للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٠٦ - (خ م ت) سعيد بن جبير -رحمه الله -: قال: قلتُ لابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما: إنَّ نَوْفاً البِكاليُّ (١) يزْعُمُ أنَّ مُوسى - صاحبَ بني إسرائيل - ليس هو صاحبَ الخَضِرِ (٢) . ⦗٢٢١⦘

فقال: كذبَ عَدُوُّ الله (٣) ، سَمِعتُ أُبَيَّ بن كَعْبٍ يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قام موسى -عليه السلام -خَطيباً في بني إسرائيل» ، فسُئل: أَي الناس أعلمُ؟ فقال: أنا أعلم، قال: فعتَبَ الله عليه إذْ لم يَرُدَّ العلمَ إليه، فأَوحْى الله إليه: إنَّ عبداً من عبادي بمجْمَع البحرين، هو أعلم منك (٤) ، قال موسى، أيْ ربِّ، كَيْفَ لي به؟ فَقِيلَ له: احْمِلْ حُوتاً في مِكْتَلٍ، فحيثُ تَفْقِدُ الحُوتَ، فهو ثَمَّ، فانطلق وانطلق معه فتاهُ (٥) ، وهو يُوشَعُ بنُ نونٍ، فحملَ مُوسَى حوتاً في مِكتَلٍ، فانطلق هو وفتاه يَمشِيانِ، حتى أَتيا الصخرةَ، فَرقَدَ موسى وفتاه، فاضطرب الحوتُ في المكتل، حتى خرجَ من المكتلِ، فسقط في البحر، ⦗٢٢٢⦘ قال: وأَمْسك الله عنه جِرْيَةَ الماء حتى كان مِثلَ الطَّاق (٦) فكان للحوت سَرباً وكان لموسى وفتاهُ عَجباً، فانطلقا بقيةَ ليلتهما ويومَهما (٧) ، ونسي صاحبُ موسى أنْ يُخبِرَهُ، فلما أَصبح موسى عليه السلام قال لفتاه: {آتنا غَداءنا لقد لَقِينا من سفرنا هذا نَصباً} [الكهف: ٦٢] قال: ولم ينَصبْ حتى جاوزَ المكانَ الذي أُمِرَ به {قال أرأيتَ إذْ أوَيْنا إلى الصخرةِ فإني نسيتُ الحوتَ ومَا أنْسانِيهُ إلا الشيطانُ أَن أذكره واتَّخذَ سبيلَه في البحر عَجباً} قال موسى: {ذلك ما كُنَّا نَبْغ (٨) فارتَدَّا على آثارهما قَصَصاً} [الكهف: ٦٣، ٦٤] قال: يَقُصَّان آثارَهُما، حتى أتَيا الصخرةَ، فرأى رجلاً مُسجّى عليه بثوب، فسلَّم عليه موسى، فقال له الخضر: أنَّى بأرضك السلام (٩) ؟ قال: أنا موسى، قال: ⦗٢٢٣⦘ موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: إنَّك على علمٍ من علم الله علَّمَكَهُ اللهُ لا أعْلَمُهُ، وأَنا على علم من علم الله عَلمنِيهِ لا تَعْلَمُهُ، قال له موسى: {هل أتَّبِعُكَ على أن تُعلِّمني (١٠) مما عُلِّمتَ رُشْداً. قال إنك لن تَسْتطيع معي صَبْراً. وكيف تَصْبِرُ على ما لم تُحِطْ به خُبْراً. قال سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللَّهُ صابراً ولا أعصي لك أمراً} قال له الخضر: {فإن اتَّبَعْتَني فلا تَسألني عن شيء حتى أُحْدِثَ لك منه ذكراً} [الكهف: ٦٦ - ٧٠] قال: نعم، فانطلق موسى والخَضر يَمشِيانِ على ساحل البحر، فمرَّت بهما سفينةٌ، فكَلَّموهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُما، فَعَرَفُوا الخَضِرَ، فحملوهما بغير نَوْلٍ، فَعَمَدَ الخضرُ إلى لوْحٍ من ألواح السفينة، فنزعه، فقال له موسى: قومٌ حملونا بغير نولٍ، عمدت إلى سفينتهم، فخرقتها {لتُغْرِق أَهلها لقد جئت شيئاً إمْراً (١١) . قال ألم أقل إنَّك لن تستطيع معي صبراً. قال لا تُؤَاخِذني بما نَسيتُ ولا تُرْهِقْني من أمري عُسْراً} [الكهف: ٧١، ٧٣] ، ⦗٢٢٤⦘ ثمَّ خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل، إذا غُلامٌ يلعبُ مع الغلمان، فأخذَ الخضرُ برأْسِهِ، فاقْتلَعَهُ بيده، فقتله، فقال موسى: {أقَتَلْتَ نَفْساً زاكيةً (١٢) بغير نفسٍ لقد جئتَ شيئاً نُكْراً. قال ألم أقُلْ لك إنك لن تستطيع معي صبراً} [الكهف: ٧٤، ٧٥] قال: وهذه أشَدُّ من الأولى {قال إِن سألتُكَ عن شيءٍ بعدها فلا تُصاحبنِي قد بَلَغْتَ من لَّدُنِّي عُذْراً. فانطلقا حتى إذا أَتَيا أهلَ قَريةٍ اسْتَطْعَمَا أهْلها فأبَوْا أَن يُضَيِّفُوهما فَوَجَدا فيها جِداراً يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ} يقول: مائل، قال الخضر بيده هكذا {فأقامَه قال} له موسى: قومٌ أتَيناهُمْ، فلم يضيفونا، ولم يُطْعمونا {لو شِئتَ لاتَّخذتَ عليه أجراً. قال هذا فِراقُ بيني وبينِك سأُنَبِّئُك بتأويلِ ما لم تَسْتَطِعْ عليه صَبراً} [الكهف: ٧٦ - ٧٨] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحُم الله موسى لوَدِدْتُ أنه كانَ صَبَرَ، حتى كان يقصُّ علينا من أخبارهما» قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كانت الأولى من موسى نسياناً» قال: وجاءَ عُصْفُورٌ حتى وقع على حرفِ السَّفِينةِ، ثُمَّ نَقَرَ في البحر، فقال له الخضرُ: ما نَقَصَ علمي وعلمُك من علم الله، إلا مثلَ ما نَقَصَ هذا العُصفُور من البحر.

