للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٤٧ - (خ م س د ت) أبو قتادة - رضي الله عنه - قال: «سِرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة، فقال بعض القوم: لو عَرَّستَ بنا يا رسول الله؟ قال: أخاف أن تناموا عن الصلاة، فقال بلال: أَنا أُوقظكم، فاضطجعوا، وأسنَدَ بلال ظهره إلى راحلته، فغلَبَتْهُ عيناه، فنام، فاستيْقظَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- وقد طلع حاجب الشمس، فقال: يا بلال، أينَ ما قُلتَ؟ فقال: ما أُلقِيتْ عليَّ نوْمة مثلُها قطُّ، قال: إن الله قَبضَ أرواحكم حين شاء، ورَدَّها عليكم حين شاء، يا بلال قُم فأذِّن الناسَ بالصلاة، فتوضأ، فلما ارتفعت الشمسُ ⦗١٩١⦘ وابياضَّت، قام فصلى بالناس جماعة» . أخرجه البخاري، والنسائي.

وفي رواية أبي داود «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- كان في سفرِ، فمالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، ومِلْتُ معه، فقال: انْظُر، فقلتُ: هذا رَاكِب، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثة، حتى صرنا سبعة، فقال: احْفظُوا علينا صلاتنا - يعني: صلاة الفجر - فضُرِبَ على آذانهم، فما أيقظهم إلا حرُّ الشمس، فقاموا وساروا هنَيْهَة، ثم نزلوا فتوضؤوا وأذَّنَ بلال فصلَّوا ركعتي الفجر، ثم صلوا الفجر، وركبوا، فقال بعضهم لبعض: قد فرَّطنا في صلاتنا، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لا تَفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة، فإذا سها أحدُكم عن صلاة فليصلِّها حين يذكرها، ومن الغدِ للوقت» .

هذا طرف من حديث طويل قد أخرجه مسلم، وهو مذكور في «كتاب النبوة» من حرف النون.

وفي أخرى لأبي داود، قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جيشَ الأمراء - بهذه القصة - فلم يوقظنا إلا حرُّ الشمس وهي طالعة فقمنا وَهِلين (١) لصَلاتنا، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: رُويداً رُويداً، لا بأْسَ عليكم، حتى إذا تعالَت الشمس، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليَرْكَعْهُما، فقام من كان يركعهما، ومن لم يكن يركعهُما فركعهما، ثم أمر [رسول الله - صلى الله عليه وسلم-] أن ينادى بالصلاة، فَنُوديَ لها، فقام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فصلى بنا، فلما انصرف قال: ألا إنا نحمدُ الله [أنَّا] لم نكن في شيء من أُمور الدنيا يَشْغلُنا عن صلاتنا، ولكن أروَاحُنا كانت بِيدِ الله تعالى فأرسلها ⦗١٩٢⦘ أنَّى شاء، فمن أدْركَ منكم صلاةَ الغدَاةِ من غد صالحاً فلْيَقضِ معها مثلها» (٢) .

وفي رواية لأبي داود والترمذي والنسائي قال: «ذكَرُوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- نومَهم عن الصلاة، فقال: أمَّا إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يُصل حتى يدخل وقتُ الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلِّها حين يَنْتَبِهُ لها» . وقال الترمذي والنسائي: «إنما التفريط في اليقظة، فإذا نَسيَ أحدُكم صلاة أو نامَ عنها فليصلِّها إذا ذكرها» (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(التعريس) : نزول المسافر آخر الليل نزلة للاستراحة والنوم.

(راحلته) : الراحلة: الجمل أو الناقة، إذا كان شديداً قوياً يصلح للركوب والأحمال والأسفار.

(فضُرِب على آذانهم) : يقال للنُّوام: ضُرب على آذانهم، ومعناه: حجب الصوت والحس أن يلجا آذانهم فينتبهوا، فكأنها قد ضرب عليها ⦗١٩٣⦘ حجاب. قال الخطابي: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال: إن قضاء الصلاة يؤخر إلى وقت مثلها من الصلاة ويقضى. قال: ويشبه أن يكون الأمر استحباباً ليحرز فضيلة الوقت في القضاء.

(وَهِلين) : الوَهَل: الفزع والرعب.

(رُويداً) : بمعنى التأني والتمهل في الأمور. يقال: سيروا رويداً: أي على مهل، فيكون نصباً على الحال ويقال: ساروا سيراً رويداً، فيكون نصباً لأنه صفة المصدر.

(تعالت) الشمس: إذا علت وارتفعت. قال الخطابي: وروي: تقالَّت يريد استقلالها في السماء وارتفاعها.


(١) أي فزعين، يقال: وهل الرجل يوهل: إذا فزع لشيء يصيبه.
(٢) قال الحافظ في " الفتح ": قال الخطابي: لا أعلم أحداً قال بظاهره وجوباً، ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب ليحوز فضيلة الوقت في القضاء. قال الحافظ: ولم يقل أحد من السلف باستحباب ذلك أيضاً، بل عدوا الحديث غلطاً من راويه، وحكى ذلك الترمذي وغيره عن البخاري.
(٣) رواه البخاري ٢ / ٥٤ في المواقيت، باب الأذان بعد ذهاب الوقت، وفي التوحيد، باب في المشيئة والإرادة، وما تشاؤن إلا أن يشاء الله، ومسلم رقم (٦٨١) في المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، وأبو داود رقم (٤٣٧) و (٤٣٨) و (٤٣٩) و (٤٤٠) و (٤٤١) في الصلاة، باب فيمن نام عن الصلاة أو نسيها، والترمذي رقم (١٧٧) في الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، والنسائي ١ / ٢٩٤ و ٢٩٥ في المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، وباب إعادة من نام عن الصلاة لوقتها من الغد، و ٢ / ١٠٦ في الإمامة، باب الجماعة للفائت من الصلاة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٥/٣٠٧) قال: حدثنا سريج بن النعمان. قال: حدثنا هشيم. والبخاري (١/١٥٤) قال: حدثنا عمران بن ميسرة. قال: حدثنا محمد بن فضيل. وفي (٩/١٧٠) قال: حدثنا ابن سلام. قال: أخبرنا هشيم وأبو داود (٤٣٩) قال: حدثنا عمرو بن عون. قال: أخبرنا خالد. وفي (٤٤٠) قال: حدثنا هناد. قال: حدثنا عبثر. والنسائي (٢/١٠٥) وفي الكبرى (٨٣٠) قال: أخبرنا هناد ابن السري. قال حدثنا أبو زبيد، واسمه عبثر بن القاسم. وفي الكبرى (تحفة الأشراف) (٩/١٢٠٩٦) عن محمد بن كامل المروزي، عن هشيم وابن خزيمة (٤٠٩) قال: حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني. قال حدثنا ابن فضيل.
أربعتهم - هشيم، ومحمد بن فضيل، وخالد بن عبد الله، وعبثر - عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي قتادة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>