الطيالسي (١) وغيرهما من أئمة الحديث أولاً وثانياً أحمد بن حنبل ومن بعده، فإنهم أثبتوا الأحاديث في مسانيد رواتها، فيذكرون مسند أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مثلاً، ويثبتون فيه كل ما رووه عنه، ثم يذكرون بعده الصحابة واحداً بعد واحد على هذا النسق.
ومنهم من يثبت الأحاديث في الأماكن التي هي دليل عليها، فيضعون لكل حديث باباً يختص به، فإن كان في معنى الصلاة، ذكروه في «باب الصلاة» وإن كان في معنى الزكاة، ذكروه في «باب الزكاة» ، كما فعله مالك بن أنس في كتاب «الموطأ» إلا أنه - لقلة ما فيه من الأحاديث قلت أبوابه.
ثم اقتدى به من بعده.
فلما انتهى الأمر إلى زمن البخاري ومسلم، وكثرت الأحاديث المودعة في كتابيهما، كثرت أبوابهما وأقسامهما، واقتدى بهما من جاء بعدهما.
وهذا النوع أسهل مطلباً من الأول لوجهين.
(١) هو الحافظ الكبير سليمان بن داود بن الجارود الفارسي الأصل البصري الثقة صاحب المسند المطبوع في الهند، وقد رتبه الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي على الأبواب وأسماه " منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود " مات سنة أربع ومائتين عن عمر يناهز الثمانين.