زاد في رواية: «وعِلْمُ الخلائِقِِ» ثم ذكر نحوه.

قال سعيد بن جبير: وكان يقرأ «وكان أمامَهُم (١٣) ملك يأخذ كل سفينةٍ غَصْباً» وكان يقرأ «وأما الغلام فكان كافراً» . ⦗٢٢٥⦘

وفي رواية قال: «بينما موسى- عليه السلام - في قومه يُذَكِّرُهم بأيَّام الله، وأيَّامُ الله: نَعماؤه وبلاؤه، إذْ قالَ: ما أعلمُ في الأرض رجلاً خَيْراً أو أعلمَ مِنِّي» قال: ... وذكر الحديث.

وفيه «حُوتاً مالِحاً» .

وفيه: «مُسَجّى ثَوْباً، مستلقياً على القفا، أو على حُلَاوَةِ الْقَفَا» .

وفيه: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «رحمةُ الله علينا وعلى مُوسَى، لَوْلَا أَنَّهُ عَجَّلَ لَرأى العجبَ، ولكنَّه أخذَتْهُ من صاحِبِه ذَمامَةٌ، قال: {إِن سألتُكَ عن شيءٍ بعدها فلا تُصاحبنِي قد بَلَغْتَ من لَدُنِّي عُذْراً} ولو صبَر لرأى العجبَ، قال: وكان إذا ذَكرَ أَحدا من الأنبياءِ بَدأَ بنفسه، ثم قال: {فانطلقا حتى إذا أتيا أهلَ قريةٍ} لئِامٍ، فطافا في المجلس، فاسْتَطعَما أهلها {فأَبَوْا أَن يُضيِّفُوهما} إلى قوله: {هذا فِرَاقُ بيني وبينِك} قال: وأخذ بثوبه، ثم تلا إلى قوله: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} إلى آخر الآية [الكهف: ٧٩] ، فإذا جاء الذي يُسَخِّرُها وجدها مُنْخرِقَةً، فتجاوزها، فأصلحوها بخشبَةٍ وأما الغلام فطُبِعَ يومَ طُبعَ كافراً، وكان أبواه قد عَطفا عليه، فلو أنه أدرك {أرْهَقهما طُغياناً وكفراً فأردنا أن يُبدِلهما ربُّهما خَيراً منه زكاةً وأقربَ رُحْماً} » .

