للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٧٤ - (خ) جعفر بن عمرو بن أمية الضمري - رحمه الله - قال: «خرجتُ مع عبيد الله بن عدي بن الخيار، فلما قَدِمنا حِمْصَ، قال لي عبيدُ الله: هل لكَ في وَحْشِيّ نسألُه عن قتل حمزةَ؟ قلت: نعم، وكان وَحْشيّ يسكن حمصَ، فسألنا عنه؟ فقيل لنا: هو ذاك في ظلِّ قصره، كأنه حَمِيت، قال: فجئنا حتى وقفنا عليه يسيراً، فسلَّمنا، فردَّ السلام، قال: وعبيدُ الله مُعْتَجِرٌ بعمامته، ما يرى وحشيّ إلا عَيْنيه ورجليه، فقال عبيدُ الله: يا وحْشيُّ، أتعرفني؟ قال: فنظر إليه، ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عديَّ بنَ الخيار تزوج امرأة يُقال لها: أمُّ قِتال بنتُ أبي العِيص، فولدت له غلاماً بمكة، فكنتُ أسْتَرْضِعُ له، فحملتُ ذلك الغلام مع أمه، فناولتُها إياه، فكأنِّي نظرتُ إلى قَدَمَيْك، قال: فكشف عبيدُ الله عن وجهه، ثم ⦗٢٤٨⦘ قال: ألا تخبرنا بقتل حمزةَ؟ قال: نعم، إن حمزة قتَلَ طُعَيْمةَ بنَ عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولايَ جبير بن مطعم: إن قتلت حمزةَ بعمِّي فأنتَ حُرّ، قال: فلما خرج الناسُ عام عَيْنَيْن - وعينين جبل بحيال أُحد، بينه وبينه واد - خرجتُ مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفُّوا للقتال خرج سِباع (١) ، فقال: هل من مُبارِز؟ قال: فخرج إليه حمزةُ بن عبد المطلب، فقال: يا سباعُ، يا ابنَ أمِّ أنمار مُقَطِّعةِ البُظُورِ، أتُحادُّ الله ورسولَه؟ قال: ثم شدَّ عليه، فكان كأمسِ الذاهب، قال: وكمَنْتُ لحمزة تحت صخرة، فلما دنا مني رميتُه بحَرْبَتي، فأضعها في ثُنَّتِه (٢) ، حتى خرجتْ من بين وَرِكَيه، قال: فكان ذلك العهدُ به، فلما رجع الناس رجعتُ معهم، فأقمتُ بمكة حتى فشا فيها الإسلامُ، ثم خرجتُ إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- رُسُلاً، وقيل لي: إنه لا يَهِيجُ الرسلَ، قال: فخرجتُ معهم، حتى قَدِمْتُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فلما رآني قال: أنت وحشيّ؟ قلت: نعم، قال: أنت قتلت حمزة؟ قلتُ: قد كان من الأمر ما [قد] بلغك، قال: فهل تستطيع أن تُغَيِّبَ وجهك عني؟ قال: فخرجت، فلما قُبض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فخرج مسيلمةُ الكذاب قلتُ: لأخرجنَّ إلى مسيلمة لعلي أقتله، فأُكافئَ به حمزة، قال: فخرجتُ مع الناس، فكان من أمره ما كان، فإذا رجل قائم في ثَلْمَةِ جدار كأنه جمل أوْرَقُ، ثائرُ الرأس، قال: فرميتُه بحربتي، فأضعها بين ثَدْيَيْه ⦗٢٤٩⦘ حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثَب رجل من الأنصار، فضربه بالسيف على هامَتِه، قال عبد الله بن الفضل: فأخبرني سليمان بن يسار: أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: فقالت جارية على ظهر بيت: وَا أميرَ المؤمنين، قتله العبد الأسودُ» أخرجه البخاري (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(حَمِيت) الحَمِيت: الزق الذي لا شعر عليه، وهو للسَّمن، قال الجوهري: قال ابن السِّكِّيت: فإذا جعل في نِحْي السمن الرُّبِّ فهو الحَمِيت، وإنما سمي حَميتاً لأنه مُتِّنَ بالرُّبِّ، أي: قوي وشدد.

(مُعْتَجر) الاعْتِجار بالعمامة: لَفُّها على الرأس، دون أن يُتْرَك تحت الذقن منها شيء، قال الحميدي: وقد جاء في هذا الحديث، " وما يرى وحشي منه إلا عينيه ورجليه " فلعله كان قد غطى وجهه بعد الاعتجار.

(بحيال) حِيال الشيء: مُقابِلُه.

(مقطِّعة البُظُور) : بظور النساء: اللاتي تُخْفَض منهن، أي: تختن، والمقطِّعة: التي تخفِض النساء.

(أتُحادُّ؟) المُحادَّة: المخالفة، ومنع الواجب عليه.

⦗٢٥٠⦘

(شدَّ عليه) أي: حمل عليه، وعدا إليه.

(ولا يهيج) هاج الإنسان يهيجه: إذا أفزعه وآذاه.

(فأُكافئ) المكافأة: المجازاة.

(أوْرَق) الوُرْقَة في ألوان الإبل: كالسُّمْرة في الإنسان.

(على هَامَتِه) الهامة: وسط الرأس.


(١) هو سباع بن عبد العزى الخزاعي.
(٢) أي: في عانته.
(٣) ٧ / ٢٨٢ - ٢٨٤ في المغازي، باب قتل حمزة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (٤٠٧٢) حدثني أبو جعفر محمد بن عبد الله، حدثنا حجين بن المثنى، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>