للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإيصاله إلى الخلق، وليس ذلك كالتشهد والتكبير وما تُعبِّدَ لله فيه باللفظ (١) .

فإن قيل: فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نَضَّر (٢) الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها، فأدَّاها كما سمعها، فرُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع ورُبَّ حاملِ فقهٍ وليس بفقيه، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقه منه» (٣) .

قلنا: هذا الحديث هو الحجة، لأنه ذكر العلة، وهي اختلاف الناس في الفقه، فما لا يختلف فيه الناس من الألفاظ المرادفة لا يمنع منه.

وهذا الحديث بعينه قد نقل بألفاظ مختلفة، والمعنى واحد، وإن أمكن أن يكون جميع الألفاظ قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أوقات مختلفة، لكن الأغلب أنه حديث واحد، نقل بألفاظ مختلفة، وذلك أدل دليل على الجواز.


(١) ذكر العلماء أن هذا الخلاف لا يجري في ثلاثة أنواع. النوع الأول: ما تعبد بلفظه كالتشهد والقنوت ونحوهما، صرح به الزركشي. والنوع الثاني: ما هو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم التي افتخر بإنعام الله عليه بها، ذكره السيوطي في " التدريب ". والنوع الثالث: ما يستدل بلفظه على حكم لغوي إلا أن يكون الذي أبدل اللفظ بلفظ آخر عربياً يستدل بكلامه على أحكام العربية، ذكره جمهور النحاة. وهذا الخلاف أيضاً لا يجري في الكتب المصنفة، فإنه لا يجوز فيها أبدال لفظ بلفظ آخر وإن كان مرادفاً له، لأن الرواية بالمعنى إنما رخص فيها من رخص حين كان الحرج شديداً على الرواة في ضبط الألفاظ، وهذا غير موجود في ما اشتملت عليه الكتب.
(٢) جاء في " النهاية " نَضَره ونَضَّره وأنضره، أي أنعمه، ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل حسن الوجه والبريق، وإنما أراد حسن خلقه وقدره.
(٣) أخرجه الترمذي رقم ٢٦٥٩، وابن ماجة ١/٨٤ من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح، وفي الباب عن زيد بن ثابت، عند الترمذي وابن ماجة، وصححه ابن حبان، وعن جبير بن مطعم عند أحمد وابن ماجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>