للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٧٨ - (م) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: إنَّ فاطمةَ بنت رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- والعباسَ أتيا أبا بكر يَلتَمِسَانِ مِيِرَاثَهُمَا من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم ⦗١٠٤⦘ وهما حينئذٍ يَطْلُبَانِ أرضَهُ من فَدَكَ، وسهمَهُ من خَيْبَرَ، فقال [لهما] أبو بكر: إني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «لا نُورَثُ، ما تَرَكنا صدقةٌ» إنما كانَ يَأكُلُ آلُ محمدٍ في هذا المال (١) ، وإني والله، لا أدَع أمراً رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يَصنَعُهُ فيه إلا صَنَعتُهُ - زاد في رواية: إني أخشى إن تركتُ شيئاً من أمره أن أَزِيغَ - قال: فأما صَدَقَتُهُ بالمدينةِ: فَدَفَعها عمرُ إلى عليٍّ، وعبَّاسٍ، فَغَلَبهُ عليها عليٌّ، وأَما خَيْبَرُ وفَدَكُ: فَأمْسَكَهُما عمرُ، وقال: هُما صدقَةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، وكانَتَا لِحُقوقِهِ التي تَعرُوهُ ونَوائِبِه، وأمرهما إلى مَنْ وَليَ الأمرَ، قال فَهما على ذلك إلى اليوم - قال في رواية: فَهَجَرَتْهُ فاطمةُ، فلم تُكلِّمْهُ في ذلك حتى ماتت، فَدَفَنَها عليٌّ لَيلاً، ولم يُؤذِن بها أَبا بكرٍ - قالت: فكان لعليٍّ وجهٌ من الناسِ (٢) حياةَ فاطمةَ، فلما تُوفِّيَتْ [فاطمةُ] انْصَرَفَتْ وجُوهُ الناسِ عن عليّ، ومَكَثَتْ فاطمةُ بَعدَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- سِتةَ أشهرٍ، ثُمَّ تُوفيتْ.

فقال رجل للزهريِّ: فلم يُبَايِعْهُ عليٌّ ستةَ أشهرٍ؟ فقال: لا والله، ولا أحدٌ من بني هَاشِمٍ حتى بايَعهُ عليٌّ - فَلَمَّا رأى عليٌّ انصرافَ وجوهِ الناسِ عنه ضَرَعَ إلى مُصَالَحَةِ أبي بكرٍ، فَأَرْسَلَ إلى أبي بكر: ائْتِنا، ولا تَأتِنا معك ⦗١٠٥⦘ بِأَحَدٍ، وَكَرِهَ أَنْ يَأْتِيَهُ عمرُ لِمَا عَلِمَ مِنْ شِدَّةِ عمرَ، فقالَ: لا تَأْتِهم وَحدكَ، فقال أبو بكر: واللهِ لآتِينَّهُمْ وحدي، ما عسى أَنْ يَصنَعُوا بي؟ فانطلَقَ أبو بكر، فَدَخلَ على عليٍّ، وقد جَمَع بني هاشِم عندَه، فقام عليٌّ فَحَمِدَ اللهَ، وأَثْنى عليهِ بما هو أَهْلُهُ، ثم قال: أما بعدُ، فَلم يَمنَعْنا أن نُبَايِعَكَ يا أبا بكرٍ إنكاراً لِفَضِيلَتِكَ، ولا نَفَاسَةً عَلَيْكَ بِخَيرٍ سَاقَهُ الله إليك، ولكن [كُنَّا] نَرَى أَنَّ لَنَا فِي هذا الأمْرِ حَقاً، فَاسْتَبْدَدْتُمْ علينا، ثُمَّ ذكرَ قَرابَتَهُ من رسولِ الله وحَقَّهم، فَلم يَزَلْ عليٌّ يُذَكِّر [هُ] حَتى بكَّى أبا بكر، وَصَمَتَ عليٌّ، فَتَشَهَّدَ أبو بكر فَحمِدَ الله، وأثنى عليه بِمَا هو أهْلُهُ، ثُمَّ قال: أما بعدُ، فواللهِ لَقَرَابَةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- أحَبُّ إِليَّ أنْ أَصِلَ مِن قرابتي، وإني واللهِ ما أَلَوْتُ في هذه الأموالِ التي كانت بيني وبينكم عن الخير، ولكني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا نُورَثُ، ما تركنا صدقةٌ» إنما يأكُلُ آلُ محمدٍ في هذا المالِ، وإني والله لا أدَعُ أمراً صَنعهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إلا صَنَعْتُهُ إن شاءَ الله، وقال عليٌّ: مَوعِدُكَ للبيْعةِ العشِيَّةُ، فلما صلَّى أبو بكرٍ الظهرَ أقبلَ على الناس يَعْذِرُ عليّاً ببعضِ ما اعتَذَرَ بِهِ، ثُمَّ قَامَ عليٌّ، فعظَّم من حقِّ أبي بكر، وذكر فضيلتَه وسابِقتَه، ثم قام إلى أبي بكر فبايَعَهُ، فَأقبلَ الناسُ على عليٍّ، فقالوا: أَصَبْتَ وأحسنتَ، وكان المسلمون إلى عليٍّ قريباً حين رَاجَعَ الأمرَ المعروف» . ⦗١٠٦⦘

أخرجه بطوله مسلم (٣) ، وأخرج البخاري منه المسند فقط، وهو: «لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ» .