وفي رواية قال: «وفي أصل الصَّخْرةِ عَينٌ يقال لها: الحياةُ لا يُصيِبُ من مائها شيءٌ إلا حَيِيَ، فأصابَ الحوتَ من ماءِ تلك العين فتحرَّكَ، وانْسلَّ ⦗٢٢٦⦘ من المِكْتل» . وذكر نحوه.

وفي رواية: «أنه قيل له: خُذْ حوتاً، حتى تُنْفَخَ فيه الروحُ، فأخذ حوتاً، فجعله في مكتل، فقال لفتاهُ: لا أُكَلِّفُكَ إلا أن تُخْبِرَني بحيثُ يُفارِقُكَ الحوتُ، فقال: ما كَلَّفْتَ كبيراً» ... وذكر الحديث.

وفيه «فوَجدا خَضِراً على طُنْفُسَةٍ (١٤) خضراءَ على كَبِدِ الْبَحْرِ، وأن الْخَضِرَ قال لموسى: أما يَكْفيكَ أنَّ الْتَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وأَنَّ الْوَحْيَ يأتيك، يا موسى، إنَّ ليَ عِلْماً لا ينبغي لك أن تعلَمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعْلَمه (١٥) » .

وفيه في صفة قتل الغلام «فأضجعَهُ فذبحه بالسِّكين» .

وفيه «كان أبواه مؤمنين، وكان كافراً {فَخشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً} يحملهما حُبُّهُ على أن يُتَابِعَاهُ على دينه {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً - لقوله: {قتلت نفساً زكية} - وَأقْرَبَ رُحْماً} أَرحمُ بهما من الأول الذي قَتلَ الخضرُ» .

وفي رواية «أَنهما أُبْدِلا جَارِية» . ⦗٢٢٧⦘

وفي رواية عُبَيْد الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود أنَّ ابن عباسٍ تَمارَى هو والحُرُّ (١٦) بنُ قيس بن حِصْنٍ الفزَاريُّ في صاحبِ موسى عليه السلام، فقال ابن عباس: هو الْخَضِرُ، فمرَّ بهما أُبَيُّ بن كعبٍ، فَدعاهُ ابنُ عباسٍ فقال: يا أبا الطُّفيل، هَلُمَّ إلينا فإنِّي قد تماريتُ أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيلَ إلى لُقِيِّهِ، فهل سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يذكُرُ شأْنَهُ؟ فقال أُبيٌّ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بَيْنا موسى في ملأٍ من بني إسرائيل، إذ جاءهُ رَجُلٌ، فقال له: هل تَعْلم أحداً أعلمَ منك؟ قال موسى: لا، فأوْحى الله تعالى إلى موسى: بلى، عبدُنا الخضر (١٧) ، فسأَل موسى السبيلَ إلى لُقِيِّهِ، فجعل الله له الحوتَ آية ... وذكر الحديث إلى قوله: {فَارْتَدَّا عَلَى آثارِهِما قَصَصاً} فوجدا خضراً، فكان مِن شأنِهما ما قصَّ اللهُ في كِتابِهِ» . هذه رواياتُ البخاري، ومسلم.

ولمسلم رواية أخرى بطولها، وفيها فانطلقا، حتى إذا لَقيا غِلْماناً يَلْعَبون، قال: فانطلقَ إلى أحدهم بَادِيَ الرأْي، فقتَله، قال: فَذُعِرَ عندها ⦗٢٢٨⦘ موسى ذُعْرَة مُنْكَرَة، قال: {أقَتَلْتَ نَفْساً زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند هذا المكان: «رحمةُ الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عَجَّلَ لرأى العجبَ، ولكنه أَخَذَتْهُ منْ صَاحِبهِ ذَمَامَةٌ» .

