للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠١٦ - (خ م) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: قال: كان الرَّجُلُ في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذَا رَأى رُؤْيا قَصَّها على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَمَنَّيْتُ أنْ أرَى رُؤْيا أقُصُّها على النبي صلى الله عليه وسلم، وكُنتُ غُلاماً شَاباً عَزَباً أنام في المسجد على عهد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فرأيتُ في المنام كأنَّ مَلَكَيْنِ أخَذَاني فَذَهَبا بِي إلى النَّارِ، فإذا هي مَطْوَّيةٌ كطيِّ البئرِ، وإذا لها قَرْنانِ كَقَرْنَيِ البئرِ، وإذا فيها أُناسٌ قد عَرَفْتُهُمْ، فجعلتُ أَقولُ: أعوذُ بالله من النار.

ولمسلم في أخرى: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، ثَلاث مَرَّاتٍ، فَلَقِيهُما مَلَكٌ آخرُ، فقال لي: لمْ تُرَعْ، فَقَصَصْتُها على حَفصة، فقصَّتْها حفصةُ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نِعمَ الرجلُ عبدُ الله (١) ، لو كانَ يُصلِّي من اللَّيل» قال سالم: فكان عبد الله لا ينامُ من اللَّيْل إلا قليلاً. هذه رواية البخاري، ومسلم.

وللبخاري أيضاً: أنَّ ابنَ عُمَرَ قال: رَأَيتُ في النَّومِ: كأنَّ في كَفِّي سَرَقَة مِنْ حريرٍ، لا أهْوي بها إلى مكانٍ في الجنةِ إلا طَارتْ بي إليه، فَقَصَصْتُها على حَفصة، فقصَّتْها حفصةُ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ أَخاكِ رجلٌ صالحٌ» ، أو قَالَ: «إنَّ عبدَ الله رجلٌ صالحٌ. ⦗٥٤٢⦘

وفي أخرى له قال: إِنَّ رِجَالاً من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كانُوا يَرْونَ الرؤيا على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَيقُصُّونَها على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَيقُولُ [فيها] رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [ما شاء الله] وأنا غلامٌ حديثُ السنِّ، بيتي المسجدُ قبلَ أنْ أَنْكِحَ، فقلتُ في نفسي: لو كان فيكَ خيرٌ، لَرَأيْتَ ما يَرَى هؤلاء، فلمَّا اضْطَجعتُ ليلة قلتُ: اللَّهُمَّ إنْ كُنتَ تَعلمُ فيَّ خَيراً، فَأرِني رؤْيا، فَبينا أنا كذلك إذْ جاءني مَلَكانِ، في يدِ كل واحدٍ منهما مِقْمَعَةُ حَدِيدٍ، فحملاني إلى جَهَنمَ، وأنا بينهما أدُعو الله: اللهم إنِّي أعُوذُ بِكَ من جَهَنَّم، ثم أُرَاني لَقِيني مَلَكٌ في يدِه مِقْمعةٌ من حديدٍ، فقال: لمْ تُرَعْ، نِعْمَ الرجلُ أنتَ، لَوْ تُكْثِرُ الصَّلاة، فَانْطلقُوا بِي، حتى وقَفُوا بي على شَفِير جَهنمَ، فإذا هي مَطْوِيّةٌ كطيِّ البئرِ، لها قُرُونٌ كقُرُونِ البئرِ (٢) ، بينَ كلِّ قَرْنَينِ مَلَكٌ بيدِهِ مقمعةٌ من حديدٍ، وأرى فيها رجالاً مُعلَّقِينَ بالسَّلاسِلِ، رُؤُوُسُهمْ أسْفَلُهُم، عَرَفْتُ فيها رجالاً من قُريْشٍ، فَانصَرفُوا بي [عن] ذات اليمين، فَقَصَصْتُها على حَفصة، فقصَّتْها حفصةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صالِحٌ» ، قال نافِعٌ: فلم يَزلْ بعدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ.

وفي رواية لمسلم: رأيتُ في المنامِ كأنَّ في يَدِي قِطْعَةَ إسْتَبْرَقٍ، وليس ⦗٥٤٣⦘ مَكانٌ من الجنَّةِ أُريدُ إلا طَارَتْ بي إليه، فَقَصَصْتُهُ على حَفصة، فقصَّتْهُ حفصةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أرَى عبدَ اللهِ رجُلاً صالِحاً» .

وفي أخرى قال: رأيتُ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كأنَّ بِيَدي قِطعَةَ إسْتبْرَقٍ، فكأنِّي لا أُريِدُ مكاناً من الجنَّةِ إلا طَارتْ بي إليه، ورأيتُ كأنَّ اثْنَيْنِ أتياني أرَادَا أنْ يَذْهَبَا بي إلى النَّارِ، فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ: لم تُرَعْ، خَلِّيا عنه، فََقصّتْ حَفْصَةُ إحْدَى رْؤيَتَيَّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللهِ، لو كان يُصَلِّي باللَّيْلِ» ، فكان عبدُ اللهِ يُصَلِّي من الليل، وكانوا لا يَزَالونَ يَقُصُّوَن على النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا: أنها في الليلة السابعة من الْعَشْرِ الأَواخِرِ - يعني ليلةَ القَدْرِ - فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَرَى رؤْياكُمْ قَدْ تَواطَأتْ في العشر الأواخر، فمن كان مُتَحَرِّياً، فَلْيَتَحَرَّها في العشْر الأواخِرِ» .

