للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٥٥ - (د) عبد الرحمن بن أبي ليلى - رحمه الله - قال: «أُحِيلَتِ الصلاةُ ثلاثةَ أحوال، قال: وحدَّثنا أصحابُنا: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لقد أعجبَني أن تكونَ صلاة المسلمين - أو قال المؤمنين - واحدة، حتى لقد همَمتُ أن أَبُثَّ رجالاً في الدُّور ينادُونَ الناس بحين الصلاة، حتى هممتُ أن آمرَ رجالاً يقومون على الآطام ينادون المسلمين بحين الصلاةِ، حتى نَقَسُوا أو كادُوا أن يَنْقُسوا، فجاء رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله إني لمَّا رجعتُ- لِمَا رأيتُ من اهتمامك - رأيتُ رجلاً كأنَّ عليه ثوبين ⦗٢٧٢⦘ أخضرين، فقام على المسجد فأذَّن، ثم قعد قعْدة، ثم قام، فقال مثلها، إلا أنَّهُ يقول: قد قامت الصلاة، ولولا أن يقولَ الناس - وقال ابن المثنى: أن تقولوا - لقُلْتُ: إني كنت يقظاناً غير نائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وفي رواية ابن المثنى (١) : لقد أراك الله خيراً - ولم يقل عمرو (٢) في روايته: لقد أراك الله خيراً - فمُرْ بلالاً فلْيُؤذِّنْ، قال: فقال عمر: أمَا إني قد رأيتُ مثل الذي رأى، ولكنِّي لما سُبِقْتُ استحْييتُ» .

قال: وحدثنا أصحابنا (٣) قال: «كان الرجل إذا جاء يسألُ فيُخْبَرُ بما سُبِقَ من صلاته، وإنهم قاموا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «مرة بين قائم وقاعد وراكع وقائم، ومُصلٍّ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال ابن المثنى: قال عمرو: ⦗٢٧٣⦘ وحدَّثني بها حُصين عن ابن أبي ليلى، حتى جاء معاذ - قال شعبة: وقد سمعتها من حصين، فقال: لا أُراه على حالٍ - إلى قوله: كذلك فافعَلُوا» . قال أبو داود: ثم رجعتُ إلى حديث عمرو بن مرزوق، قال: «فجاء معاذ، فأشاروا إليه - قال شعبة: وهذه سمعتُها من حُصيْن - قال: فقال معاذ، لا أُراه على حال إلا كنتُ عليها، قال: فقال: إن مُعاذاً قد سَنَّ لكمُ سُنَّةَ كذلك فافعلوا» .

قال: وحدثنا أصحابنا: «أَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما قَدِمَ المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أُنزِلَ رمضانُ، وكانوا قوماً لم يتعَوَّدُوا الصيام، وكان الصيام عليهم شديداً، فكان من لم يَصُمْ أطعمَ مسكيناً، فنزلت هذه الآية: {فَمَنْ شَهِدَ مَنْكُمُ الشَّهْرَ فلْيَصُمهُ} [البقرة: ١٨٥] فكانت الرُّخصةُ للمريض والمسافر، فأمروا بالصيام» . قال: وحدثنا أصحابنا، قال: وكان الرجل إذا أفطرَ، فنامَ قبلَ أن يأكلَ لم يأكلْ حتى يصبحَ، قال فجاء عمر، فأراد امرأتَه، فقالت: إنِّي قد نمتُ، فظنَّ أنها تعْتَلُّ، فأتاها، فجاء رجل من الأنصار، فأراد طعاماً فقالوا: حتى نُسخِّنَ لك شيئاً، فنام، فلما أصبَحوا أُنزلت عليهم هذه الآية {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] .

وفي رواية، قال ابن أبي ليلى: عن معاذ بن جبل (٤) ، قال: «أُحِيلَتِ ⦗٢٧٤⦘ الصلاة ثلاثة أحوال وأُحِيلَ الصِّيامُ ثلاثة أحوال» وساقَ نصْرُ بن المهاجر (٥) الحديث بطوله.

