للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٧١ - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل يغتسِلونَ عُراة ينظُر بعضُهُمْ إلى سوْأَةِ بعضٍ، وكان موسى - عليه السلام- يغتسلُ وحدهُ، فقالوا: واللهِ ما يمْنَعُ موسى أَنْ يغتسلَ معنا إلا أنهُ آدَرُ، قال: فذهبَ مرَّة يغتسلُ، فوضع ثوبهُ على حجرٍ، ففرَّ الحجَرُ بثوْبِه، قال: فجمحَ موسى -عليه السلام - بإثْره، يقول: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى نظرتْ بنو إسرائيل إلى سوأَةِ موسى. فقالوا: والله ما بموسى من بأْسٍ. فقام الحجرُ حتى نُظِرَ إليه، قال: فأَخذَ ثوبَهُ، فطفِقَ بالحجر ضرباً (١) ، قال أَبو هريرة: والله إنَّ بالْحَجَر نَدَباً - ستَّة أو سبعة - من ضربِ موسى بالحجرِ» . ⦗٣٢٤⦘ هذه رواية البخاري، ومسلم.

وللبخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ موسى كانَ رجلاً حَييّاً سِتِّيراً، لا يُرى شيءٌ من جلده، استحياء منه، فآذاه مَنْ آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يَسْتَتِرُ هذا السِّتر إلا من عَيبٍ بجِلده: إِمَّا بَرَصٍ، وإِمَّا أُدْرَةٍ، وإِمَّا آفةٍ، وإِنَّ الله أراد أن يُبَرِّئهُ مِمَّا قالوا لموسى، فخَلا يوماً وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغْتَسَلَ، فلمَّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخُذَها، وإنَّ الحجَرَ عدَا بثوبه، فأخذ موسى عصاهُ، وطلب الحجر، وجعل يقول: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى انتهى إلى مَلإِ بني إسرائيل، فرأوه عُرْياناً أحسنَ ما خلق اللهُ، وأبْرَأَهُ مما يقولون، وقام الحجرُ؛ فأَخذه بثوبه فلبِسَه، وطَفِقَ بالحجرِ ضرباً بعصاهُ، فو اللهِ إنَّ بالحجر لنَدَباً من أَثَرِ ضرْبِه - ثلاثاً أو أَرْبعاً أو خمساً - فذلك قوله تعالى: {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى فَبرَّأَهُ اللَّهُ مما قالوا وكان عند اللَّه وَجِيهاً} (٢) » .

ولمسلم قال: وكان موسى رجلاً حَيِيّاً، قال: فكان لا يُرَى ⦗٣٢٥⦘ متجرِّداً، قال: فقالت بنو إسرائيل: إنهُّ آدَرُ، قال: فاغتْسَلَ عند مُوَيْهٍ، فوضع ثوبهُ على حجرٍ، فانطلقَ الحجرُ يَسْعى، واتَّبعَهُ بعصاه يضْرِبه: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى وقفَ على ملأٍ من بني إسرائيل، فنزلت: {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى فَبرَّأَهُ اللَّهُ مما قالوا وكان عند اللَّه وَجِيهاً} ، وأخرجه الترمذي مثْلَ روايةِ البخاري المفردة (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(سوأة) السوأة: كل ما يستحي الإنسان منه إذا انكشف.

(آدر) الأدرة: نفخة في الخصية، والرجل آدر.

(فجمح) جمح: إذا أسرع.

(ندباً) الندب: أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد، فشبه به أثر الضرب في الحجر.

(ملأ) الملأ: أشراف الناس إذا كانوا مجتمعين.


(١) أي: جعل يضرب، يقال: طفق يفعل كذا، وطفق - بكسر الفاء وفتحها - وجعل وأخذ وأقبل بمعنى واحد.
(٢) قال الحافظ: وقد روى أحمد بن منيع في مسنده، والطبري وابن أبي حاتم بإسناد قوي عن ابن عباس عن علي قال: " صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون، فقال بنو إسرائيل لموسى: أنت قتلته، كان ألين لنا منك، وأشد حياء، فآذوه بذلك، فأمر الله الملائكة فحملته، فمروا به على بني إسرائيل، فعلموا بموته "، قال الطبري: يحتمل أن يكون هذا هو المراد بالأذى في قوله: {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} ، قال الحافظ: وما في الصحيح أصح من هذا، لكن لا مانع أن يكون للشيء سببان فأكثر، كما تقدم تقريره غير مرة.
(٣) البخاري ١ / ٣٣٠ في الغسل، باب من اغتسل عرياناً وحده، وفي الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، وفي تفسير سورة الأحزاب، باب قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} ، ومسلم رقم (٣٣٩) في الحيض، باب جواز الاغتسال عرياناً في الخلوة، ورقم (٣٣٩) في الفضائل، باب فضائل موسى عليه السلام، والترمذي رقم (٣٢١٩) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٢/٣١٥) . و «البخاري» (٧٨١) قال: ثنا إسحاق بن نصر. و «مسلم» (١/١٨٣) ، (٧/٩٩) قال: ثنا محمد بن رافع.
ثلاثتهم - أحمد بن حنبل، وإسحاق، ومحمد بن رافع - عن عبد الرزاق بن همام، قال: ثنا معمر، عن همام بن منبه، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها أحمد (٢/٤٩٢، ٥١٤، ٥٣٥) ، والبخاري (٤/١٩٠) ، (٦/١٥١) «الترمذي» (٣٢٢١) ، والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (٩/١٢٣٠٢) عن خلاس، عن عمار بن أبي عمار، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>