطع دونه الأعناق) : أي ليس فيكم سابق إلى الخيرات تقطع أعناق مسابقيه سبقاً إلى كل خير مثل أبي بكر (١٦) ، كأنه تنقطع الأعناق من المشقة في تكلف السبق الذي لم ينالوه.

(فلتة وقى الله شرها) : الفلتة: الفجأة، وذلك أنهم لم ينتظروا ببيعة أبي بكر - رضي الله عنه - عامة الصحابة، وإنما ابتدرها عمر، ومن تابعه وقيل: الفلتة آخر ليلة من الأشهر الحرم، فيختلفون فيها: من الحل هي، أم من الحرم؟ فيسارع الموتور إلى درك الثأر، فيكثر الفساد، وتسفك الدماء، فشبه أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالأشهر الحرم، ويوم موته بالفلتة في وقوع الشر: من ارتداد العرب، وتخلف الأنصار عن الطاعة، ومنع من منع الزكاة، والجري على عادة العرب في أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها، ويجوز أن يريد بالفلتة: الخلسة، يعني: أن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليها الأنفس، ولذلك كثر فيها التشاجر، فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعاً من الأيدي واختلاساً، ومثل هذه البيعة جديرة أن تكون مهيجة للفتن، فعصمهم الله من ذلك ووقى شرها. ⦗٩٩⦘

(ظهرانيهم) : يقال: جلست بين ظهراني القوم - بفتح النون - أي: بينهم وقد مر تفسير هذه اللفظة مستقصى في حرف الهمزة.

(مزَمَّل) : المزمل: المدثر المغطى بثوب ونحوه.

(يوعك) : الوعك: الحمى.

(كتيبة) : الكتيبة: الجيش.

(دفت دافة) : الدافة: الجماعة من أهل البادية، يقصدون المصر، أي: جاءت جماعة.

(يختزلونا) : أي يقطعونا عن مرادنا، وانخزل الرجل: ضعف.

(يحضنونا) : حضنت الرجل عن الأمر حضناً وحضانة إذا نحيته عنه، وانفردت به دونه.

(زَوَّرت) : أي هيأت ورتبت، والمراد رتبت في نفسي كلاماً لأذكره.

(بعض الحد) : الحد والحِدَّة: سواء من الغضب، يقال: حدّ يحدّ حدّاً وحِدَّة: إذا غضب.

(أدارئ) : المدارءة بالهمز المدافعة بلين وسكون، وبغير الهمز: الخديعة والمكر، وقيل: هما لغتان بمعنى.

(على رِسلك) : يقال: افعل ذلك على رسلك - بكسر الراء -: على هينتك وتؤدتك وتأنيك. ⦗١٠٠⦘

(بديهته) : البديهة: ضد التروي والتفكر.

(تُسول) : سولت له نفسه شيئاً: زينته له وحسنته إليه.

(جذيلها المحكك) : الجذيل: تصغير الجذل، وهو عود ينصب للإبل الجربى تحتك به فتستشفى، والمحكك: الذي كثر به الاحتكاك حتى صار أملس.

(وعذيقها المرجب) : عذيقها: تصغير العذق - بفتح العين - وهو النخلة، والمرجب المسند بالرُّجْبة، وهي خشبة ذات شعبتين، وذلك إذا طالت الشجرة وكثر حملها اتخذوا ذلك لها، لضعفها عن كثرة حملها، والمعنى أني ذو رأي يستشفى به في الحوادث، لاسيما في مثل هذه الحادثة، وأني في ذلك كالعود الذي يشفي الجربى، وكالنخلة الكثيرة الحمل، من توفر مواد الآراء عندي، ثم إنه أشار بالرأي الصائب عنده، فقال: «منا أمير ومنكم أمير» .

(اللغط) : كثرة الأصوات واختلافها.

(فرقت) : الفرق: الخوف والفزع.

(ونزوا) : النزو: الوثب، ومنه نزا التيس على أنثاه.

