للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو علي التنوخي: أخبرني أبو العباس المتطبب أحد مسلمي الطب الذين شاهدتهم: إن حي نور بن الحلاج بتستر، وإنه يلتقط دراهم من الهواء ويجمعها ويسميها دراهم القدرة، فأحضروا منها إلى مجمع كان لهم، فوضعوها واتخذوا أولئك يشهدون له أنه التقطها من الجو، يغرون بها قومًا غرباء، يستدعونهم بذلك، ويرون أن قدر حي نور أجل من أن يمتحن كل وقت، فلما وضعت الدراهم في منديل قلبتها فإذا فيها درهم زائف، فقلت: أهذه دراهم القدرة كلها؟ قالوا: نعم، فأريتهم الدرهم الزيف، فتفرقت الجماعة وقمنا، وكان حي نور قد استغوى قائدًا ديلميًا على تستر، ثم زاد عليه في المخرقة الباردة، فانهتك له، فقتله، فمن بارد مخاريقه: أنه أحضر جرابًا وقال له: إذا حزبك أمر أخرجت لك من هذا الجراب ألف تركي بسلاحهم ونفقتهم، فسقط من عينه واطرحه، فجاء إليه بعد مدة وقال: أنا أرد يد الملك أحمد بن بويه المقطوعة صحيحة، فأدخلني إليه، فصاح عليه وقال: أريد أن أقطع يدك؛ فإن رددتها حملتك إليه، فاضطرب من ذلك، فرماه بشيء كانت فيه منيته، فبعثه سرًا فغرقه.

قال علي بن محمود الزوزني: سمعت محمد بن محمد بن ثوابة يقول: حكى لي زيد القصري، قال: كنت بالقدس، إذ دخل الحلاج، وكان يومئذ يشعل فيه قنديل بدهن البلسان، فقام الفقراء إليه يطلبون منه شيئًا، فدخل بهم إلى القمامة، فجلس بين الشمامسة، وكان عليه السواد، فظنوه منهم، فقال لهم: متى يشعل القنديل؟ قالوا: إلى أربع ساعات فقال: كثير. فأومأ بأصبعه، فقال: الله. فخرجت نار من يده، فأشعلت القنديل، واشتعلت ألف قنديل حواليه، ثم ردت النار إلى أصبعه، فقالوا: من أنت؟ قال: أنا حنيفي، أقل الحنيفيين، تحبون أن أقيم أو أخرج؟ فقالوا: ما شئت، فقال: أعطوا هؤلاء شيئًا، فأخرجوا بدرة فيها عشرة آلاف درهم للفقراء.

فهذه الحكاية وأمثالها ما صح منها فحكمه أنه مخدوم من الجن.

قال التنوخي: وحدثني أحمد بن يوسف الأزرق قال: بلغني أن الحلاج كان لا يأكل شيئًا شهرًا، فهالني هذا، وكان بين أبي الفرج وبين روحان الصوفي مودة، وكان محدثًا صالحًا وكان القصري -غلام الحلاج- زوج أخته، فسألته عن ذلك، فقال: أما ما كان الحلاج يفعله فلا أعلم كيف كان يتم له، ولكن صهري القصري قد أخذ نفسه، ودرجها، حتى صار يصبر عن الأكل خمسة عشر يومًا، أقل أو أكثر، وكان يتم له ذلك بحيلة تخفى علي، فلما حبس في جملة الحلاجية، كشفها لي، وقال لي: إن الرصد إذا وقع بالإنسان، وطال فلم تنكشف معه حيلة، ضعف عنه الرصد، ثم لا يزال يضعف كلما لم تنكشف حيلته، حتى يبطل أصلًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>