للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٨ - (د ت) المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا هلْ عَسَى رجلٌ يَبْلُغُهُ الحديثُ عنِّي، هو مُتَّكئٌ على أرِيكَتِهِ، فيقول: بيننا وبينكم كتابُ الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللْناهُ، وما وَجَدْنا فيه حرامًا حرَّمْنَاهُ، وإن ما حرَّم رسولُ الله كما حَرَّمَ اللهُ» هذه رواية الترمذي. ورواية أبي داود: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إني أوتيتُ هذا الكتاب، ومثلَهُ معهُ، ألا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعان على أريكته، يقولُ: عليكم بِهذَا القُرآن، فما وَجدْتُم فيه من حلالٍ فأحِلُّوهُ، وما وجدْتُم فيه من حرام فَحَرِّموهُ، ألا لا يَحِلُّ لكُم الحِمارُ الأهليّ، ولا كلُّ ذي نَاب مِنَ السِّبَاعِ، ولا لُقْطَةُ مُعاهدٍ، إلا أنْ يَستَغْنِيَ عنها صَاحِبُها، ومن نَزَلَ بقَومٍ، فعليهم أن يُقْرُوهُ، فإن لم يُقْرُوهُ؛ فله أن يُعْقِبَهُمْ بمثل قِرَاهُ (١) » . ⦗٢٨٢⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

أَريكته: الأريكة: السرير في الحَجَلَة، ولا يسمى منفردًا أريكة، وقيل: هو كل اتُّكِيءَ عليه.

يوشك: أوشَكَ: إذا أسرع وقرب، يوشك إيشاكًا.

اللُّقطة: ما وجدته مرميّاً في الأرض، لا تعرف له صاحبًا.

معاهد: المعاهد: الذي بينك وبينه عهدٌ وموادعة، والمراد به: من كان بينه وبين المسلمين معاقدة وموادعة، ومهادنة، فلا يجوز أن تُتَملّكَ لقطته؛ لأنه معصوم المال، يجري حكمه مجرى حكم الذمي.

يقروه: القِرى: ما يُعدُّ للضيف النازل من النزل.

يعقبهم: ويُعقِبهم - مشددًا ومخففًا - بمعنى أنه يأخذ منهم، ويغنم من أموالهم، بقدر قِراه، ومثله قوله تعالى: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم} [الممتحنة: ١١] وعَقبتم، أي: فكانت الغلبة لكم، فغنمتم منهم.

أُوتيتُ: قال الخطابي في شرح هذا الحديث: قوله -صلى الله عليه وسلم-: «أوتيتُ هذا الكتاب ومثلَه» يحتمل وجهين من التأويل:

أحدهما: أن معناه: أنه أُوتي من الوحي الباطن غير المتلوِّ مثل ما أعطى من الظاهر المتلو.

والثاني: أنه أوتي الكتاب وحيًا، وأوتي من البيان مثله، أي: أُذن له أن يبين ما في الكتاب، فيعم ويخص، ويزيد عليه، ويشرع ما ليس في الكتاب، فيكون في وجوب العمل به، ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن. ⦗٢٨٣⦘

وقوله: ويوشك رجل شبعان على أريكته، يقول: عليكم بهذا القرآن، فإنه -صلى الله عليه وسلم- يحذَّر بهذا القول من مخالفة السنن التي سَنَّها هو مما ليس في القرآن. وإنما أراد بالأريكة: صِفة أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت، ولم يطلبوا العلم من مظانه.

وقوله: «إلا أن يستغني عنها صاحبها» معناه: أن يتركها صاحبها لمن يأخذها، استغناءً عنها، كقوله تعالى: {فكفروا وتولَّوا واستغنى الله} [التغابن: ٦] معناه: تركهم الله استغناءً عنهم، وقوله: «فله أن يعقبهم بمثل قراه» هذا في الحال المضطر الذي لا يجد طعامًا، ويخاف التلف على نفسه، فله أن يأخذ من مالهم بقدر قِراه، عوض ما حَرَمُوه من قراه.


(١) أبو داود رقم (٤٦٠٤) في السنة: باب لزوم السنة، وسنده صحيح، والترمذي رقم (٢٦٦٦) في العلم: باب رقم (٦٠) وقال: هذا حديث حسن، وأخرجه أحمد في المسند ٤/١٣٠ ـ ١٣٢، وابن ماجة رقم (١٢) في المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
حسن: أخرجه أحمد (٤/١٣٢) ، قال: حدثنا عبد الرحمن، وزيد بن حباب، والدارمي (٥٩٢) قال: أخبرنا أسد بن موسى، وابن ماجة (١٢) (٣١٩٣) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، والترمذي (٢٦٦٤) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي.
ثلاثتهم - عبد الرحمن، وزيد، وأسد- قالوا: حدثنا معاوية بن صالح، عن الحسن بن جابر اللخمي، فذكره.
قلت: مداره على الحسن بن جابر، حسن أبو عيسى الترمذي له هذا الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وأرّخ وفاته، كذا ابن سعد في الطبقات، وللحديث شواهد إلا جملة: «ومن نزل بقوم ... » لم أعثر له على شاهد يحضرني الآن، والحديث محتمل، والله أعلم.
راجع ترجمة الحسن من التهذيب (٢/٢٥٩) / ط الهند.

<<  <  ج: ص:  >  >>