للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٩٠١ - (م د) أبو قتادة الأنصاري - رضي الله عنه - قال: «خطبنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنكم تسيرون عَشِيَّتكم وليلتكم، وتأتون الماء إن شاء الله غداً، فانطلق الناسُ لا يَلْوِي أحد على أحد، قال أبو قتادة: فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يسير حتى ابْهارّ الليلُ، وأنا إلى جنبه، قال: فنعسَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فمال عن راحلته، فأتيته فدَعَمْتُه من غير أن أُوقِظَه، حتى اعتدل على راحلته، قال: ثم سار حتى إذا تَهَوَّر الليلُ مال عن راحلته، قال: فدعَمْتُه، من غير أن أُوقِظَهُ، حتى اعتدل على راحلته، قال: ثم سار حتى إذا كان من آخر السَّحَر مَال مَيْلةً هي أشدُّ من الميْلَتين الأُوليين، حتى كاد يَنْجَفِلُ، فأتيته فدعمتُهُ، فرفع رأسَهُ، فقال: من هذا؟ قال: أبو قتادة، قال: متى كان هذا مَسِيرُكَ مِنِّي؟ قلت: ما زال هذا مسيري منذُ الليلة، قال: حَفِظَكَ الله بما حفِظت به نبيَّه، ثم قال: هل ترانا نخفى على الناس؟ ثم قال: هل ترى من أحد؟ قلت: هذا راكب، ثم قلت: هذا راكب آخرُ، حتى اجتمعنا ⦗٣٤٠⦘ فكنَّا سبعةَ رَكْبٍ، قال: فمال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عن الطريق، فوضع رأسه، ثم قال: احفظوا علينا صلاتنا، فكان أولَ من استيقظ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، والشمس في ظهره، قال: فقمنا فَزِعين، ثم قال: اركبوا فركبنا، فَسِرْنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل، ثم دعا بِميضأةٍ كانت معي، فيها شيء من ماء، قال: فتوضأ منها وُضوءاً دون وُضوء، قال: وبقي فيها شيء من ماءٍ، ثم قال لأبي قتادة: احفظ علينا مِيضأتك، فسيكون لها نبأ، ثم أَذَّن بلال بالصلاة، فصلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ركعتين، ثم صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كلَّ يوم، قال: وركب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، وركبنا معه، قال: فجعل بعضُنا يهمِس إلى بعض: ما كفَّارةُ ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا؟ ثم قال: أمَا لكم فيَّ أسوةٌ حسنة (١) ؟ ثم قال: أما إنَّه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يُصَلِّ الصلاة حتى يجيءَ وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين يَنْتَبِهُ لها، فإذا كان الغَدُ فليُصلها عند وقتها، ثم قال: ما ترون الناس صنعوا؟ قال: أصبح الناس فَقَدُوا نَبِيَّهم، فقال أبو بكر وعمر: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بعدَكم، لم يكن ليُخَلِّفكم، وقال الناس: إنَّ رسول الله بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرْشُدُوا، قال: فانتهينا إلى الناس حين امتدَّ النهارُ وحَمِيَ كُلُّ شيء، وهم يقولون: يا رسول الله هلكنا عَطَشاً (٢) ، قال: لا هُلْكَ عليكم، ثم قال: أطلقوا لي غُمْري، قال: ودعا بالميضأة، فجعل ⦗٣٤١⦘ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصبّ، وأبو قتادة يسقيهم، فلم يَعْدُ أن رأى الناسُ ماءً في الميضأة، تكابُّوا عليها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أحسِنوا الملأَ، كلّكم سَيَرْوى، قال: ففعلوا، فجعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يصبُّ وأَسْقِيهم، حتى ما بقي غيري وغيرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قال: ثم صَبَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال لي: اشرب، فقلت: لا أشرب حتى تشرَبَ يا رسول الله، قال: إن ساقي القوم آخرهم، قال: فشرِبت، وشرِبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قال: فأتى الناسُ الماء جامِّين رِواء» .

قال: فقال عبد الله بن رباح: إِني لأُحَدِّثُ الناس هذا الحديث في مسجد الجامع؛ إذ قال عمران بن حُصين: «انظر أيُّها الفتى كيف تحدِّث؟ فإني أحدُ الركب تلك الليلة، قال: فقلت: فأنتَ أعلمُ بالحديث، فقال: ممن أنتَ؟ قلت: من الأنصار، قال: حَدِّث، فأنت أعلم بحديثكم، قال: فحدَّثت القوم، فقال عمران: شهِدتُ تلك الليلة، وما شعرت أن أحداً حفِظَه كما حفظتُهُ» أخرجه مسلم.

