للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٤٧٦ - (م) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: كنا عند عمر فقال: أيكم سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه، فقال: لعلَّكم تَعْنُون فتنة الرجل في أهل وجاره؟ قالوا: أجل، قال: تلك يُكَفِّرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيُّكم سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- يذكر التي تموج موجَ البحر؟ قال حذيفة: فأسكتَ القومُ، فقلت: أنا، قال: أنت لله أبوك، قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تُعْرَض الفتن على القلوب كالحصير عَوداً عَوداً (١) ، فأيُّ قلب أُشْربَها نُكِتَ فيه نُكتة سوداء؟ ⦗٢٢⦘ وأي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: أبيضَ مثل الصَّفا، فلا تَضره فتنة، ما دامت السماوات والأرضُ، والآخر: أسود مُرْباداً، كالكوزِ مُجَخِّياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشرب من هواه، قال: وحدَّثته: أن بينك وبينها باباً مُغْلَقاً، يُوشِك أن يُكْسَرَ قال عمر: أكسراً؟ لا أبالك، فلو أنه فتح؟ لعله كان يعاد، قال: لا، بل يُكْسَرُ، وحدَّثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت، حديثاً ليس بالأغاليط، قال ربعي: «فقلت: يا أبا مالك - هو سعد بن طارق - ما أسودُ مِربادَّاً؟ قال: شدة البياض في سواد، قلت: فما الكوز مُجَخِياً؟ قال: منكوساً» أخرجه مسلم (٢) .

قال الحميديُّ: قد تقدم في المتفق عليه سؤال عمر عن الفتنة - يعني الحديث الذي قبل هذا - بألفاظ أُخر، لا يتفق مع هذا إلا في يسير، فلذلك أفردنا هذا، قلت: ولو أضافه إلى المتفق لكان أولى، فإن هذا رواية من ذلك الحديث.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(كالحصير عَوداً عَوداً) قال الحميدي: في بعض الروايات «عرض ⦗٢٣⦘ الحصير» والمعنى فيهما: أنها تحيط بالقلوب كالمحصور المحبوس، يقال: حصره القوم: إذا أحاطوا به، وضيَّقوا عليه، قال: وقال الليث: حصير الجَنْب: عِرْق يمتد معترضاً على الجَنْب إلى ناحية البطن، شَبَّه إحاطتَها بالقلب بإحاطة هذا العِرق بالبطن، وقوله " عَوْداً عَوْداً " أي مرَّة بعد مرة، تقول: عاد يعودُ عودَة وعَوْداً.

(أُشْرِبَها) أُشْرِب القلب هذا الأمر: إذا دخل فيه وقَبِلَهُ وسَكِنَ إليه، كأنه قد شَرِبه.

(نُكِتَ فيه نكتة سوداء) أي أثر فيه أثر أسود، وهو دليل السخط ولذلك قال في حالة الرضى: نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين، أي على قسمين.

(مربادَّاً) المرْبادُّ والمُرْبَدُّ: الذي في لونه رُبْدة، وهي بين السواد والغُبرة.

(كالكوز مجخياً) المُجَخِّي: المائل عن الاستقامة والاعتدال هاهنا، وجَخَّى الرجل في جلوسه: إذا جلس مستوفزاً، وجَخَّى في صلاته: إذا جافَى عضديه عن جوفه ورفع جوفه عن الأرض وخَوى.

(فتنة الأحلاس) شبه هذه الفتنة التي أشار إليها بالأحلاس، وهي جمع حلس، وهو كساء يكون على ظهر البعير لدوام هذه الفتنة ولزومها.


(١) ويقال: عوداً عوداً، بالضم، وهو أصوب.
(٢) رقم (١٤٤) في الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١- أخرجه أحمد (٥/٣٨٦) (٤٠٥) قال: حدثنا يزيد بن هارون. ومسلم (١/٨٩) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا أبو خالد-يعني سليمان بن حيان -. وفي (١/٩٠) قال: حدثني ابن أبي عمر، قال: حدثنا مروان الفزاري.
ثلاثتهم - يزيد، وأبو خالد، ومروان - عن أبي مالك.
٢- وأخرجه مسلم (١/٩٠) قال: حدثني محمد بن المثنى، وعمرو بن علي، وعقبة بن مكرم العمي، قالوا: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سليمان التيمي، عن نعيم بن أبي هند.
كلاهما - أبو مالك، ونعيم - عن ربعي، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>