للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨١٢٣ - (م) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الجنةَ رجل، فهو يمشي مرَّة، ويكبُو مرَّة، وتسْفَعُهُ النار مرة، فإذا ما جاوزها التفتَ إليها، فقال: تبارك الذي نجَّاني مِنْك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً مِنَ الأوَّلين والآخرين، فترفَعُ له شجرة، فيقول: يا ربِّ أدنني من هذه الشجرة فلأستظِلَّ بظلِّها، وأشربَ من مائها، فيقول الله عزَّ وجل: يا ابن آدمَ لعلِّي إن أعطيتُكها سألتني غيرها؟ فيقول: لا، يا ربِّ ويعاهِدُهُ أن لا يسأله غيرَها، قال: وربّه عزَّ وجل يعْذِرُه، ⦗٥٥٥⦘ لأنه يرى ما لا صبر [له] عليه، فيُدْنِيه منها، فَيَستَظِلُّ بظلها، ويشربُ من مائها، ثم تُرفَعُ له شجرة هيَ أحسن من الأُولى، فيقول: أي ربِّ، أدنِني مِن هذه لأشرب مِن مائها، وأستظِلَّ بِظلِّها، لا أسألُكَ غيرَها، فيقول: يا ابنَ آدمَ، ألم تعاهدني أنْ لا تسألَني غيرَها؟ فيقول: لعلِّي إن أدْنيتُك منها تسألني غيرَها؟ فيُعاهِدُهُ أن لا يسألَهُ غيرها، وربُّه تعالى يَعْذِرُه، لأنه يرى ما لا صْبرَ له عليه، فيدنيه منها، فيستْظِلُّ بظلِّها، ويشرب من مائها، ثم تُرفَعُ له شجرة عند باب الجنة، وهي أحسَنُ مِنَ الأُوليين، فيقول: أي ربِّ أدْنني من هذه لأستظِلَّ بظلِّها، وأشرب من مائها، لا أسألكَ غيرها، فيقول: يا ابنَ آدمَ ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى، يا ربِّ، [هذه] لا أسألك غيرَها - وربُّه عز وجل يعذِرُه، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع أصواتَ أهل الجنة، فيقول: أي ربِّ أدخلنيها، فيقول: يا ابنَ آدمَ، ما يَصْريني منك، أيُرْضيكَ أن أُعطِيَكَ الدنيا ومثلَها معها؟ قال: يا ربِّ، أتستهزئ مِني وأنتَ ربُّ العالمين؟ فضحكَ ابن مسعود فقال: ألا تسألوني ممَّ أضحكُ؟ فقالوا: ممَّ تَضْحكُ؟ فقال: هكذا ضَحِكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: ممَّ تَضْحَكُ يا رسول الله؟ فقال: مِنْ ضحك ربِّ العالمين، حين قال: أتستهزئ مني وأنتَ ربُّ العالمين؟ فيقول: ⦗٥٥٦⦘ إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاءُ قادر» أخرجه مسلم (١) .

وهذا الحديث هكذا أخرجه الحميديُّ وحدَه في أفراد مسلم، والذي قبله في المتفق، وقال: إنما أفردناه للزيادة التي فيه.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(ما يَصْرِيني) منك: أي ما الذي يرضيك ويقطع مسألتك، وأصل التصرية: القطع والجمع، ومنه: الشاة المصرَّاة، وهي التي جمع لبنها وقطع حَلْبُه.


(١) رقم (١٨٧) في الإيمان، باب آخر أهل النار خروجاً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مسلم (١٨٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت، عن أنس، عن ابن مسعود، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>