للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٥٣ - (خ م ط د س) عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إنَّ مَولاةَ أسماء بنت أبي بكرٍ أخْبرته قالت: جئنا مع أسماءَ بنتِ أبي بكر -رضي الله عنهما- مِنى بغَلَسٍ، قالتْ: فقلتُ لها: لقد جئْنا مِنى بغَلَس، فقالت: قد كُنَّا نصنعُ ذلك مع مَنْ هو خَيْرٌ منْكِ» . أخرجه الموطأ والنسائى. ⦗٢٦٥⦘

وأخرج أبو داود: قال عطاء: أخْبَرَني مُخْبِرٌ عن أسماءَ: «أنها رمَتِ الجمرةَ، قُلْتُ (١) : إنَّا رمَيْنا الجمرة بلَيلٍ، قالت (٢) : إنَّا كُنا نَصْنَعُ هذا على عهد رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-» .

وقد أخرج البخاري ومسلم والموطأ والنسائي هذا المعنى بزيادةٍ عن عبد الله مولى أسماءَ (٣) ، «أنها نَزَلت ليلةَ جَمْعٍ عند المُزْدلفة، فقامتْ تُصلِّي، فَصَلَّتْ ساعَةً، ثم قالت: يا بُنيَّ، هل غَابَ القمرُ؟ قُلْتُ: لا، ثم صَلَّتْ ساعَةً، ثم قالت: هل غَابَ القمر؟ فقلت: نعم، قالت: فارتحِلوا (٤) ، فَارْتحَلنا، فمضينا، حتى رَمَتِ الجمرة، ثم رَجَعَتْ، فصَلَّت الصبحَ في منزلها، فقلت لها: يا هَنْتاهُ (٥) ، مَا أُرَانا إلا قد غَلَّسْنَا، قالت: يا بُنيَّ، إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قد أذنَ للظُّعن» وفي رواية (٦) «قد أذنَ لِظُعُنِهِ» . وهي التي أخرجها الموطأ (٧) . ⦗٢٦٦⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الظُّعُن) : جمع ظعينة: وهي المرأة ما دامت في الهودج. ⦗٢٦٧⦘

(والظَّعائن) : الهوادج على الجمال، كان فيها النساء أو لم يكُنَّ، وهو أيضاً جمع ظعينة للمرأة.