واقتصَّ أبو موسى محمد بن المثنى قصةَ صلاتهم نحو بيت المقدس قط. قال: الحال الثالث: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قدِمَ المدينة، فصلى بهم نحو بيت المقدس ثلاثة عشر شهراً، وأنزل الله عزَّ وجل هذه الآية: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] . فوَجَّههُ الله إلى الكعبة» وتم حديثه، وسمَّى نصر صاحبَ الرُّؤيا، فقال: «فجاء عبد الله بن زيد: رجل من الأنصار» وقال فيه: «فاستقبل القبلة، قال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، مرتين، حيَّ على الصلاة، مرتين، حيَّ على الفلاح مرتين، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، ثم أمهَلَ هُنيْهَةً، ثم قام: فقال مثلها إلا أنه زاد - بعدما قال حي على الفلاح - قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم ⦗٢٧٥⦘ لَقِّنْها بلالاً، فأذَّن بها بلال. وقال (٦) في الصوم: قال (٧) : فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يصوم ثلاثةَ أيام من كل شهر، ويصوم يومَ عاشوراء، فأنزل الله {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كما كُتِبَ على الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَريضاً أو عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدَيةٌ طَعَامُ مِسْكِين} [البقرة: ١٨٣، ١٨٤] فكان من شاء أن يصومَ صام، ومن شاء أن يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ كلَّ يوم مسكيناً أجزأهُ ذلك، فهذا حَوْل، فأنزل الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَليَصُمْهُ ومن كانَ مَرِيضاً أوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] فثبت الصيام على من شَهِدَ الشهر، وعلى المسافر أن يَقْضيَ، وثبتَ الطعام للشيخ الكبير والعجوز اللَّذينِ لا يستطيعان الصوم، وجاء صِرمَةُ [بن قيس] (٨) وقد عَمِلَ يومه ... » وساق الحديث. أخرجه أبو داود.

وأخرج الترمذي طرَفاً، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: «إن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام» وفي رواية، قال: حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم-: «أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام» .

قال الترمذي: وهذه أصح من الأولى، لأن عبد الرحمن لم يسمع من ⦗٢٧٦⦘ عبد الله. وحيث أخرج الترمذي منه هذا القدر لم نُعْلمْ عليه علامته، وإن كان قد وافق أبا داود في هذا الطرف (٩) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(أُحِيلت) : أي نُقلت من حال إلى حال.

(الآطام) : جمع أُطُم، وهو بناء مرتفع. والآطام بالمدينة: حُصُون كانت لأهلها.

(نَقَسُوا) : أي ضربوا بالناقوس. والناقوس: الخشبة التي للنصارى يضربون بها أوقات الصلاة.

(الرَّفَث) : الجماع، ومكالمة النساء في معناه. وقيل: هو كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة.

(الله أكبر) : قيل معناه: الله الكبير، فوضع أفْعَلْ موضع فعيل، وذلك في العربية كثير، وقيل: معناه: الله أكبر من كل شيء، وفيه نظر، وقيل: معناه: الله أكبر من أن يُدْرَكَ كُنه كِبريائه، فحذفت «من» لوضوح معناها، ولأنها صلة لـ «أفعل» و «أفعل خبر» ، والأخبار لا ينكر الحذف منها، وقيل: معنى: الله أكبر: [الله] كبير.

قال الهروي: قال أبو بكر: عَوَامُّ الناس يضمون راء أكبر. وكان ⦗٢٧٧⦘ أبو العباس يقول: الله أكبر، الله أكبر، ويحتج بأن الأذان سُمع موقوفاً غير مُعْرَب في مقاطعه، كقولهم: «حي على الصلاةْ، حي على الصلاةْ» قال: والأصل فيه: الله أكبر، الله أكبر - بتسكين الراء - فحوِّلت فتحة الألف من «الله» إلى الراء، وهذا قول الهروي فيما حكاه. وهو كما تراه.

(حي على الصلاة، حي على الفلاح) : «حي» بمعنى: هَلُمَّ وأقْبِلْ، وهي اسم لفعل الأمر. والفلاح: الفوز. وقيل البقاء.