وعند البخاري فيه ألفاظ غير مسندة، منها: «يزعمون أن الملك كان اسمه: هُدَدُ بنُ بُدَدَ، وأنَّ الغلام المقتول: كان اسمه فيما يزعمون: حَيْسُور» (١٨) .

وفي رواية في قوله قال: {ألَمْ أَقُلْ إنَّكَ لَنْ تَستَطِيعَ مَعيَ صَبْراً} قال: «كانت الأولى نسياناً، والوسطى: شَرْطاً، والثالثةُ عمْداً» (١٩) .

وأخرجه الترمذي مثل الرواية الأولى بطولها.

(وفيها (٢٠) قال سفيان: «يَزْعُمُ ناسٌ أنَّ تِلكَ الصخرةَ عندها عَيْنُ الحياةِ، لا يُصيبُ ماؤها مَيتاً إلا عاش. قَالَ: وكان الحوتُ قد أُكِلَ منه، فلما قُطِرَ عليه الماء عاشَ» ... وذكر الحديث إلى آخره) .

وفي رواية لمسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ {لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أجْراً} .

وعنده قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الغلامُ الذي قتله الخضرُ طُبِع كافراً، ولو عاش لأَرْهَق أبويه طُغياناً وكفراً» .

وفي رواية الترمذي أيضاً: قال «الغُلام الذي قتله الخضرُ: طُبعَ يَومَ طُبع كافراً ... لم يَزِدْ» . ⦗٢٢٩⦘

وأخرج أبو داود من الحديث طَرَفَيْنِ مختصرَيْنِ عن أبُيِّ بن كعبٍ:

الأول، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الغلام الذي قتله الخضر: طُبِع يوم طبع كافراً ولو عاش لأَرْهَق أبويه طُغياناً وكفراً» .

والثاني: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «أبْصرَ الخَضِر غُلاماً يلعبُ مع الصبيان، فَتَناول رأسَه فقَلَعه، فقال موسى: {أقتلت نفساً زَكِيَّةً ... } الآية» .

وحيث اقتصر أبو داود على هذين الطرفين من الحديث بطوله لم أُعْلِمْ عَلامَتهُ (٢١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(مِكْتَل) المكتل: شبه الزنبيل، يسع خمسة عشر صاعاً.

(سَرَباً) السرب: المسلك.

(نصباً) النصب، التعب.

(أوينا) أي: يأوي إلى المنزل: إذا انضم إليه ورجع. ⦗٢٣٠⦘

(فارتدا) افتعلا من الارتداد: وهو الرجوع.

(قَصَصاً) القصص: تتبع الأثر شيئاً بعد شيء، والمعنى: رجعا من حيث جاءا، يقصان الأثر.

(مسجى) المسجى: المغطى.

(رَشَداً) الرَّشَد والرُّشْد: الهدى.

(نول) النَّوْل: العطية والجعل. تقول: نِلْت الرجل أنوله نولاً: إذا أعطيته، ونلت الشيء أناله نيلاً: وصلت إليه.

(إمْراً) الإمر: الأمر العظيم المنكر.

(حُلاوة القَفا) قال الجوهري: حُلاوة القفا بالضم: وسطه، وكذلك حلاوى القفا: فإن مددت، فقلت: حَلاواء القفا: فتحت.

(ذَمامَة) الذمامة بالذال المعجمة: الحياء والإشفاق من الذم، وبالدال غير المعجمة: قبح الوجه، والمراد الأول.

(أرهقهما طغياناً) يقال: رَهِقَه - بالكسر، يَرْهَقه رهقاً، أي: غشيه وأرهقه طغياناً وكفراً، أي أغشاه أياه، ويقال: أرهقني فلان إثماً حتى رهَقْتُه، أي: حملني إثماً حتى حملته له، والطغيان: الزيادة في المعاصي.

(طنَْفسه) الطنفسة: واحدة الطنافس: وهي البُسُط التي لها خَمَل رقيق.