وأخرج أبو داود بعض هذا الحديث في «باب: من نام عن صلاة أو نسيها لحاجته إليه» وهذا لفظه قال: «إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- كان في سفرٍ له، فمال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، ومِلتُ معه، فقال: انظر، فقلت: هذا راكب، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثة، حتى صِرْنَا سبعةً، فقال: احفظوا علينا صلاتنا ⦗٣٤٢⦘ يعني الفجر - فَضُرِبَ على آذانهم، فما أيقظهم إلا حَرُّ الشمس، فقاموا وساروا هُنَيَّة، ثم نزلوا فتوضؤوا، وأذّن بلال، فصلّوا ركعتي الفجر، ثم صلّوا الفجر وركبوا، فقال بعضهم لبعض: قد فرّطنا في صلاتنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: إِنَّه لا تفريط في النوم، إِنما التفريط في اليقظة، فإذا سها أحدكم عن صلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغَدِ للوقت» (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(لا يلوي) على كذا، أي: لا يعطف عليه، ولا يلتفت، وألوى رأسه ولواه: أماله من جانب إلى جانب.

(ابهارَّ) الليل: مضى نصفه، وقيل: استنار بكواكبه.

(دَعَمْتُه) : أقمتُه وأسنَدْتُه.

(تهوَّر) الليل: ذهب معظمه، وبقي أيسره.

(يَنْجَفِل) : ينقلب عن راحلته ويسقط.

(يهمس) الهمس: الكلام الخفيُّ.

(أحسِنوا المَلأَ) بفتح الميم واللام وبالهمز: الخُلُق، وجمعه: أملاء، وكثير من قرَّاء الحديث يقولون: المِلْء - بكسر الميم وسكون اللام - قال ⦗٣٤٣⦘ ابن الجوزي: وسمعت [ابن] الخشَّاب يقرؤها كذلك، وفسّرها فقال: ملء القِرَب، وأُنكِرَ عليه ذلك.

(النبأ) : الخبر، والمراد: أنها يكون لها شأن يتحدَّث به الناس.

(الغُمَر) : القَدَح الصغير.

(جامّين) أي: مستريحين من التَّعَب والإعياء.

(الرِّواء) : جمع راوٍ، وهو المستكفي من الماء.

(فلْيصلّها حين يذكرها ومن الغد للوقت) قال الخطابيُّ: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بهذا، ولا عمل به وجوباً، ويشبه أن يكون الأمر به استحباباً لتحرز فضيلة الوقت في القضاء عند مصادفة الوقت، والله أعلم.


