للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المزكي، إذ النفي لا يُعلم إلا إذا نفى جرحه بقتل إنسان مثلاً، فقال المعدِّل: رأيته حيًا بعده، وحينئذ يتعارضان.

وقال قوم: إن عدد المعدل إذا زاد، قُدِّم على الجارح، وهو ضعيف، لأن سبب تقدم الجرح إنما هو اطلاع الجارح على مزيد وصف، فلا ينتفي بكثرة العدد.

والتزكية: تكون بالقول (١) أو بالرواية عنه، أو بالعمل بخبره، أو بالحكم بشهادته.

وأعلى هذه الأسباب: صريح القول. وتمامه أن يقول: هو عدل رضي، لأني عرفت منه كيت وكيت، فإن لم يذكر السبب، وكان بصيرًا بشروط العدالة، كفى.

وأما الرواية عن المزكي، فقد اختلف في كونها تعديلاً، والصحيح: أن من عرف من عادته، أو من صريح قوله أنه لا يستجيز الرواية إلا عن عدل، كانت الرواية تعديلاً، وإلا فلا (٢) ، إذ من عادة أكثرهم الرواية عن كل من سمعوه ولو


(١) وتكون باستفاضة عدالته، واشتهاره بالتوثيق والاحتجاج به بين أهل العلم، وشيوع الثناء عليه كالأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة وشعبة والثوري وابن عيينة وابن المبارك والأوزاعي ويحيى بن معين وابن المديني ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر، قال القاضي أبو بكر الباقلاني: الشاهد والمخبر إنما يحتاجان إلى التزكية إذا لم يكونا مشهورين بالعدالة والرضى، وكان أمرهما مشكلاً ملتبساً ومجوزاً فيهما العدالة وغيرها، والدليل على ذلك أن العلم بظهور سرهما، واشتهار عدالتهما أقوى في النفوس من تعديل واحد واثنين يجوز عليهما الكذب والمحاباة.
(٢) الصحيح في هذا ما ذهب إليه ابن الصلاح والنووي والعراقي وغيرهم، من أن رواية الثقة عن شخص لم يعرف حاله لا يكون توثيقاً له، ولو كان الراوي معروفاً بأنه لا يروي إلا عن ثقة، كمالك وشعبة ويحيى القطان، لجواز رواية العدل عن غير العدل، فلم تتضمن روايته عنه تعديله، وكذلك ⦗١٣٠⦘ لا يجزئ التعديل على الابهام من غير تسمية المعدل، فإذا قال: حدثني الثقة، أو نحو ذلك مقتصراً عليه، لم يكتف به على الصحيح حتى يسميه، لأنه وإن كان ثقة عنده فربما لو سماه لكان ممن جرحه غيره بجرح قادح، بل إضرابه عن تسميته ريبة توقع تردداً في القلب، قال السخاوي: من كان لا يروي إلا عن ثقة إلا في النادر: الإمام أحمد، وبقي بن مخلد، وحريز بن عثمان، وسليمان بن حرب وشعبة والشعبي وعبد الرحمن بن مهدي ومالك ويحيى بن سعيد القطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>