للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٧٧ - (د س خ م) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: «انكسفت الشمس في حياة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يَكَدْ يركع، ثم ركع فلم يكد يرفع (١) ، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده، فقال: أُفٍّ، أُفٍّ، ثم قال: ربِّ، ألم تَعِدْني أن لا تُعَذِّبَهم، وأنا فيهم؟ ألم تَعِدْني أن لا تعذِّبَهم وهم يستغفرون؟ ففزِع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من صلاته وقد أمْحَصَتِ الشمسُ» . أخرجه أبو داود.

وفي رواية النسائي: قال: «انكسفتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فقام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إِلى الصلاة، وقام الذين معه، فقام قياماً فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسَه وسجد فأطال السجودَ، ثم عرف رأسه وجلسَ فأطال الجلوس، ثم سجدَ فأطال السجودَ، ثم رفع ⦗١٧٩⦘ رأسه وقام، فصنع في الركعة الثانية مثل ما صنع في الأولى: من القيام، والركوع، والسجود، والجلوس، فجعل ينفُخُ في آخر سجوده من الركعة الثانية ويبكي، ويقول: لم تَعِدْني هذا وأنا فيهم، لم تَعِدْني هذا، ونحنُ نستغفرك، ثم رفع رأسه، وانجلتِ الشمسُ، فقام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فخطبَ الناس، فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: إِن الشمسَ والقمر آيتان من آيات الله، فإذا رأيتم كسوف أحدهما فاسعَوْا إِلى ذِكْر الله، والذي نفسُ محمد بيده، لقد أُدْنِيَتِ الجنةُ مني حتى لو بسطتُ يدي لتعاطيتُ من قُطُوفها، ولقد أُدنِيت مِنيَّ النارُ حتى لقد جعلتُ أتَّقِيها خشية أن تغشاكم، حتى رأيتُ فيها امرأة من حِمْيرَ تُعذَّب في هِرَّة ربطتْها، فلم تَدَعْها تأكل من خَشاش الأرض، لا هي أطعمتها، ولا هي أسْقَتها (٢) حتى ماتت، فلقد رأيتها تَنْهَشُها إِذا أقبلت، وإِذا وَلَّت تَنْهَش أَلْيَتها، وحتى رأيت فيها صاحبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أخا بَنِي الدَّعْداعِ يُدفع بعصىً ذات شُعبَتين في النار، وحتى رأيتُ فيها صاحبَ المحْجَن الذي كان يسرق الحاجَّ بِمِحْجَنِهِ مَتَّكئاً على محجنه في النار، يقول: أنا سارقُ المحجن» .

وله في أخرى بنحو ذلك، والأولى أتمُّ، وفيها: «فجعلتُ أنفُخ خشيةَ أن يغشاكم حَرُّها، ورأيتُ فيها سارقَ بَدَنةِ (٣) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، ورأيتُ ⦗١٨٠⦘ فيها أخا بني دُعْدُع سارقَ الحجيج، فإذا فُطِن له قال: هذا عَمَلُ المحجن، ورأيت فيها امرأَة طويلة سوداء تُعذَّب في هِرَّة رَبطتها، فلم تُطْعِمْها ولم تَسْقِها، ولم تَدَعْها تأْكل من خَشَاش الأرض حتى ماتت، وإن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وَلكنهما آيتان من آيات الله، فإِذا انكسفت إِحداهما - أو قال: فعل أحدهما شيئاً من ذلك - فاسْعَوا إِلى ذِكرِ الله عزَّ وجلَّ» .

وفي أخرى له قال: «انكَسَفتِ الشمسُ، فركعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ركعتين وسجد سجدتين، [ثم قام فركع ركعتين، وسجد سجدتين] ، ثم جُلِّي عن الشمس، قال: وكانت عائشةُ تقول: ما سجدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- سجوداً، ولا ركعَ ركوعاً أطولَ منه (٤) » .

وأخرج البخاري ومسلم قال: «لما كَسَفَتِ الشمس على عهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- نُودِيَ: إِن الصلاةَ جامعة، فركع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ركعتين في سجدة، ثم ⦗١٨١⦘ قام فركع ركعتين في سجدة، ثم جلس، ثم جُلِّيَ عن الشمس، فقالت عائشةُ: ما ركعتُ ركوعاً، ولا سجدتُ سجوداً قَطُّ [كان] أطولَ منه» .

وفي رواية إِلى قوله: «جامعة» (٥) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(أمحصت الشمس) : معنى أمحصت الشمس، أي: انجلت، وأصل المحص: الخلوص، يقال: مَحَصْت الذهب: إذا خلَّصته مما يشوبه، ومنه التمحيص من الذنوب، وهو التطهير منها.

(السِّبْتِيَّتَيْن) : يعني بالسبتيتين: النعلين، والسين مكسورة.