وأخرج أبو داود طِلبةَ فاطمةَ الميراثَ، إلى قوله: «لا نُورَث، ما تركنا صَدَقةٌ، وإنما يأكلُ آلُ مُحَمَّدٍ في هذا المال» .

وله في أخرى بنحو ذلك، ولم يذكر حديث عليٍّ، وأبي بكر، وموتَ فاطمةَ (٤) .

وأخرج النسائي طَرَفاً من أوله: «أنَّ فاطمَةَ أرسَلَتْ إلى أبي بكر تَسألُهُ مِيراثَها من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- مِنْ صَدَقَتِهِ، وَمِمَّا تَرَكَ مِنْ خُمُسِ خَيبَرَ، فقال أبو بكر: إنَّ رسولَ الله قال: «لا نُورَثُ» (٥) .

وسيجيءُ لَفْظُ أبي داود، والنسائي أيضاً في «كتاب الفرائض» من حرف الفاء، وحيث لم يُخَرِّج الحديثَ بطوله إلا مُسلم لم نُعْلِم عليه إلا ⦗١٠٧⦘ عَلامَتَهُ وحده ها هنا، وأشَرنا إلى ما أخرج غيرُه منهُ لِيُعْرَفَ.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(أزيغ) : زاغ عن الحق: إذا مال عنه وعدل.

(وَجَدَت) : وجدت تجد، أي غضبت، والموجدة الغضب.

(وجه من الناس) : يقال لفلان: وجه من الناس أي: حرمة ومنزلة.

(نفاسة) : المنافسة الحرص على الغلبة والانفراد بالمحروص عليه، نفست عليه أنفس نفاسة.

(فاستبددتم) : الاستبداد بالأمر الانفراد به دون غيره.

(شجر) : شجر [الأمر] بين القوم أي: اختلفوا واشتجروا، تنازعوا واختلفوا ومنه قوله تعالى: {فِيما شَجرَ بَيْنَهمْ} [النساء: ٦٥] أي فيما وقع بينهم في الاختلاف.

(ما ألوت) : ألا يألو: إذا قصَّر وفلان لا يألوك نصحاً أي: لا يقصِّر.


(١) في الأصل: فيء هذا المال.
(٢) في مسلم: " وكان لعلي من الناس وجهة ".
(٣) رقم (١٧٥٩) في الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا صدقة "، ورواية المصنف له بالمعنى، مسنداً ومعلقاً، وفيه زيادات ولعلها من زيادات الحميدي، والله أعلم.
وأخرجه البخاري مختصراً ٧ / ٦٣ في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النووي في " شرح مسلم ": وفي هذا الحديث صحة خلافة أبي بكر وانعقاد الاجماع عليها.
(٤) أبو داود رقم (٢٩٦٨) و (٢٩٦٩) و (٢٩٧٠) في الخراج والإمارة، باب صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٥) النسائي ٧ / ١٣٣ في قسم الفيء.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (١/٤٩) ، (١/١٠) (٥٨) قال: حدثنا عبد الرزاق. والبخاري (٥/١١٥) قال: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا هشام. وفي (٨/١٨٥) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا هشام. ومسلم (٥/١٥٥) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد رافع وعبد بن حميد، قال ابن رافع: حدثنا، وقال الآخران: حدثنا عبد الرزاق.
كلاهما (عبد الرزاق وهشام) قالا: أخبرنا معمر.
٢ - وأخرجه أحمد (١/٦) (٢٥) قال: حدثنا يعقوب. والبخاري (٤/٩٦) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله. ومسلم (٥/١٥٥) قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. (ح) وحدثنا زهير بن حرب، والحسن بن علي الحلواني، قالا: حدثنا يعقوب (وهو ابن إبراهيم) . وأبو داود (٢٩٧٠) قال: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد.
كلاهما (يعقوب، وعبد العزيز) قالا: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح.
٣ - أخرجه أحمد (١/٩) (٥٥) قال: حدثنا حجاج بن محمد. والبخاري (٥/١٧٧) قال: حدثنا يحيى بن بكير. ومسلم (٥/١٥٣) قال: حدثني محمد بن رافع، قال: أخبرنا حجين. وأبو داود (٢٩٦٨) قال: حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني.
أربعتهم (حجاج، ويحيى، وحجين، ويزيد) قالوا: حدثنا الليث - وهو ابن سعد - قال: حدثني عقيل بن خالد.
٤ - وأخرجه البخاري (٥/٢٥) قال: حدثنا أبو اليمان. وأبو داود (٢٩٦٩) قال: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي قال: حدثنا أبي. والنسائي (٧/١٣٢) قال: أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث، قال: حدثنا محبوب - يعني ابن موسى - قال: أنبأنا أبو إسحاق - هو الفزاري -.
ثلاثتهم (أبو اليمان، وعثمان، وأبو إسحاق) عن شعيب بن أبي حمزة.
أربعتهم (معمر، وصالح، وعقيل، وشعيب) عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>