للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٦٢ - (خ د س) محمد بن سيرين - رحمه الله - (١) قال: جلستُ إلى مجلس فيه عُظْمٌ من الأنصار، وفيهم عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أصحابُهُ يُعَظِّمونه، فذكرتُ حديثَ عبد الله بن عتبة في شأن سُبيعةَ بنتِ الحارث، فقال عبد الرحمن: لكنَّ عمَّه كان لا يقول ذلك، فقلت: إني لَجريء إنْ كذبتُ على رجل في جانب الكوفة - يعني: عبد الله بن عتبة - ورفع صوته، قال: ثم خرجتُ فَلَقِيتُ مالك بن عامر [أو: مالك بن عوف] ، فقلت: كيف كان قول عبد الله بن مسعود في المتوفَّى عنها زوجها وهي حامل؟ فقال: قال ابن مسعود: أَتجعلون عليها التَّغْليظَ، ولا تجعلون لها الرخصة؟ لَنَزلتْ سورةُ النساء القُصْرَى بعد الطُّولى {وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} [الطلاق: ٤] .

وفي أخرى قال: كنت في حَلْقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أصحابُه يُعظِّمونه، فذكر آخر الأجلين، فحدَّثتُ حديثَ سبيعة بنت الحارث عن عبد الله بن عتبة، فَضَمَّزَ لي بعضُ أصحابه، قال محمد (٢) : فَفَطَنْتُ ⦗١١٥⦘ له، فقلت: إني لجريء إِنْ كذبتُ على عبد الله بن عتبة، وهو في ناحية الكوفة، فاسْتَحيا، وقال: لكنَّ عمَّه لم يقل ذلك، فلقيتُ أبا عطية مالك بن عامر، فسألته؟ فذهب يُحدّثني حديث سبيعة الأسلمية، فقلت: هل سمعت عن عبد الله فيها شيئاً؟ فقال: كنا عند عبد الله، فقال: أَتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون لها الرخصة؟ لنزلت سورة النساء القُصرى بعد الطولى {وَأُولات الأحمالِ أجلُهُنّ أن يضعن حملَهنّ} أخرجه البخاريُّ.

وفي رواية النسائي قال: «كنتُ جالساً في ناس بالكوفة في مجلس للأنصار عظيم، فيهم عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكروا شأن سبيعةَ، فذكرتُ عن عبد الله بن عتبة بن مسعود في معنى قول ابن عون: حتى تَضع، قال ابن أبي ليلى: لكنَّ عمَّه لا يقول ذلك، قال: فرفعتُ صوتي، وقلتُ: إني لجريء أنْ أكذبَ على عبد الله بن عتبة، وهو في ناحية الكوفة، قال: فَلَقِيتُ مالكاً، قلت: كيف كان ابن مسعود يقول في شأن سبيعة؟ قال: قال: تجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون لها الرخصة؟! لأُنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى» .

وله في أخرى عن علقمة بن قيس: أَن ابن مسعود قال: «مَن شاء لاعَنْتُه، ما نزلت {وأُولاتُ الأحمال أجلُهُنّ أن يضعن حملَهن} إلا بعد آية المتوفَّى عنها زوجُها، إذا وضعت المتوفَّى عنها زوجُها، فقد حلَّت» . ⦗١١٦⦘

وله في أخرى عن عبد الله: «أن سورة النساء القصرى نزلت بعد البقرة» .

وفي رواية أبي داود مختصراً قال: «من شاء لاعَنْتُه، لأُنْزِلتْ سورة النساء القصرى بعد الأربعة أَشهر وعشراً» (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(عُظُم الأنصار) أي: جماعة كثيرة منهم، يقال: دخل في عُظم الناس، أي: معظمهم.

(لجريء) الجُرْأَة: الإقدام على الشيء.

(سورة النساء القصرى) القصرى: هي سورة الطلاق، و «الطولى» سورة البقرة لأن عدة المتوفَّى عنها زوجها في البقرة {أربعة أشهر وعشراً} ، وفي سورة الطلاق [وضع] الحمل بقوله: {وأُولات الأحمال أجلهنّ أن يضعْن حملهنّ} [الطلاق: ٤] .

(فضَمَّزَ لي) قد اختلف في ضبط هذه اللفظة، فقيل: هي بالضاد المعجمة ⦗١١٧⦘ والزاي، وقيل: بالراء، وقيل: بالنون، والأول أشبهها، يقال: ضَمَز: إذا سكت، وضَمَّزَ غيره: أسْكتَه هو.

(من شاء لاعنته) أراد بقوله من شاء لاعنته، أي: جعلتُ لعنةَ الله على أحدنا إن أخطأ في القول الذي نذهب إليه.


(١) كذا في الأصل وفي نسخ البخاري المطبوعة: محمد بن سيرين، وفي المطبوع: من جامع الأصول أبو سلمة بن عبد الرحمن، وهو خطأ.
(٢) هو محمد بن سيرين.
(٣) رواه البخاري ٨ / ١٤٥ و ٥٠١ في تفسير سورة البقرة، باب {والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} ، وفي تفسير سورة الطلاق، باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} ، والنسائي ٦ / ١٩٦ و ١٩٧ في الطلاق باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، وأبو داود رقم (٢٣٠٧) في الطلاق، باب عدة الحامل.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (٤٥٣٢) حدثنا حبان حدثنا عبد الله أخبرنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين فذكره.
وأخرجه النسائي (٦/١٩٦) أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد قال: حدثنا ابن عون عن محمد فذكره وأخرجه أبو داود (٧/٢٣٨) حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء، قال عثمان: حدثنا وقال ابن العلاء: أخبرنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق. عن عبد الله فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>