للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٠ - (خ م) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مَثَلَ ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غَيْثٍ (١) أصاب ⦗٢٨٥⦘ أرضًا، فكانت منها طَائِفَةٌ طيِّبَةٌ، قَبِلَت الماءَ فأنْبَتت الكلأ والعُشْبَ الكثير، وكان منها أجادِبُ أمْسَكت الماءَ، فنفع الله بها النَّاسَ، فشربوا منها، وسَقَوْا ورَعَوا، وأصابَ طَائِفَةً منها أخْرى، إنَّما هي قِيعَانٌ لا تُمسِكُ ماءً، ولا تُنْبِتُ كلأً، فذلك مَثَلُ مَنْ فَقُه في دين اللهِ عزَّ وجلَّ، ونَفَعَهُ ما بعثني الله به، فعلِمَ وعلَّم، ومَثَلُ من لم يَرْفع بذلك رَأسًا، ولمْ يقبل هُدى اللهِ الذي أُرْسِلْتُ به» . أخرجه البخاري ومسلم (٢) .


(١) قال النووي في شرح مسلم، أما الغيث: فهو المطر، وأما العشب والكلأ والحشيش، فكلها أسماء للنبات، لكن الحشيش مختص باليابس، والعشب والخلا - مقصوراً - مختصان بالرطب، و " الكلأ " بالهمز يقع على اليابس والرطب.
وقال الخطابي وابن عباس " الخلا " يقع على اليابس، وهذا شاذ ضعيف.
" والأجادب " بالجيم والدال المهملة، وهي التي لا تنبت كلأ.
وقال الخطابي: هي الأرض تمسك الماء، فلا يسرع فيها التصوب.
قال ابن بطال وصاحب " المطالع " وآخرون: هو جمع جدب، على غير قياس، كما قالوا: في حسن: جمعه محاسن، والقياس، أن محاسن جمع محسن، وكذا قالوا: مشابه، في جمع شبه، وقياسه: أن يكون جمع مشبه.
قال الخطابي، وقال بعضهم: أحادب - بالحاء المهملة والدال - قال: وليس بشيء، وقال بعضهم: أجارد - بالجيم والراء والدال - قال: وهو صحيح المعنى إن ساعدته الرواية.
قال الأصمعي: الأجارد من الأرض، ما لا ينبت الكلأ، معناه: أنها جرداء يابسة، لا يسترها النبات.
وقال بعضهم: إنما هي " إخاذات " بالخاء والذال المعجمتين وبالألف، وهو جمع إخاذة، وهي الغدير الذي يحمل الماء.
وقد ذكر صاحب " المطالع " هذه الأوجه التي ذكرها الخطابي، فجعلها روايات منقولة، وقال القاضي عياض ⦗٢٨٥⦘ في الشرح: لم يرد هذا الحرف في مسلم، ولا في غيره، إلا بالدال المهملة، من الجدب، الذي هو ضد الخصب، وعليه شرح الشارحون.
(٢) البخاري ١/١٨٥ في العلم، باب فضل من علم وعلم. ومسلم رقم (٢٢٨٢) في الفضائل، باب بيان مثل ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم، وقد جاء في " الفتح " ١/١٦١: قال القرطبي وغيره: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم، لما جاء به من الدين مثلاً بالغيث العام الذي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه، وكذا حال الناس قبل مبعثه، فكما أن الغيث يحيي البلد الميت، فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت، ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث، فمنهم العالم العامل المعلم، فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها، ومنهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه، غير أنه لم يعمل بنوافله، أو لم يتفقه فيما جمع لكنه أداه لغيره، فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به، وهو المشار إليه بقوله " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فأداها كما سمعها "، ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به، ولا ينقله لغيره، فهو بمنزلة الأرض السبخة أو الملساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها، وإنما جمع في المثل بين الطائفتين الأوليين المحمودتين لاشتراكهما في الانتفاع بهما، وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة لعدم النفع بها، والله أعلم.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
أخرجه أحمد (٤/٣٩٩) ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد. (قال عبد الله بن أحمد: وسمعته أنا من عبد الله ابن محمد) . والبخاري (١/٣٠) قال: حدثنا محمد بن العلاء. ومسلم (٧/٦٣) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عامر الأشعري، ومحمد بن العلاء، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (٩٠٤٤) عن القاسم ابن زكريا الكوفي.
أربعتهم - عبد الله بن محمد أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن العلاء، وأبو عامر، والقاسم- عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن بُريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بُردة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>