(١) في نسخ مسلم المطبوعة: أما لكم في أسوة.
(٢) في نسخ مسلم المطبوعة: هلكنا، عطشنا.
(٣) رواه مسلم رقم (٦٨١) في المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، وأبو داود رقم (٤٣٧) و (٤٣٨) و (٤٣٩) و (٤٤٠) و (٤٤١) في الصلاة، باب فيمن نام عن الصلاة أو نسيها.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (٥/٢٩٨) قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت. (ح) قال حماد: وحدثنا حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني. وفي (٥/٣٠٢) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة. ومسلم (٢/١٣٨) قال: حدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا سليمان، يعني ابن المغيرة. قال: حدثنا ثابت. وعبد الله بن أحمد في «زياداته على المسند» (٥/٢٩٨) قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج. قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت. وفي (٥/٢٩٨) قال: حدثنا إبراهيم. قال: حدثنا حماد، عن حميد، عن بكر بن عبد الله. وابن خزيمة (٤١٠) قال: حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي. قال: حدثنا بهز - يعني ابن أسد. قال: حدثنا حماد - يعني ابن سلمة - قال: أخبرنا ثابت البناني.
ثلاثتهم - ثابت البناني، وبكر بن عبد الله، وقتادة - عن عبد الله بن رباح، فذكره.
(*) رواية قتادة: ليس فيها حديث عمران بن حصين.
* وجاء مختصرا على: «ذكروا للنبي -صلى الله عليه وسلم- نومهم عن الصلاة. فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها» .
أخرجه أحمد (٥/٣٠٥) قال: حدثنا هاشم. قال: حدثنا المبارك، عن بكر بن عبد الله. وأبو داود (٤٤١) قال: حدثنا العباس العنبري. قال: حدثنا سليمان بن داود. وهو الطيالسي. قال: حدثنا سليمان - يعني ابن المغيرة - عن ثابت. والترمذي (١٧٧) قال: حدثنا قتيبة. قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت البناني. والنسائي (١/٢٩٤) . وفي الكبرى (١٤٩٩) قال: أخبرنا قتيبة. قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت. وفي (١/٢٩٤) . وفي الكبرى (١٥٠٠) قال: أخبرنا سويد بن نصر. قال: أنبأنا عبد الله - وهو ابن المبارك - عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت.
كلاهما - بكر بن عبد الله، وثابت البناني - عن عبد الله بن رباح، فذكره.
* وجاء مختصرا على: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما ناموا عن الصلاة حتى طلعت الشمس. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فليصلها أحدكم من الغد لوقتها» .
أخرجه أحمد (٥/٣٠٩) . والنسائي (١/٢٩٥) . وفي الكبرى (١٥٠١) قال: أخبرنا عمرو بن علي. وابن خزيمة (٩٩٠) قال: حدثنا إسحاق بن منصور.
ثلاثتهم - أحمد بن حنبل، وعمرو بن علي، وإسحاق بن منصور - عن سليمان بن داود أبي داود الطيالسي. قال: حدثنا شعبة، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، فذكره.
* وجاء مختصرا على: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر له، فمال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وملت معه، فقال: انظر. فقلت: هذا راكب، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثة، حتى صرنا سبعة، فقال: احفظوا علينا صلاتنا - يعني صلاة الفجر - فضرب على آذانهم، فما أيقظهم إلا حر الشمس. فقاموا فساروا هنية، ثم نزلوا فتوضؤوا وأذن بلال، فصلوا ركعتي الفجر، ثم صلوا الفجر، وركبوا. فقال بعضهم لبعض. قد فرطنا في صلاتنا. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنه لا تفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة، فإذا سها أحدكم عن صلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت» .
أخرجه أبو داود (٤٣٧) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا حماد، عن ثابت البناني. وفي (٤٣٨) قال: حدثنا علي بن نصر. قال: حدثنا وهب بن جرير. قال: حدثنا الأسود بن شيبان. قال: حدثنا خالد بن سُمَير.
كلاهما - ثابت، وخالد بن سمير - عن عبد الله بن رباح، فذكره.
* وجاء مختصرا على: «ذكروا تفريطهم في النوم. فقال: ناموا حتى طلعت الشمس. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها، ولوقتها من الغد» .
قال عبد الله بن رباح: فسمعني عمران بن الحصين، وأنا أحدث بالحديث. فقال: يا فتى انظر كيف تحدث. فإني شاهد للحديث مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فما أنكر من حديثه شيئا.
أخرجه ابن ماجة (٦٩٨) . وابن خزيمة (٩٨٩) قالا: حدثنا أحمد بن عبدة. قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح. فذكره.
* وجاء مختصرا على: «ساقي القوم آخرهم» .
أخرجه أحمد (٥/٣٠٣) قال: حدثنا ابن مهدي. قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت. وفي (٥/٣٠٥) قال: حدثنا هاشم. قال: حدثنا المبارك، عن بكر بن عبد الله. والدارمي (٢١٤١) قال: حدثنا عفان بن مسلم. قال: حدثنا حماد بن سلمة، وسليمان بن المغيرة، عن ثابت. وابن ماجة (٣٤٣٤) قال: حدثنا أحمد بن عبدة وسويد بن سعيد. قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت البناني. والترمذي (١٨٩٤) قال: حدثنا قتيبة. قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت البناني. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (٩/١٢٠٨٦) عن قتيبة، عن حماد بن زيد، عن ثابت.
كلاهما - ثابت، وبكر بن عبد الله - عن عبد الله بن رباح، فذكره.
* وجاء مختصرا على: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر له فعطشوا، فانطلق سرعان الناس، فلزمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الليلة. فقال: حفظك الله بما حفظت به نبيه» .
أخرجه أبو داود (٥٢٢٨) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل. قال: حدثنا حماد، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح الأنصاري، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>