(١) في الأصل: ثم رفع فلم يكد يرفع، وهو خطأ، والتصحيح من نسخ أبي داود المطبوعة.
(٢) في النسائي المطبوع: سقتها.
(٣) في النسائي المطبوع: بدنتي بالتثنية.
(٤) هذه الرواية عند النسائي من رواية معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي طعمة عن عبد الله ابن عمرو، قال النسائي: خالفه - يعني معاوية بن سلام - علي بن المبارك - ثم ساق بسنده إلى علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو حفصة، مولى عائشة عن عائشة أخبرته أنه " لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، وأمر فنودي: إن الصلاة جامعة، فقام فأطال القيام في صلاته، قالت عائشة: فحسبته قرأ سورة البقرة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام مثل ما قام، ولم يسجد، ثم ركع فسجد، ثم قام فصنع مثل ما صنع: ركعتين وسجدة، ثم جلس وجلي عن الشمس ".
(٥) رواه البخاري ٢ / ٤٤٢ في الكسوف، باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف، وباب طول السجود في الكسوف، ومسلم رقم (٩١٠) في الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، وأبو داود رقم (١١٩٤) في الصلاة، باب من قال: يركع ركعتين، والنسائي ٣ / ١٣٦ و ١٣٧ في الكسوف، باب نوع آخر من صلاة الكسوف.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
١- أخرجه أحمد (٢/١٥٩) (٦٤٨٣) قال: حدثنا ابن فضيل. وفي (٢/١٦٣) (٦٥١٧) قال: حدثنا يحيى، عن شعبة. وفي (٢/١٨٨) (٦٧٦٣) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: ووافق شعبة زائدة. وقال: من خشاش الأرض حدثناه معاوية. وفي (٢/١٩٨) (٦٨٦٨) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا سفيان. وأبو داود (١١٩٤) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد. والترمذي في الشمائل (٣٢٤) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا جرير. والنسائي (٣/١٣٧) قال: أخبرنا هلال بن بشر، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد. وفي (٣/١٤٩) قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور الزهري، قال: حدثنا غندر، عن شعبة. وفي الكبرى (٤٦٢) قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثنا حماد. وابن خزيمة (٩٠١) و (١٣٨٩) ، (١٣٩٢) قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا جرير. وفي لل١٣٩٣) قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان.
سبعتهم - محمد بن فضيل، وشعبة، وزائدة بن قدامة، وسفيان وحماد بن سلمة، وجرير بن عبد الحميد، وعبد العزيز - عن عطاء بن السائب.
٢- وأخرجه أحمد (٢/٢٢٣) (٧٠٨٠) قال: حدثنا يحيى بن آدم. والنسائي في الكبرى (٤٦١) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى.
كلاهما - يحيى، ومحمد - قالا: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو إسحاق.
كلاهما - عطاء، وأبو إسحاق السبيعي - عن السائب، فذكره.
(*) رواية عبد الرزاق عن سفيان: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم يوم كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابنه، فقام بالناس، فقيل: لا يركع، فركع، فقيل: لا يرفع، فرفع فقيل: لا يسجد، فسجد، فقيل: لا يرفع، فقام في الثانية ففعل مثل ذلك، وتجلت الشمس» .
(*) رواية أبي صالح عن حماد: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ساجدا في آخر سجوده في صلاة الآيات، فنفخ في آخر سجدة، فقال: أف! أف! أف! ثم قال: رب ألم تعدني أن لا تعذبهم، وأنا فيهم، رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون.» .
(*) رواية أبي إسحاق عند أحمد: «لما توفي إبراهيم ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كسفت الشمس، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصلى ركعتين، فأطال القيام، ثم ركع مثل قيامه، ثم سجد مثل ركوعه، فصلى ركعتين كذلك، ثم سلم» .
(*) باقي الروايات مطولة ومختصرة، وألفاظها متقاربة.
وبلفظ: «انكسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأطال القيام حتى قيل لا يركع، ثم ركع فأطال الركوع حتى قيل لا يرفع، ثم رفع رأسه، فأطال القيام حتى قيل لا يسجد، ثم سجد، فأطال السجود حتى قيل لا يرفع، ثم رفع، فجلس حتى قيل لا يسجد، ثم سجد، ثم قام ففعل في الأخرى مثل ذلك، ثم أمحصت الشمس» .
أخرجه ابن خزيمة (١٣٩٣) قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن يعلي بن عطاء، عن أبيه، فذكره.
أخرجه أحمد (٢/١٧٥) (٦٦٣١) قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا أبو معاوية، يعني شيبان. وفي (٢/٢٢٠) (٧٠٤٦) قال: حدثنا هشام بن سعيد، قال: أخبرنا معاوية بن سلام. والبخاري (٢/٤٣) قال: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا يحيى بن صالح، قال: حدثنا معاوية بن سلام بن أبي سلام الحبشي الدمشقي. وفي (٢/٤٥) قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا شيبان. ومسلم (٣/٣٤) قال: حدثني محمد بن رافع، قال: حدثنا أبو النضر، قال: حدثنا أبو معاوية، وهو شيبان النحوي. (ح) وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا يحيى بن حسان، قال: حدثنا معاوية بن سلام. والنسائي (٣/١٣٦) قال: أخبرني محمود بن خالد، عن مروان، قال: حدثني معاوية بن سلام. وابن خزيمة (١٣٧٥) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا شيبان. وفي (١٣٧٦) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثني أبو بكر بن أبي الأسود، قال: أخبرنا حميد بن الأسود، عن حجاج الصواف.
ثلاثتهم - شيبان، ومعاوية، وحجاج - عن يحيى بن أبي كثير، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، فذكره.
والرواية الثانية للنسائي: أخرجها (٣/١٣٦) قال: أخبرنا يحيى بن عثمان، قال: حدثنا ابن حمير، عن معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي طعمة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>