للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦١٧٢ - (د س) عمرو بن شعيب - رحمه الله - عن أبيه عن جده - في هذه القِصَّة - قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «ردُّوا عليهم نساءهم [وأبناءهم] فمن مَسكَ بشيء من هذا الفيء، فإن له علينا به سِتَّ فرائض من أول شيء يُفيئه الله علينا، ثم دنا - النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (١) - من بعير فأخذ وَبَرة من سَنَامِهِ، ثم قال: يا أيها الناس، إِنه ليس لي في هذا الفيء شيء، ولا هذا - ورفع إصبَعَيْه - إلا الخُمْسَ، والخمسُ مردود عليكم، فأدُّوا الخِياط والمِخْيَط، فقام رجل ⦗٤٠٧⦘ في يده كُبَّة من شَعَر، فقال: أخَذتُ هذه لأُصلح بها بَرْذَعَة [لي] فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: [أمَّا] ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكَ، فقال: أمَّا إذا بلغتُ ما أرى، فلا أرَب لي فيها، ونَبَذَها» ، هكذا أخرجه أبو داود عقيب حديث المسور ومروان (٢) ، وقد أخرج بعضَ هذا المعنى بقريب من ألفاظه الموطأ، وهو مذكور في «الفرع السادس» من «الفصل الثالث» من «الباب الثاني» ، من «كتاب الجهاد» ، من حرف الجيم، فجعلنا ذلك مفرداً للموطأ، وهذا لأبي داود. وأما رواية النسائي: فإِنه قال: «كُنّا عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذ أتاه وَفْدُ هَوَازِنَ، فقالوا: يا محمد، إِنا أهل وعشيرة، وقد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فَامْنُنْ علينا، مَنَّ الله عليكَ، فقال: اختارُوا من أموالكم، أو من نسائكم، فقالوا: خَيَّرتَنا بين أحسابنا وأموالنا، بل نختارُ نساءَنا [وأبناءَنا] فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ما كان لي ولبني عبد المطلب فَهُوَ لكم، فإِذا صَلَّيتُ الظهر، [فقوموا] فقولوا: إنا نستعينُ برسول الله على المؤمنين - أو المسلمين - بنسائنا وأموالنا، فلما صَلَّوُا الظهرَ، [قاموا]⦗٤٠٨⦘ فقالوا ذلك، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: فما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالتِ الأنصار: ما كان لنا فهو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال الأقرعُ بنُ حابس: أمَّا أنا وبنو تميم فلا، وقال عيينة بن حصن: أمَّا أنا وبنو فزارة فلا، وقال العباس بن مرداس: أمَّا أنا وبنو سُلَيم فلا، فقامت بنو سليم: فقالوا: كذبتَ، ما كان لنا فهو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أيُّها الناس، رُدُّوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن تَمسَّك من هذا الفيء بشيء فله سِتُ فرائض من أول شيء يفيئُه الله علينا، وركب راحلته، وركبَهُ الناسُ: اقسمْ علينا فيْأَنَا (٣) ، فألجؤوه إلى شجرة، فَخطِفَتْ رِداءه، فقال: يا أيُّها الناس، رُدُّوا علي رِدائي، فوالله لو أن لكم شجرَ تِهامةَ نَعماً قسمتُه بينكم ثم لم تَلْقَوْني بخيلاً، ولا جباناً، ولا كَذُوباً، ثم أتى بعيراً، فأخذ من سَنَامِه وَبَرَة بين إصبعيه، ثم قال: ها، إنه ليس لي من [هذا] الفيء شيء ولا هذه، إلا الخمس، والخمسُ مردود عليكم، فقام إليه رجل بِكُبَّة من شعر، فقال: يا رسولَ الله، أخذتُ هذه لأُصلِح بها برذَعةَ بعير لي، فقال: أمَّا ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك، فقال: أَو بلغت هذه؟ فلا أرَبَ لي فيها ⦗٤٠٩⦘ فَنَبَذَها، وقال: يا أيُّها الناس، أدّوا الخياط والمِخْيَطَ، فَإِن الغُلولَ يكون على أهله عَاراً وَشَنَاراً يومَ القيامة» (٤) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(من مَسَك بشيء) يقال: أمسكتُ الشيء، ومَسكت بالشيء: بمعنى واحد، وفي الكلام إضمار، وتقديره: من أصاب شيئاً [من هذا الفيء] فأمسكه ثم رده.

(سِت فرائض) الفرائض، جمع فريضة، يريد به: البعير المأخوذ في الزكاة، وسُمِّي به فريضة، لأنه الواجب على رب المال، ثم سُمِّي البعير فريضة في غير الزكاة.

(يفيئه الله علينا) أراد: بما يفيئه الله عليه: الخمس الذي جعله الله له من الفيء خاصة دون الناس، فإنه يعطي كلَّ من أخذ منه شيئاً عوضه من ذلك.

(الخِيَاط) الخَيْط، والْمِخْيَط: الإبرة.

(الغلول) : الخيانة في الغنيمة قبل إخراج الخمس والقسمة. (الشَّنار) : العيب والعار.


(١) في نسخ أبي داود المطبوعة: ثم دنا، يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) انظر " سنن أبي دود " رقم (٢٦٩٣) ، أي الحديث الذي قبل هذا، وقد رواه البخاري والنسائي مختصراً ومطولاً.
(٣) أي: أحاطوا به قائلين: أقسم علينا فيأنا.
(٤) رواه أبو داود رقم (٢٦٩٤) في الجهاد، باب في فداء الأسير بالمال، والنسائي ٦ / ٢٦٢ - ٢٦٤ في الهبة، باب هبة المشاع، وهو حديث حسن، ورواه أيضاً من حديث عبادة بن الصامت، وحسن الحافظ ابن حجر إسناده في " الفتح ".

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>