هكذا أخرج الحميدي هذا الحديث في مسند حَفْصَةَ، وجعله حديثاً واحداً كما سَرَدْناهُ، وكأنَّهُ حديثان؛ لأن المنامَيْن في مَعنيَين.

أحدهما: ذِكرُ المْلَكَينِ، والنار، والآخر: ذكر السَّرَقةِ الحرير والجنة. إلا أن يكون حيث اشتملت هذه الرواية الأخيرة على المعنيين جَعَلهُ حديثاً واحداً، فَنَعَمْ، ولذلك اقْتَدَيْنا به، فذكرناه حديثاً واحداً كما ذكر (٣) . ⦗٥٤٤⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(سرقة) السرقة [بفتحتين] : الحرير، وجمعها: سرق.

(لم ترع) : أي لم تفزع.

(أهوى) بيده إلى الشيء: مدها إليه ليأخذه.

(مقمعة) المقمعة: واحدة المقامع، وهي سياط تعمل من حديد رؤوسها معوجة.

(شفير جهنم) شفير الوادي: جانبه وحرفه.

(إستبرق) الإستبرق: ما غلظ من الديباج.

(تواطأت) المواطأة: الموافقة، كأن كلاً منهما وطىء ما وطئه الآخر.

(متحرياً) التحري: القصد وطلب الشيء بجد واجتهاد.


(١) هي هنا للتمني، لا للشرط، ولذلك لم يذكر الجواب. قال المهلب: إنما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الرؤيا في قيام الليل من أجل قول الملك " لم ترع " أي لم تعرض عليك النار، لأنك مستحقها، وإنما ذكرت بها، ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحواله، فلم ير شيئاً يغفل عنه من الفرائض فيدني من النار، وعلم مبيته في المسجد، فعبر ذلك بأنه تنبيه له على قيام الليل فيه.
(٢) القرون: جمع قرن، وهو ما يقام على فم البئر من حجارة توضع عليها خشبة معترضة لتعلق بها بكرة الدلو.
(٣) البخاري ١٢ / ٣٥٥ في التعبير، باب الاستبرق ودخول الجنة في المنام، وباب الأمن وذهاب الروع في المنام، وباب الأخذ على اليمين في النوم، وفي المساجد، باب نوم الرجال في المسجد، وفي التهجد، باب فضل قيام الليل، وباب من تعار من الليل فصلى، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب عبد الله بن عمر، ومسلم رقم (٢٤٧٨) و (٢٤٧٩) في فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن عمر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٢/١٤٦) (٦٣٣٠) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال ك أخبرنا معمر. و «البخاري» (٢/٦١، ٩/٥١) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا هشام بن يوسف، قال: أخبرنا معمر، وفي (٢/٦١) قال: حدثني محمود، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر. وفي (٥/٣٠) قال: حدثنا إسحاق بن نصر، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر. وفي (٥/٣١) . وفي (رفع اليدين) (٤١) قال: حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس. و «مسلم» (٧/١٥٨) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، وعبد بن حميد، قالا: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر. و «ابن ماجة» (٣٩١٩) قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني، عن معمر و «الترمذي» (٣٢١) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر.
كلاهما - معمر، ويونس -عن الزهري، عن سالم، فذكره.
* رواية يونس مختصرة على: «عن ابن عمر، عن أخته حفصة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: إن عبد الله رجل صالح.» .
* ورواية الترمذي مختصرة على: «عن ابن عمر قال: كنا ننام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ونحن شباب» .
* أخرجه أحمد (٢/٥) (٤٤٩٤) قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أيوب. وفي (٢/١٢) (٤٦٠٧) قال: حدثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا عبيد الله، وفي (٢/١٠٦) (٥٨٣٩) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا العمري، و «الدارمي» (١٤٠٧) قال: حدثنا موسى بن خالد، عن أبي إسحاق الفزاري، عن عبيد الله بن عمر. وفي (٢١٥٨) قال: أخبرنا أبو علي الحنفي، قال: حدثنا عبد الله هو ابن عمر. وفي (٢١٥٩) قال: حدثنا موسى بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الفزاري، عن عبيد الله. و «البخاري» (١/١٢٠) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله. وفي (٢/٦٩) قال: حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب. وفي (٩/٤٧) قال: حدثنا معلى بن أسد، قال: حدثنا وهيب، عن أيوب وفي (٩/٥١) قال: حدثني عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا صخر بن جويرة.
و «مسلم» (٧/١٥٨) قال: حدثنا أبو الربيع العتكي، وخلف بن هشام، وأبو كامل الحجدري، كلهم عن حماد بن زيد، قال: حدثنا أيوب. وفي (٧/١٥٩) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا موسى بن خالد ختن الفريابي، عن أبي إسحاق الفزاري، عن عبيد الله بن عمر. و «ابن ماجة» (٧٥١) قال: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، قال: أنبأنا عبيد الله بن عمر، و «الترمذي» (٣٨٢٥) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب. و «النسائي» (٢/٥٠) .
وفي الكبرى (٧١٢) قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله. وفي فضائل الصحابة (١٨٤) قال: أخبرنا محمد بن يحيى بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب، قال: حدثني الحارث بن عمير، قال: حدثنا أيوب. و «ابن خزيمة» (١٣٣٠) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عبيد الله.
أربعتهم - أيوب، وعبيد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر العمري، وصخر ابن جويرية - عن نافع، فذكره* الروايات مطولة ومختصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>