(فلا يبايع هؤلاء الذي بايعه تغرة أن يقتلا) : التغرة: مصدر غررته إذا لقيته في الغرر، وهي من التغرير، كالتعلة من التعليل، وفي الكلام مضاف محذوف، تقديره: خوف تغرة أن يقتلا، أي: خوف إيقاعهما ⦗١٠١⦘ في القتل، وانتصاب الخوف على أنه مفعول له، فحذف المضاف الذي هو الخوف، وأقام المضاف إليه - الذي هو «تغرة» - مقامه ويجوز أن يكون قوله: «أن يقتلا» بدلا من تغرة ويكون المضاف أيضاً محذوفاً، كالأول، ومن أضاف تغرة، إلى: أن يقتلا، فمعناه خوف تغرته قتلهما، على طريقة قوله تعالى: {بَلْ مَكرُ الليلِ والنهارِ} [سبأ: ٣٣] .

ومعنى الحديث: أن البيعة حقها أن تقع صادرة عن المشورة والاتفاق، فإذا استبد رجلان دون الجماعة بمبايعة أحدهما الآخر: فذاك تظاهر منهما بشق العصا، واطراح الجماعة، فإن عقد لأحد فلا يكون المعقود له واحداً منهما، وليكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز الإمام منها، لأنه إن عُقِدَ لواحد منهما - وهما قد ارتكبا تلك الفعلة الشنيعة التي أحقدت الجماعة، من التهاون بهم والاستغناء عن رأيهم - لم يؤمن أن يقتلا.


