للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرجع النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم

٦٠٩٥ - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لما رجعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من الخندق، ووضعَ السلاحَ واغتسل، أتاه جبريل فقال: قد وضعتَ السلاح؟ والله ما وضعناه، اخرج إليهم، قال: فإلى أين؟ قال: هاهنا- وأشار إلى بني قريظة - فخرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إليهم» .

وفي رواية قالت: «أُصِيبَ سعد يومَ الخندق، رماه رجل من قريش يقال له: حِبَّان بن العَرِقة، رماه في الأكْحَل، فضربَ عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- خَيْمة في المسجد، ليعودَهُ من قريب، فلما رجع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من الخندق، وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريلُ وهو يَنْفُض رأسه من الغبار، فقال: قد وضعتَ السلاح؟ والله ما وضعتُه، اخرج إليهم، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فأين؟ فأشار إلى بني قريظة، فأتاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فنزلوا على حُكْمِهِ، فردَّ الحُكْمَ إلى سعد، قال: فإني أحْكُمُ فيهم: أن تُقْتَل المقاتِلةُ، وأن تُسْبى النساءُ والذُّرِّيَّةُ، وأن تُقسَمَ أموالُهم» ، قال هشام: ⦗٢٧٣⦘ فأخبرني أبي عن عائشة أن سعداً قال: «اللهم إنكَ تعلم أنه ليس أحد أحبَّ إليَّ أن أُجاهدَهم فيك من قوم كذَّبوا رسولَك وأخرجوه، اللهم فإني أظنّ أنك قد وضعتَ الحربَ بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني [لهم] حتى أجاهدَهم فيك، وإن كنتَ وضعتَ الحرب فافْجُرْها واجعل موتي فيها، فانفجرتْ من لَبّته، فلم يَرُعْهم - وفي المسجد خيمة من بني غِفار - إلا الدمُ يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة، ما هذا الذي يأتينا من قِبَلكم؟ فإذا سعد يَغْذُو جُرحُه دماً، فمات منها» . أخرجه البخاري.

وأخرج مسلم إلى قوله: «وتُقْسَمَ أموالُهم» ، ولم يسمّ فيها اسمَ ابنِ العَرِقة، إنَّمَا قال: «رماه رجل من قريش: ابنُ العَرِقَةِ» ، وقال فيه: «والله ما وضعناه» ، وقال عن هشام: «قال أبي: فأُخبِرتُ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: لقد حَكَمْتَ فيهم بِحُكْمِ الله» .

وله في أخرى عن هشام قال: «أخبرني أبي عن عائشةَ أن سعداً قال: - وتحجَّر كَلْمُه للبُرْءِ - فقالَ: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحَبَّ إليَّ أن أُجاهدَ فيك من قوم كَذَّبوا رسولكَ وأخرجوه، اللهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني أجاهدْهم فيك، اللهم فإني أظنُّ أنكَ قد وضعتَ الحرب بيننا وبينهم، فإن كنتَ قد وَضَعْتَ الحرب بيننا وبينهم فافْجُرها، واجعل موتي فيها، فانفجرت من لَبَّته ... وذكر باقيه ... إلى قوله: فمات فيها» . ⦗٢٧٤⦘

وفي رواية له قال بهذا الإسناد نحوه، غير أنه قال: «فانفجرت من ليلته (١) ، قال: فما زال يسيل حتى مات» ، وزاد في الحديث قال: فذاك حين يقول الشاعر:

ألا يا سعد، سعد بني معاذ ... فما فعلت (٢) قريظة والنضير؟

لعمرك إن سعد بني معاذ ... غداة تحملوا لَهُوَ الصبور

تركتم قِدْرَكم (٣) لا شيء فيها ... وقدر القوم حامية تفور (٤)

وقد قال الكريم (٥) أبو حباب ... أقيموا قينقاع ولا تسيروا

وقد كانوا (٦) ببلدتهم ثقالاً (٧) ... كما ثقلت بميطان (٨) الصخور (٩) ⦗٢٧٥⦘

هذا الشعر لم يذكره الحميديُّ في كتابه.

وأخرج أبو داود من أوله طرفاً في «باب عيادة المريض مراراً» ، وهذا لفظه: قال: «لما أُصِيب سعدُ بنُ معاذ يوم الخندق رماه رجل في الأكْحَلِ، فضرب عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- خيمة في المسجد ليعودَه من قريب» . وأخرج النسائي أيضاً مثلَ أبي داود (١٠) .

وحيث اقتصرا على هذا القدر لم نُثْبِتْ لهما علامة، وقد ذكرنا ما أخرجاه في عيادة المريض من «كتاب الصحبة (١١) » من حرف الصاد.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(في الأكْحَل) الأكْحَل: عِرْقٌ في وسط اليد يكثر فَصْدُه.

(فلم يَرُعْهُم إلا كذا) أي: لم يفزعهم إلا هو، والرَّوْع: الفزَع.

(يَغْذُو) غذا الجرح - بالذال المعجمة - يغذو غَذْواً: إذا سال دماً.

(تَحَجَّر كَلْمُه) الكَلْم: الجُرْح، وتحجُّره: اشتداده وقوته، أي: صار مثل الحجر قوياً لا وجع به.


(١) قال الحافظ في " الفتح ": وفي رواية الكشميهني: من ليلته، وهو تصحيف.
(٢) قال النووي في " شرح مسلم ": هكذا هو في معظم النسخ، وكذا حكاه القاضي عن المعظم، وفي بعضها: لما فعلت، باللام، بدل الفاء، وقال: وهو الصواب والمعروف في السير.
(٣) أراد بقوله: تركتم قدركم: الأوس، لقلة حلفائهم، فإن حلفاءهم قريظة، وقد قتلوا.
(٤) أراد بقوله: وقدر القوم حامية تفور: الخزرج، لشفاعتهم في حلفائهم بني قينقاع حتى من عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وتركهم لعبد الله بن أبي بن سلول، وهو أبو حباب المذكور في البيت الذي يليه.
(٥) في المطبوع: وقد قال الكريب، وهو تحريف.
(٦) أي: بنو قريظة.
(٧) أي: راسخين من كثرة مالهم من القوة والنجدة والمال كما رسخت الصخور، وهي الحجارة الكبار بتلك البلدة.
(٨) اسم جبل من أرض الحجاز في ديار بني مزينة.
(٩) إنما قصد الشاعر تحريض سعد على استبقاء بني قريظة حلفائه، ويلومه على حكمه فيهم، ويذكره بفعل عبد الله بن أبي بن سلول، ويمدحه لشفاعته في حلفائهم بني قينقاع.
(١٠) رواه البخاري ٧ / ٣١٣ في المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة، وفي الجهاد، باب الغسل بعد الحرب والغبار، ومسلم رقم (١٧٦٩) في الجهاد، باب جواز قتال من نقض العهد، وأبو داود رقم (٣١٠١) في الجنائز، باب في العيادة مراراً، والنسائي ٢ / ٤٥ في المساجد، باب ضرب الخباء في المساجد.
(١١) في المطبوع: من كتاب الصحة، وهو خطأ.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري (٤١١٧) حدثني عبد الله بن أبي شيبة، حدثنا ابن نمير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته. وأخرجه مسلم (١٧٦٩) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن العلاء الهمداني كلاهما، عن ابن نمير، قال ابن العلاء: حدثنا ابن نمير، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>