وإنما نعني بالقبول: ما يجب العمل به، وبالمردود: ما لا تكليف علينا في العمل به. والأحاديث المخرجة في كتب الأئمة: منها ما هو صحيح، ومنها ما هو سقيم، والفائدة في تخريج ما لا يثبت إسناده، ولا تُعَدَّل رواته، أن الجرح والتعديل مختلف فيهما.
ومن الأئمة من رأى الاحتجاج بالأحاديث المتكلم فيها، ومنهم من أبطلها.
والأصل فيه: الاقتداء بالأئمة الماضين، فإنهم كانوا يحدثون عن الثقات وغيرهم، فإذا سئلوا عنهم، بيَّنوا حالهم.
ألا ترى أن مالك بن أنس إمام أهل الحجاز بلا مدافعة، قد روى عن عبد الكريم بن أبي المخارق، أبي أمية البصري وغيره ممن تكلموا فيه.
ثم الإمام محمد بن إدريس الشافعي إمام أهل الحجاز بعد مالك، روى عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي وغيره من المجروحين، والإمام أبا حنيفة إمام أهل الكوفة، روى عن جابر بن زيد الجعفي، وغيره من المجروحين، ثم بعده أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، ومحمد بن الحسن الشيباني رويا عن الحسن بن عمارة وغيره من المجروحين، وكذلك من بعد هؤلاء من أئمة المسلمين قرنًا بعد قرن، لم يخل حديث إمام من الأئمة عن مطعون فيه من المحدثين والأئمة.
وفي ذلك غرض ظاهر، وهو أن يعرفوا الحديث من أين مَخْرجه، وأن المنفرد به مجروح أو عدل.