(١) قال الحافظ في " الفتح ": وكان ابن عباس ذكياً، سريع الحفظ، وكان كثير من الصحابة لاشتغالهم بالجهاد لم يستوعبوا القرآن حفظاً، وكان من اتفق له ذلك يستدركه بعد الوفاة وإقامتهم بالمدينة، فكانوا يعتمدون على نجباء الأبناء، فيقرؤونهم تلقيناً للحفظ.
(٢) في البخاري المطبوع: أن يغصبوهم أمورهم، قال الحافظ في " الفتح ": كذا في رواية الجميع بغين معجمة، وصاد مهملة، وفي رواية مالك: يغتصبوهم بزيادة مثناة بعد الغين المعجمة، وحكى ابن التين أنه روي بالعين المهملة وضم أوله، من أعضب، أي: صار لا ناصر له، والمعضوب: الضعيف، وهو من عضبت الشاة: إذا انكسر أحد قرنيها أو قرنها الداخل، وهو المشاش، والمعنى: أنهم يغلبون عن الأمر فيضعف لضعفهم، والأول أولى، والمراد: أنهم يثبون على الأمر بغير عهد ولا مشاورة، وقد وقع ذلك بعد علي وفق ما حذره عمر رضي الله عنه.
(٣) في البخاري المطبوع: يطيرها عنك كل مطير.
(٤) في البخاري المطبوع: حوله.
(٥) في البخاري المطبوع: المؤذنون.
(٦) قال الحافظ في " الفتح ": أي بقرب موتي، وهو من الأمور التي جرت على لسان عمر فوقعت كما قال.
(٧) أي: في الآية المذكورة التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها، وقد وقع ما خشيه عمر أيضاً، فأنكر الرجم طائفة من الخوارج، أو معظمهم، وبعض المعتزلة.
(٨) في بعض النسخ: إن كفرانكم.
(٩) قال الحافظ في " الفتح ": هذا القدر مما سمعه سفيان من الزهري، أفرده الحميدي في مسنده عن ابن عيينة سمعت الزهري به، وقد تقدم مفرداً في ترجمة عيسى عليه السلام من أحاديث الأنبياء عن الحميدي بسنده.
(١٠) قال الحافظ في " الفتح ": قال ابن التين: والنكتة في إيراد عمر هذه القصة هنا، أنه خشي عليهم الغلو، يعني خشي على من لا قوة له في الفهم أن يظن بشخص استحقاقه الخلافة، فيقوم في ذلك، مع أن المذكور لا يستحق فيعطى لما ليس فيه فيدخل في النهي.
(١١) في البخاري المطبوع: حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم.
(١٢) في البخاري المطبوع: لا عليكم أن لا تقربوهم.
(١٣) في البخاري المطبوع: فإما بايعناهم.
(١٤) ١٢ / ١٢٨ و ١٢٩ و ١٣٠ و ١٣١ و ١٣٢ و ١٣٣ و ١٣٤ و ١٣٥ في المحاربين، باب الاعتراف بالزنا، وباب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، وفي الاعتصام، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم، وفي المظالم، باب ما جاء في السقائف، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، وفي المغازي، باب شهود الملائكة بدراً، وأخرجه أيضاً أحمد في " المسند " ١ / ٥٥ و ٥٦، وأخرجه مسلم مختصراً رقم (١٦٩١) في الحدود، باب رجم الثيب.
قال الحافظ في " الفتح " ما ملخصه: وفي هذا الحديث من الفوائد: أخذ العلم عن أهله وإن صغرت سن المأخوذ عنه عن الآخذ، وكذا لو نقص قدره عن قدره، وفيه التنبيه على أن العلم لا يودع عند غير أهله، ولا يحدث به إلا من يعقله، ولا يحدث القليل الفهم بما لا يحتمله، وفيه جواز إخبار السلطان بكلام من يخشى منه وقوع أمر فيه إفساد للجماعة، ولا يعد ذلك من النميمة المذمومة، لكن محل ذلك أن يبهمه صوناً له وجمعاً له بين مصلحتين، ولعل الواقع في هذه القصة كان كذلك، واكتفى عمر بالتحذير من ذلك، ولم يعاقب الذي قال ذلك، ولا من قيل عنه، وفيه أن العظيم يحتمل في حقه من الأمور المباحة ما لا يحتمل في حق غيره، وفيه أن الخلافة لا تكون إلا في قريش، وأدلة ذلك كثيرة، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم أوصى من ولي أمر المسلمين بالأنصار، وفيه أن المرأة إذا وجدت حاملاً ولا زوج لها ولا سيد وجب عليها الحد، إلا أن تقيم بينة على الحل أو الاستكراه، وفيه الحث على تبليغ العلم ممن حفظه وفهمه، وحث من لا يفهم على عدم التبليغ إلا من كان يورده بلفظه ولا يتصرف فيه، وفيه اهتمام الصحابة وأهل القرن الأول بالقرآن والمنع من الزيادة في المصحف، وكذا منع النقص ⦗٩٧⦘ بطريق الأولى، وفيه دليل على أن من خشي من قوم فتنة، وأن لا يجيبوا إلى امتثال الأمر، أن يتوجه إليهم ويناظرهم ويقيم عليهم الحجة، وفيه أن للكبير القدر أن يتواضع ويفضل من هو دونه على نفسه أدباً وفراراً من تزكية نفسه، وفيه أنه لا يكون للمسلمين أكثر من إمام، وفيه جواز الدعاء على من يخشى في بقائه فتنة، وفيه أن على الإمام إن خشي من قوم الوقوع في محذور أن يأتيهم فيعظهم ويحذرهم قبل الإيقاع بهم، وفيه إشارة ذي الرأي على الإمام بالمصلحة العامة بما ينفع عموماً وخصوصاً وإن لم يستشره، ورجوعه إليه عند وضوح الصواب.
(١٥) في المطبوع: يكثرون اللغط.