(١) القائل ذلك المخبر.
(٢) يعني أسماء.
(٣) قال الحافظ في " الفتح " ٣ / ٤٢١ هو ابن كيسان المدني، يكنى أبا عمر، ليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وآخر سيأتي في أبواب العمرة.
(٤) في رواية مسلم: ارحل بي.
(٥) يعني: يا هذه.
(٦) هي عند مسلم رقم (١٢٩١) .
(٧) أخرجه البخاري ٣ / ٤٢١ في الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل، ومسلم رقم (١٢٩١) في الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن، والموطأ ١ / ٣٩١ في الحج، باب تقديم النساء والصبيان، وأبو داود رقم (١٩٤٣) في المناسك، باب التعجيل في جمع، والنسائي ٥ / ٢٦٦ في الحج، ⦗٢٦٦⦘ باب الرخصة للضعفة أن يصلوا يوم النحر الصبح بمنى ... .
قال الحافظ في " الفتح ": واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي قبل طلوع الشمس عند من خص التعجيل بالضعفة وعند من لم يخصص. وخالف في ذلك الحنفية فقالوا: لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، فإن رمى قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر جاز، وإن رماها قبل الفجر أعادها، وبهذا قال أحمد، وإسحاق، والجمهور، وزاد إسحاق: ولا يرميها قبل طلوع الشمس، وبه قال النخعي ومجاهد والثوري وأبو ثور، ورأى جواز ذلك قبل طلوع الفجر عطاء وطاوس والشعبي والشافعي، واحتج الجمهور بحديث ابن عمر الماضي (رقم ١٥٥٣ عندنا) واحتج إسحاق بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغلمان بني عبد المطلب: " لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " وهو حديث حسن. قال: وإذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس، فمن لم يرخص له أولى. واحتج الشافعي بحديث أسماء هذا، ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس، بحمل الأمر في حديث ابن عباس على الندب، ويؤيده ما أخرجه الطحاوي من طريق شعبة مولى ابن عباس عنه قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله وأمرني أن أرمي مع الفجر. وقال ابن المنذر: السنة أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر، لأن فاعله مخالف للسنة، ومن رمى حينئذ فلا إعادة عليه، إذ لا أعلم أحداً قال: لا يجزئه، واستدل به أيضاً على إسقاط الوقوف بالمشعر الحرام عن الضعفة، ولا دلالة فيه؛ لأن رواية أسماء ساكتة عن الوقوف، وقد بينه برواية ابن عمر التي قبلها. وقد اختلف السلف في هذه المسألة فكان بعضهم يقول: من مر بمزدلفة فلم ينزل بها فعليه دم، ومن نزل بها ثم دفع منها في أي وقت كان من الليل فلا دم عليه ولو لم يقف مع الإمام. وقال مجاهد وقتادة والزهري والثوري: من لم يقف بها فقد ضيع نسكاً وعليه دم، وهو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وروي عن عطاء. وبه قال الأوزاعي: لا دم عليه مطلقاً، وإنما هو منزل، من شاء نزل به، ومن شاء لم ينزل به.
قال الحافظ: وذهب ابن بنت الشافعي وابن خزيمة إلى أن الوقوف بها ركن لا يتم الحج إلا به، وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه، ونقله ابن المنذر عن علقمة والنخعي، والعجب أنهم قالوا: من لم يقف بها فاته الحج، ويجعل إحرامه عمرة، واحتج الطحاوي بأن الله لم ⦗٢٦٧⦘ يذكر الوقوف وإنما قال: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام} ، وقد أجمعوا على أن من وقف بها بغير ذكر أن حجه تام، فإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ليس من صلب الحج، فالموطن الذي يكون الذكر فيه أحرى أن لا يكون فرضاً، قال: وما احتجوا به من حديث عروة بن مضرس رفعه قال: " من شهد معنا صلاة الفجر بالمزدلفة وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه " لإجماعهم أنه لو بات بها ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته أن حجه تام. اهـ. وحديث عروة أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم، ولفظ أبي داود عنه: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف - يعني بجمع - قلت جئت: يا رسول الله من جبل طيئ فأكللت مطيتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه ". وللنسائي " من أدرك جمعاً مع الإمام والناس حتى يفيضوا فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الإمام والناس، فلم يدرك " ولأبي يعلى " ومن لم يدرك جمعاً فلا حج له ". وقد صنف أبو جعفر العقيلي جزءاً في إنكار هذه الزيادة، وبين أنها من رواية مطرف عن الشعبي عن عروة، وأن مطرفاً يهتم في المتون، وقد ارتكب ابن حزم الشطط، فزعم أنه من لم يصل صلاة الصبح بمزدلفة مع الإمام أن الحج يفوته التزاماً لما ألزمه به الطحاوي، وعند الحنفية: يجب بترك الوقوف بها دم لمن ليس به عذر، ومن جملة الأعذار عندهم الزحام.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٦/٣٤٧) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. وفي (٦/٣٥١) قال: حدثنا محمد بن بكر. (ح) وحدثنا روح. والبخاري (٢/٢٠٢) قال: حدثنا مسدد، عن يحيى. ومسلم (٤/٧٧) قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال: حدثنا يحيى وهو القطان. (ح) وحدثنيه علي ابن خشرم، قال: أخبرنا عيسى بن يونس. وابن خزيمة (٢٨٨٤) قال: حدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا يحيى (ح) وحدثنا محمد بن مَعمر، قال: حدثنا محمد.
أربعتهم- يحيى، ومحمد بن بكر، وروح، وعيسى بن يونس- عن ابن جريج، عن عبد الله مولى أسماء، فذكره.
ورواه أيضا عن أسماء مخبر:
أخرجه أبو داود (١٩٤٣) قال: حدثنا محمد بن خلاد الباهلي، قال: حدثنا يحيى، عن ابن جريج. قال: أخبرني عطاء. قال: أخبرني مخبر، فذكره.
* أخرجه مالك «الموطأ» (٢٥٤) . والنسائي (٥/٢٦٦) قال: أخبرنا محمد بن سلمة. قال: أنبأنا ابن القاسم. قال: حدثني مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عطاء بن أبي رباح، أن مولىَ لأسماء بنت أبي بكر أخبره. قال: جئت مع أسماء بنت أبي بكر مِنى بغلس. فقلت لها: لقد جئنا منى بغَلَس. فقالت: قد كنا نصنع هذا مع من هو خير منكَ.
* في رواية «الموطأ» : «أن مولاة لأسماء بنت أبي بكر أخبرته» .

<<  <  ج: ص:  >  >>