للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٢٩٠ - (ت) الحارث الأشعري - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله تبارك وتعالى أمر يحيى بنَ زكريا بخمس كلمات: أن يعملَ بها، ويأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنه كاد أن يُبطِئ بها، فقال له عيسى: إن الله أمرك بخمس كلمات: أن تعملَ بها، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرَهم، وإما أن آمرَهم، فقال يحيى: [أخْشَى إن سبقتني بها] أن يُخْسَفَ بي أو أُعَذّب، فَجَمَع الناسَ في بيت المقدس، فامتلأ المسجدُ، وقعدوا على الشُّرَف، فقال: إن الله أمرني بخمس كلمات: أن أعملَ بهنَّ، وآمرَكم أن تعملوا بهنَّ، أوَّلُهنَّ: أن تعبُدوا الله، ولا تشرِكوا به شيئاً، فإنَّ [مَثَل] مَنْ أشرك بالله شيئاً كمثلِ رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو وَرِق، فقال: هذه داري، وهذا عملي، فاعملْ وأدِّ إليَّ، فكان يعمل ويؤدِّي إلى غير سيده، فأيُّكم يرضى أن يكون عبدُه كذلك؟ وإن الله أمرَكم بالصلاة، فإذا صلَّيتُم فلا تلتفتوا، فإنَّ الله يَنْصِب وجهه لوجه عبده في صلاته، ما لم يلتفتْ، وآمرُكم بالصيام، فإنَّ مَثَل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صُرَّة فيها مِسك، كلهم يعجب - أو يعجبه - ريحها، وإنَّ ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وآمرُكم بالصدَقةِ، فإن مَثَلَ ذلك كمثلِ رجل أسَره العدوُّ، فأوثقوا يديه إلى عنقه، وقَدَّمُوه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفْدِي نفسي منكم بالقليل، والكثير، ففَدَى نَفْسَه منهم، وآمرُكم أن ⦗٥٤٧⦘ تَذْكروا الله، فإن مَثَل ذلك كمثل رجل خرج العدوُّ في أثره سِراعاً، حتى إذا أتى على حِصْن حصين أحرز نفسه منهم، وكذلك العبدُ لا يُحْرِزُ نفسه من الشيطان إلا بِذِكر الله، وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «وأنا آمركم بخمس الله أمرني بِهِنَّ: السمعُ والطاعةُ والجهادُ، والهجرةُ، والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قِيْدَ شِبْر، فقد خَلَعَ رِبْقَةَ الإسلام من عُنُقِهِ، إلا أن يُراجِعَ، ومن دعا دعوى الجاهلية، فإنه من جُثَى جهنم، فقال رجل: يا رسول الله وإن صام وإن صلَّى؟ قال: وإن صام وإن صلَّى، فادْعوا بدعوى الله التي سماكم المؤمنين عبادَ الله» أخرجه الترمذي (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(العصابة) : الجماعة من الناس، قيل: تبلغ الأربعين.

(الرِّبْقَة) في الأصل: حَبْلٌ فيه عُرى كثيرة تُشَدّ به الغنم، الواحدة منها رِبْقة، فاستعار للإسلام رِبقَة، يعني بها: العروة يَشُدَّ بها المسلم نفسه من عُرى الإسلام.

(جُثى) جمع جثوة بالضم، وهي الشيء المجموع من جماعات جهنم، هذا فيمن رواها مخففة، ومن رواها «جُثِّي» - مشددة - فإنه أراد ⦗٥٤٨⦘ الذين يجثون على الركب، واحدها: جاثٍ، من قوله تعالى: {حَوْلَ جهنم جِثيّاً} [مريم: ٦٨] قال الهروي: وهذا أحب إلى أبي عبيد.


(١) رقم (٢٨٦٧) في الأمثال، باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وهو كما قال، وأخرجه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما "، والحاكم في " المستدرك " وصححه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الترمذي (٢٨٦٣) حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، أن أبا سلام حدثه أن الحارث الأشعري حدثه، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>