(١٦) قال الحافظ في " الفتح ": وفيه إشارة إلى التحذير من المسارعة إلى مثل ذلك حيث لا يكون هناك مثل أبي بكر، لما اجتمع فيه من الصفات المحمودة، من قيامه في أمر الله، ولين جانبه للمسلمين، وحسن خلقه، ومعرفته بالسياسة، وورعه التام، ممن لا يوجد فيه مثل صفاته لا يؤمن من مبايعته عن غير مشورة الاختلاف الذي ينشأ عنه الشر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مالك «الموطأ» (٥١٤) . والحميدي (٢٥) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا معمر. وفي (٢٦) قال: حدثنا سفيان. قال: أتينا الزهري في دار ابن الجواز. فقال: إن شئتم حدثتكم بعشرين حديثا، وإن شئتم حدثتكم بحديث السقيفة. وكنت أصغر القوم، فاشتهيت أن لا يحدث به لطوله. فقال القوم: حدثنا بحديث السقيفة، فحدثنا به الزهري: فحفظت منه أشياء، ثم حدثني بقيته بعد ذلك معمر. وفي (٢٧) قال الحميدي: حدثنا سفيان. وأحمد (١/٢٣) (١٥٤) قال: حدثنا هشيم. وفي (١/٢٤) (١٦٤) قال: حدثنا سفيان. وفي (١/٤٠) (٢٧٦) قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا مالك. وفي (١/٤٧) (٣٣١) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر. وفي (١/٥٥) (٣٩١) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع، قال: حدثنا مالك بن أنس. والدارمي (٢٣٢٧) قال: أخبرنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا مالك. وفي (٢٧٨٧) قال: أخبرنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا مالك. والبخاري (٣/١٧٢) و (٥/٨٥) قال: حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: حدثنا مالك. وأخبرني يونس. وفي (٤/٢٠٤) قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان. وفي (٥/١٠٩) و (٩/١٢٧) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الواحد، قال: حدثنا معمر. وفي (٨/٢٠٨) قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان. وفي (٨/٢٠٨) قال: حدثنا عبد العزيز ابن عبد الله، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن صالح. ومسلم (٥/١١٦) قال: حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى. قالا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب، وابن أبي عمر. قالوا: حدثنا سفيان. وأبو داود (٤٤١٨) قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، قال: حدثنا هشيم. وابن ماجة (٢٥٥٣) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة. والترمذي (١٤٣٢) قال: حدثنا سلمة بن شبيب وإسحاق بن منصور والحسن بن علي الخلال وغير واحد. قالوا: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر. وفي «الشمائل» (٣٣٠) قال: حدثنا أحمد بن منيع، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغير واحد. قالوا: حدثنا سفيان ابن عيينة. والنسائي في الكبرى «الورقة ٩٣ - ب» قال: أخبرنا محمد بن منصور المكي، قال: حدثنا سفيان. (ح) وأخبرنا محمد بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا بشر بن عمر، قال: حدثني مالك. (ح) الحارث بن مسكين قراءة عليه، وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: أخبرني مالك ويونس. (ح) وأخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. (ح) وأخبرنا يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي، قال: حدثنا حجاج بن محمد، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن عقيل.
ثمانيتهم -مالك، ومعمر، وسفيان بن عيينة، وهشيم، ويونس، وصالح، وعبد الله بن أبي بكر، وعقيل - عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، فذكره.
* الروايات مطولة ومختصرة.
* وأخرجه النسائي أيضا في الكبرى «الورقة ٩٣ - أ» قال: أخبرنا محمد بن رافع النيسابوري، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يحدث عن ابن عباس، أن عمر بن الخطاب أراد أن يخطب.... الحديث. مختصر على الرجم.
* في رواية سفيان عن الزهري عند النسائي في الكبرى « ... وقد قرأناها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. وقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده» .
قال أبو عبد الرحمن النسائي: لا أعلم أن أحدا ذكر في هذا الحديث «الشيخ والشيخة فارجموهما البتة» غير سفيان، وينبغي أن يكون وهم. والله أعلم.
* أخرجه النسائي في الكبرى «الورقة ٩٣ - ب» قال: أخبرنا علي بن عثمان الحراني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا أبي، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن رجل، عن سعيد بن أبي هند، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. قال: قال عمر على المنبر: لقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده.
ولم يذكر ابن عباس.
* وأخرجه أحمد (١/٢٩) (١٩٧) قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا الزهري.
وفي (١/٥٠) (٣٥٢) قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر وحجاج. والنسائي في الكبرى «الورقة ٩٣ -أ» قال: أخبرنا العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان (ح) وأخبرني هارون ابن عبد الله الحمال، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي. وفيه قال: أخبرني الحسن بن إسماعيل بن سليمان المجالدي، قال: حدثنا حجاج بن محمد. (ح) وأخبرني عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي، قال: حدثنا غندر. أربعتهم - محمد بن جعفر غندر، وحجاج، وأبو نوح، وأبو داود - عن شعبة، عن سعد ابن إبراهيم.
كلاهما - الزهري وسعد -عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، عن عمر، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>