(كبد البحر) كبد كل شيء: وسطه. وكأنه أراد به ها هنا: جانبه.

(تمارى) المماراة: المجادلة والمخاصمة.


(١) جاء في " الفتح " ٨ / ٣١١ نوف: بفتح النون وسكون الواو بعدها فاء، والبكالي بكسر الموحدة مخففاً، وبعد الألف لام، ووقع عند بعض رواة مسلم: بفتح أوله وتشديد الكاف والأول هو الصواب، واسم أبيه: فضالة - بفتح الفاء، وتخفيف المعجمة - وهو منسوب إلى بني بكال ابن دعمي بن سعد بن عوف. بطن من حمير، ويقال: إنه ابن امرأة كعب الأحبار، وقيل: ابن أخيه، وهو تابعي صدوق. وفي التابعين: جبر - بفتح الجيم وسكون الموحدة - ابن نوف البكيلي - بفتح الموحدة وكسر الكاف مخففاً بعدها تحتانية بعدها لام - منسوب إلى بكيل بطن من همدان، ويكنى: أبا الوداك، بتشديد الدال، وهو مشهور بكنيته، ومن زعم أنه ولد نوف البكالي، فقد وهم.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة ": ثبت في " الصحيحين ": أن سبب تسميته الخضر " أنه جلس على ⦗٢٢١⦘ فروة بيضاء، فإذا هي تهتز تحته خضراء " هذا لفظ الإمام أحمد من رواية ابن المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة. و " الفروة " الأرض اليابسة.
(٣) قال العلماء: هو على وجه الإغلاظ والزجر عن مثل قوله، لا أنه يعتقد أنه عدو الله حقيقة. إنما قاله مبالغة في إنكار قوله لمخالفته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك في حال غضب ابن عباس لشدة إنكاره، وفي حال الغضب تطلق الألفاظ، ولا يراد بها حقائقها.
(٤) قال في " الفتح " ١ / ١٩٤ قوله " هو أعلم منك " ظاهر في أن الخضر نبي، بل مرسل، إذ لو لم يكن كذلك للزم تفضيل العالي على الأعلى، وهو باطل من القول ومن أوضح ما يستدل به على نبوة الخضر قوله: {وما فعلته عن أمري} وينبغي اعتقاد كونه نبياً، لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم: أن الولي أفضل من النبي، حاشا وكلا.
(٥) قال النووي: " فتاه " صاحبه. و " نون " معروف، كنوح. وهذا الحديث يرد قول من قال من المفسرين: إن فتاه: عبد له، وغير ذلك من الأقوال الباطلة. قالوا: هو يوشع بن نون بن إفراييم بن يوسف.
(٦) قال النووي: قوله: " وأمسك الله عنه جرية الماء، حتى كان مثل الطاق " الجرية: بكسر الجيم، والطاق: عقد البناء، وجمعه: طوق وأطواق، وهو الأزج، وما عقد أعلاه من البناء، وبقي ما تحته خالياً.
(٧) قال الحافظ في " الفتح " ١ / ١٩٥، قوله " فانطلقا بقية ليلتهما " بالجر على الإضافة و " يومهما " بالنصب على إرادة سير جميعه، ونبه بعض الحذاق على أنه مقلوب، وأن الصواب: بقية يومهما وليلتهما، لقوله بعده " فلما أصبح "؛ لأنه لا يصبح إلا عن ليل. انتهى. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: " فلما أصبح " أي من الليلة التي تلي اليوم الذي سارا جميعه. والله أعلم.
(٨) قال الحافظ في " الفتح " ١ / ١٥٤ قوله: " ذلك ما كنا نبغي " أي: نطلب؛ لأن فقد الحوت جعل آية، أي: علامة على الموضع الذي فيه الخضر. وفي الحديث جواز التجادل في العلم إذا كان بغير تعنت، والرجوع إلى أهل العلم عند التنازع، والعمل بخبر الواحد الصدوق، وركوب البحر في طلب العلم، بل في طلب الاستكثار منه، ومشروعية حمل الزاد في السفر، ولزوم التواضع في كل حال، ولهذا حرص موسى على الالتقاء بالخضر وطلب العلم منه، تعليماً لقومه أن يتأدبوا بأدبه. وتنبيهاً لمن زكى نفسه أن يسلك مسلك التواضع.