(١) في نسخ أبي داود المطبوعة: وقال ابن المثنى.
(٢) هو عمرو بن مرزوق أحد الرواة.
(٣) قال المنذري في " مختصر سنن أبي داود ": إن أراد الصحابة فهو قد سمع من جماعة من الصحابة، فيكون الحديث مسنداً، وإلا فهو مرسل. اهـ. وقال الزيلعي في " نصب الراية " ١ / ٢٦٧ قلت: أراد به الصحابة، صرح بذلك ابن أبي شيبة في " مصنفه " فقال: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران، فقام على حائط فأذن مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى. اهـ. وقال: وأخرجه البيهقي في " سننه " عن وكيع به. اهـ. وقال ابن التركماني: قلت: الطريق الذي ذكره البيهقي رجاله على شرط الصحيح، وقد صرح فيه أن ابن أبي ليلى بأن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حدثوه، فهو متصل لما عرف من مذاهب أهل السنة في عدالة الصحابة رضي الله عنهم، وأن جهالة الاسم غير ضارة.
(٤) قال الزيعلي في " نصب الراية ": قال البيهقي في " المعرفة " حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قد ⦗٢٧٤⦘ اختلف عليه فيه، فروي عنه عن عبد الله بن زيد، وروي عنه عن معاذ بن جبل، وروي عنه قال: حدثنا أصحاب محمد. قال ابن خزيمة: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ ولا من عبد الله بن زيد، وقال محمد بن إسحاق: لم يسمع منهما ولا من بلال، فإن معاذاً توفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، وبلال توفي بدمشق سنة عشرين، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ولد لست بقين من خلافة عمر، وكذلك قاله الواقدي ومصعب الزبيري فثبت انقطاع حديثه. أقول: ولكن يشهد له معنى الرواية التي قبل هذه: وانظر التعليق عليها.
(٥) شيخ لأبي داود.
(٦) أي نصر بن المهاجر بسنده.
(٧) أي معاذ بن جبل رضي الله عنه.
(٨) هو صحابي، وقد اختلف في اسمه، والراجح فيه: أبو قيس صرمة بن أبي أنس قيس ... ، وانظر حديثه في تفسير الطبراني رقم (٢٩٣٩) .
(٩) أبو داود رقم (٥٠٦) و (٥٠٧) في الصلاة، باب بدء الأذان، والترمذي رقم (١٩٤) في الصلاة، باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " ٥ / ٢٤٦ من حديث ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، وهو حديث صحيح بشواهده وطرقه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (٥/٢٣٣) قال: حدثنا عبد الصمد. قال: حدثنا عبد العزيز، يعني ابن مسلم. قال: حدثنا الحصين. وفي (٥/٢٤٦) قال: حدثنا يونس. قال: حدثنا فليح عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة (ح) وحدثنا أبو النضر. قال: حدثنا المسعودي. (ح) ويزيد بن هارون. قال: أخبرنا المسعودي، قال أبو النضر في حديثه: حدثني عمرو بن مرة. وأبو داود (٥٠٧) قال: حدثنا محمد بن المثنى، عن أبي داود (ح) وحدثنا نصر بن المهاجر. قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن عمرو بن مرة. وابن خزيمة (٣٨١) قال: حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا يزيد بن هارون. قال: أخبرنا المسعودي (ح) وحدثنا زياد أيضا. قال: حدثنا عاصم، يعني ابن علي، قال: حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مرة. (ح) وحدثنا الحسن بن يونس بن مهران الزيات. قال: حدثنا الأسود بن عامر، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة.
كلاهما - الحصين، عمرو بن مرة - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكره.
- وأخرجه أبو داود (٥٠٦) قال: حدثنا عمرو بن مرزوق (ح) وحدثنا ابن المثنى. قال: حدثنا محمد بن جعفر. وابن خزيمة (٣٨٣) قال: حدثناه بُندار. قال: حدثنا محمد بن جعفر.
كلاهما - عمرو بن مرزوق، ومحمد بن جعفر - عن شعبة، عن عمرو بن مرة. قال: سمعت ابن أبي ليلى، قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال. قال: وحدثنا أصحابنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. (ولم يسم أحدا منهم) .
- في رواية ابن خزيمة قال عمرو بن مرة: حدثني بهذا حصين عن ابن أبي ليلى. قال شعبة: وقد سمعته من حصين، عن ابن أبي ليلى.
- وأخرجه ابن خزيمة (٣٨٤) قال: وحدثناه يوسف بن موسى. قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة. فقال: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل، فذكره. (ولم يسم الرجل) .
- وأخرجه ابن خزيمة (٣٨٢) قال: حدثنا المخزومي. قال: حدثنا سفيان. عن حصين. (ح) وحدثنا محمد بن يحيى. قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن مرة وحصين بن عبد الرحمن، وفي (٣٨٣) قال: حدثناه هارون بن إسحاق الهمداني. قال: حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة.
كلاهما - حصين، عمرو بن مرة - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكره مرسلا (ليس فيه معاذ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>