للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٠٧ - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه -: كان يقول: «اللهِ الذي لا إِلهَ إِلا هو (١) إنْ كنتُ لأعْتَمِدُ بِكَبِدِي على الأرض من الجوع، وإن كنتُ لأشُدُّ الْحَجَرَ على بطني من الجوع (٢) ، ولقد قعدتُ يوماً على طريقهمْ الذي يخرجون منه، فمرَّ أبو بكر، فسألته عن آية من كتاب الله تعالى، ما سألته إلا لِيَسْتَتْبِعَنِيِ، فمرَّ، فلم يفعل، ثم مرَّ عمر، فسألته عن آيةٍ من كتاب الله، ما سألته إلا ليستتبعني، فمرَّ، فلم يفعل» ، ثم مرَّ بي أَبو القاسم - صلى الله عليه وسلم-، فتبَسَّمَ حين رآني، وعرف ما في وجهي، وما في نَفْسي، ثم قال: «يا أَبا هِرّ» ، قلتُ: لَبَّيْكَ ⦗٦٩٦⦘ يا رسول الله، قال: «الْحَقْ، ومضى، فاتَّبَعْتُهُ» ، فدخل، فاسْتَأْذَنَ، فأُذِنَ لي، فدخل، فوجد لبناً في قَدَحٍ، فقال: من أَين هذا اللبن؟ قالوا: أَهدَاهُ لك فُلانٌ، أو فلانة، قال: يا أبا هِرّ، قلتُ: يا رسول الله، قال: الْحَقْ إلى أَهل الصُّفَّة، فادْعُهُم لي ... وذكر الحديث بطوله، وسيجيء في المعجزات من «كتاب النبوة» من حرف النون.

وفي رواية أخرى مختصراً، قال: «أَصابني جَهْدٌ شديد، فلقِيتُ عمر بن الخطاب، فاسْتَقْرَأْتُهُ آية من كتاب الله، فدخل دارَه وفتحها عَلَيّ، فمشَيْتُ غير بعيد، فَخَرَرْت لوجْهي من الجوع، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائمٌ على رأْسي، فقال: يا أبا هِرٍّ، قلتُ: لبيك يا رسول الله، وسَعْدَيك، فأخذ بيدي فأقامَنِي، وعرف الذي بي، فانطلق بي إلى رَحْلِهِ، فأمر لى بِعُسٍّ من لبنٍ، فشربتُ منه، ثم قال لي: عُدْ يا أَبا هِرٍّ، فَعُدْتُ فشربت، ثم قال: عُدْ فعدتُ فشربت، حتى استوى بطني، فصار كالقِدْح، قال: فلقيتُ عمر بعد ذلك، وذكرت له الذي كان من أمري، وقلت له: فَوَلَّى الله ذلك مَنْ كان أَحَقَّ به منك يا عمر، والله لقد اسْتَقْرأتُكَ الآية ولأنا أَقرأُ لها منك، قال: عمر: والله، لأن أَكونَ أَدْخَلْتُكَ أَحبُّ إِليَّ من أن يكون لي مثلُ حُمْرِ النَّعَمِ» . أخرجه البخاري. ⦗٦٩٧⦘

وأخرج الترمذي تمام الرواية الأُولى التي تجيء في المعجزات؛ ولذلك لم أعلم [له] ها هنا علامة (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(جهد) : الجهد المشقة، والمراد به: الجوع.

(بِعُس) : قدح ضخم، وجمع: عِسَاس.

(القِدْح) : السهم قبل أن يُبرَى ويراش، يريد أن جوفه انتصبت، بعد أن كانت قد لصقت بظهره من الخلو.


(١) قال الحافظ في " الفتح ": الله الذي لا إله إلا هو، كذا للأكثر بحذف حرف الجر من القسم، وهو في روايتنا بالخفض، وحكى بعضهم جواز النصب، وقال ابن التين: رويناه بالنصب، وقال ابن جني: إذا حذف حرف القسم، نصب الاسم بعده بتقدير الفعل، ومن العرب من يجر اسم " الله " وحده مع حذف حرف الجر، فيقول: الله لأقومن، وذلك لكثرة ما يستعملونه. قال الحافظ: وثبت في رواية روح ويونس بن بكير وغيرهما بالواو في أوله، فيتعين الجر.
(٢) قال الحافظ في " الفتح ": قوله: وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع. عند أحمد من طريق عبد الله بن شقيق: أقمت مع أبي هريرة سنة، فقال: لو رأيتنا وإنه ليأتي على أحدنا الأيام ما يجد طعاماً يقيم به صلبه، حتى إن كان أحدنا ليأخذ الحجر فيشد به على أخمص بطنه ثم يشده بثوبه ليقيم به صلبه. قال الحافظ: قال العلماء: فائدة شد الحجر، المساعدة على الاعتدال والانتصاب، أو المنع من كثرة التحلل من الغذاء الذي في البطن، لكون الحجر بقدر البطن، فيكون الضعف أقل، أو لتقليل حرارة الجوع ببرد الحجر، أو لأن فيه الإشارة إلى كسر النفس. وقال الخطابي: أشكل الأمر في شد الحجر على البطن من الجوع على قوم، فتوهموا أنه تصحيف، وزعموا أنه " الحجز " بضم أوله وفتح الجيم بعدها زاي، جمع الحجزة التي يشد بها الوسط، قال: ومن أقام بالحجاز وعرف عادتهم، عرف أن الحجر واحد الحجارة، وذلك أن المجاعة تعتريهم كثيراً، فإذا خوى بطنه، لم يمكن معه الانتصاب فيعمد حينئذ إلى صفائح رقاق في طول الكف أو أكبر، فيربطها على بطنه وتشد بعصابة فوقها، فتعتدل قامته بعض الاعتدال، والاعتماد بالكبد على الأرض مما يقارب ذلك.
(٣) ١١ / ٢٤٠ - ٢٤٦ في الرقاق، باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الاستئذان، باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (٦٤٥٢) حدثني أبو نعيم بنحو من نصف هذا الحديث حدثنا عمر بن ذر، حدثنا مجاهد، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>