(٩) قال الحافظ في " الفتح " ١ / ١٩٥ قوله: " أنى " أي: كيف بأرضك السلام. ويؤيده ما في التفسير ⦗٢٢٣⦘ " هل بأرضي من سلام؟ " أو من أين، كما في قوله تعالى: {أنى لك هذا} ، والمعنى: من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف فيها، وكأنها كانت بلاد كفر، أو كانت تحيتهم بغير السلام، وفيه دليل على أن الأنبياء ومن دونهم، لا يعلمون من الغيب إلا ما علمهم الله، إذ لو كان الخضر يعلم كل غيب لعرف موسى قبل أن يسأله.
(١٠) قراءة ابن كثير بإثبات الياء، وعاصم بحذفها.
(١١) قال النووي: في الحديث: الحكم بالظاهر حتى يتبين خلافه لإنكار موسى عليه السلام عليه. قال القاضي: اختلف العلماء في قول موسى: {لقد جئت شيئاً إمراً} و {شيئاً نكراً} أيهما أشد؟ فقيل " إمراً " لأنه العظيم، ولأنه في مقابلة خرق السفينة الذي يترتب عليه في العادة هلاك الذين فيها وأموالهم، وهلاكهم أعظم من قتل الغلام، فإنها نفس واحدة. وقيل: " نكراً " أشد. لأنه قاله عند مباشرة القتل حقيقة. وأما القتل في خرق السفينة فمظنون، وقد يسلمون في العادة، وقد سلموا في هذه القضية فعلاً، وليس فيها ما هو محقق إلا مجرد الخرق. والله أعلم.
(١٢) قرأه الكوفيون وابن عامر " زكية " بغير ألف، والباقون بألف، وهما بمعنى واحد.
(١٣) هذه القراءة كالتفسير، لا أنها تكتب في المصحف، قاله الزركشي.
(١٤) " الطنفسة " فراش صغير، وهي بكسر الطاء والفاء بينهما نون ساكنة، وبضم الطاء والفاء، وبكسر الطاء وبفتح الفاء - لغات.
(١٥) قال الحافظ في " الفتح " ٨ / ٣١٦: قوله: (يا موسى، إن لي علماً لا ينبغي لك أن تعلمه) أي: جميعه (وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه) أي: جميعه، وتقدير ذلك متعين، لأن الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى بالمكلف عنه، وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي. ووقع في رواية سفيان " يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت " وهو بمعنى الذي قبله.
(١٦) قال الحافظ في " الفتح " قوله " تمارى هو والحر " سقط " هو " من رواية ابن عساكر، فعطف على المرفوع المتصل بغير توكيد ولا فصل، وهو جائز عند البعض.
(١٧) قال الحافظ: قوله: (بلى، عبدنا) أي: هو أعلم منك، وللكشميهني " بل " بإسكان اللام، والتقدير: فأوحى الله إليه: لا تطلق النفي بل قل: خضر، وإنما قال عبدنا وإن كان السياق يقتضي أن يقول: عبد الله، لكونه أورده على طريق الحكاية عن الله تعالى، والإضافة فيه للتعظيم.
(١٨) البخاري ٨ / ٣١٩.
(١٩) البخاري ٨ / ٣١٨.
(٢٠) يعني رواية الترمذي، ولا تصح لانقطاع سندها، وكون الذين يزعمون ذلك مجهولين.
(٢١) البخاري ٨ / ٣١٠ - ٣٢٢ في تفسير سورة الكهف، باب {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين} ، وباب {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما} ، وباب {فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا} ، وفي العلم، باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر، وباب الخروج في طلب العلم، وباب ما يستحب للعالم إذا سئل، وفي الإجارة، باب إذا استأجر أجيراً على أن يقيم حائطاً، وفي الشروط، باب الشروط مع الناس بالقول، وفي بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، وفي الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، وفي التوحيد، باب في المشيئة والإرادة، ومسلم رقم (٢٣٨٠) في الفضائل، باب فضائل الخضر عليه السلام، والترمذي رقم (٣١٤٨) في التفسير، باب ومن سورة الكهف، وأبو داود رقم (٤٧٠٥) و (٤٧٠٦) و (٤٧٠٧) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١-أخرجه أحمد (٥/١١٨) قال: حدثنا بهز بن أسد. و «البخاري» (١/٤١) قال: حدثنا عبد الله بن محمد. وفي (٤/٥٠، ٦/ ١١٠، ٨/١٧٠) قال: حدثنا الحميدي. وفي (٤/١٨٨) قال: حدثنا علي بن عبد الله..و «مسلم» (٧/١٠٣) قال: حدثنا عمرو الناقد، وإسحاق بن إبراهيم. وعبيد الله بن سعد، ومحمد بن أبي عمر. «وأبو داود» ٤٧٠٧» قال: حدثنا محمد بن مهران الرازي. و «الترمذي» (٣١٤٩) قال: حدثنا ابن أبي عمر، و «عبد الله بن أحمد» (٥/١١٧) قال: حدثني عمرو الناقد. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (٣٩) عن قتيبة. عشرتهم - بهز، وعبد الله بن محمد، والحميدي، وعلي، وعمرو، وإسحاق، وعبيد الله، وابن أبي عمر، ومحمد بن مهران، وقتيبة - عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عمرو بن دينار.
وأخرجه أحمد (٥/١١٩) قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم المروزي. و «البخاري» (٣/، ١١٧، ٢٥١ ٦/١١٢) قال: حدثنا إبراهيم بن موسى. كلاهما - عبد الله، وإبراهيم - عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج، قال: أخبرني يعلي بن مسلم، وعمرو بن دينار.
وأخرجه عبد بن حميد (١٦٩) قال: حدثنا عبيد الله بن موسى. عن إسرائيل بن يونس. و «مسلم» (٧/١٠٥) قال: حدثني محمد بن عبد الأعلى القيسي، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن رقبة. وفي (٧/١٠٧) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا محمد بن يوسف (ح) وحدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى.
كلاهما عن إسرائيل. و «عبد الله بن أحمد» (٥/١١٨) قال: حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، وفي (٥. /١٢١) قال: حدثني محمد بن يعقوب أبو الهيثم، قال حدثنامعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، قال: حدثنا رقبة. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (٣٩) عن محمد بن عبد الأعلى، عن معتمر، عن أبيه، عن رقبة (ح) وعن أحمد ابن سليمان الرهاوي، عن عبد الله بن موسى، عن إسرائيل.
كلاهما -إسرائيل، ورقبة - عن أبي إسحاق السبيعي.
ثلاثتهم - عمرو بن دينار، ويعلي بن مسلم، وأبو إسحاق - عن سعيد بن جبير.
٢- وأخرجه أحمد (٥/١١٦) قال: حدثنا الوليد بن مسلم، ومحمد بن مصعب القرقساني. قال الوليد: حدثني الأوزاعي. قال أحمد: حدثنا الأوزاعي. و «البخاري» (١/٢٨) قال حدثني محمد بن غرير الزهري قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح. وفي (١/٢٩) قال حدثنا أبو القاسم خالد بن خلي قال حدثنا محمد بن حبر قال: قال الأوزاعي وفي (٤/١٨٧) قال: حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح وفي (٩/١٧١) قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو حفص عمرو قال: حدثنا الأوزاعي، و «مسلم» (٧/١٠٧) قال حدثني حرملة بن يحيى قال أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس. و «عبد الله بن أحمد» (٥/١٢٢) قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال: حدثنا عبد الله بن ميمون القداح، قال حدثنا جعفر بن محمد الصادق، و «النسائي» في الكبرى «تحفة الأشراف» (٣٩) عن عمران بن يزيد عن إسماعيل بن عبد الله بن سماعة عن الأوزاعي أربعتهم - الأوزاعي وصالح، ويونس بن يزيد، وجعفر -عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
كلاهما - سعيد بن جبير، وعبيد الله -عن ابن عباس فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>